قهوة الصباح

إعادة ترتيب أثاث الخطاب

| سيد ضياء الموسوي

يجب‭ ‬ألا‭ ‬ننهزم‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬خطاب‭ ‬متورم،‭ ‬بل‭ ‬نسعى‭ ‬لصناعة‭ ‬التنوير‭ ‬بأفكار‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬وجع‭ ‬الناس،‭ ‬وتفكك‭ ‬الأحزمة‭ ‬الفكرية‭ ‬المفخخة‭ ‬والمتكدسة‭ ‬في‭ ‬العقول،‭ ‬أو‭ ‬علها‭ ‬تلقت‭ ‬أي‭ ‬قنبلة‭ ‬عالقة‭ ‬بضفيرتي‭ ‬طفلة‭ ‬أو‭ ‬جناح‭ ‬حمامة‭ ‬أو‭ ‬حقيبة‭ ‬في‭ ‬قطار‭ ‬مثقل‭ ‬بمدنيين،‭. . . ‬لتحيلها‭ ‬إلى‭ ‬فراشة‭ ‬زرقاء،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬إسلامي‭ ‬مثقل‭ ‬بالوجع‭ ‬والأفكار‭ ‬المفخخة‭ ‬المستيقظة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬المعبأ‭ ‬بالنرجسية‭ ‬والكبرياء،‭ ‬عالم‭ ‬مهووس‭ ‬بالموت‭ ‬والقبر‭ ‬والزنزانة،‭ ‬متناسيا‭ ‬أن‭ ‬خلف‭ ‬الزنزانة‭ ‬حديقة‭ ‬وقبلة‭ ‬وحبا‭ ‬وحياة‭. ‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نستبدل‭ ‬الخطاب‭ ‬المفخخ‭ ‬لخطاب‭ ‬منفتح‭ ‬على‭ ‬الحياة،‭ ‬وأن‭ ‬نسعى‭ ‬لأن‭ ‬نحول‭ ‬مسدس‭ ‬الشاب‭ ‬المغرر‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬وردة‭ ‬حب‭ ‬يقدمها‭ ‬للشعوب‭ ‬الأخرى،‭ ‬والأمم‭ ‬الحالمة‭ ‬بمضاجعة‭ ‬النجوم‭ ‬والطامحة‭ ‬وللاستقرار‭ ‬على‭ ‬جبين‭ ‬الشمس؛‭ ‬محاولة‭ ‬لتحويل‭ ‬القنبلة‭ ‬إلى‭ ‬قبلة،‭ ‬والخنجر‭ ‬إلى‭ ‬نهر،‭ ‬والرصاص‭ ‬إلى‭ ‬باقة‭ ‬ورد‭.‬

المحاولة‭ ‬صعبة،‭ ‬وطالما‭ ‬اتهمت‭ ‬بالمثالية،‭ ‬ولكني‭ ‬مؤمن‭ ‬بمبدأ‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬حق‭ ‬لكل‭ ‬البشرية،‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬له‭ ‬حق‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬وأن‭ ‬يسبح‭ ‬في‭ ‬بحيرة‭ ‬الحقوق،‭ ‬وأن‭ ‬مدعي‭ ‬الحقيقة‭ ‬المطلقة،‭ ‬أيًّا‭ ‬يكن‭ ‬حامضهم‭ ‬النووي‭ ‬هم‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬تضييع‭ ‬فضاء‭ ‬العالم‭ ‬ومحاولتهم‭ ‬تسير‭ ‬باتجاه‭ ‬جعل‭ ‬الكون‭ ‬مقيدا‭ ‬داخل‭ ‬ثقب‭ ‬إبرة،‭ ‬وتحويل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬الواسع‭ ‬إلى‭ ‬فروة‭ ‬حذاء‭. ‬

المؤدلج‭ ‬المتشدد‭ ‬هو‭ ‬الخطر‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬أكان‭ ‬مسيحيا‭ ‬أو‭ ‬يهوديا‭ ‬أو‭ ‬مسلما‭ ‬أو‭ ‬بوذيا‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقلل‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬تورم‭ ‬الخطاب،‭ ‬ونسعى‭ ‬لتوصيل‭ ‬الرسائل‭ ‬الإيجابية‭ ‬المتبادلة‭ ‬لخلق‭ ‬مناخ‭ ‬يعيد‭ ‬الفرح،‭ ‬وأن‭ ‬نؤسس‭ ‬لعلاقة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تفكيك‭ ‬تلك‭ ‬الرؤية‭ ‬ذات‭ ‬الشعارات‭ ‬القاتلة‭ ‬إلى‭ ‬شعارات‭ ‬وطنية،‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬أجواء‭ ‬الخير،‭ ‬وتخدم‭ ‬حاجات‭ ‬الناس،‭ ‬وتحفز‭ ‬هطول‭ ‬المطر‭. ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬الهمس،‭ ‬ولا‭ ‬دس‭ ‬الوجه‭ ‬في‭ ‬الوحل‭ ‬أو‭ ‬الاختباء‭ ‬وراء‭ ‬إصبع؛‭ ‬هذا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هدفنا‭ ‬أن‭ ‬ننقذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬ذهبوا‭ ‬حطبا‭ ‬للمحارق،‭ ‬ومواجهة‭ ‬الخطابات‭ ‬المتشظية‭ ‬المسكونة‭ ‬بالرومانسية‭ ‬السياسية‭.‬

لا‭ ‬يكفي‭ ‬كاتب‭ ‬واحد،‭ ‬ولا‭ ‬سيد‭ ‬واحد،‭ ‬ولا‭ ‬دكتور‭ ‬واحد‭ ‬ولا‭ ‬فنان‭ ‬واحد‭ ‬ليكون‭ ‬إيقاع‭ ‬صوت‭ ‬العقل‭ ‬هو‭ ‬الأعلى،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تحرك‭ ‬الجميع‭ ‬لبناء‭ ‬الوطن‭ ‬ودعم‭ ‬الوطن‭ ‬والقيادة‭ ‬والمجتمع‭ ‬وحلحلة‭ ‬الملفات‭. ‬

كلمة‭ ‬أقولها‭ ‬للتاريخ؛‭ ‬سماحة‭ ‬السيد‭ ‬بين‭ ‬خيارين‭: ‬إما‭ ‬تعليق‭ ‬الأجراس،‭ ‬وإنقاذ‭ ‬أسماك‭ ‬الزينة‭ ‬من‭ ‬سمك‭ ‬قرشِ‭ ‬الأحزان‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬للبحر‭ ‬إخفاءَ‭ ‬قناديله،‭ ‬فيركن‭ ‬للسكون‭. ‬فهل‭ ‬يضع‭ ‬السيدُ‭ ‬معطفَه‭ ‬على‭ ‬كتفه،‭ ‬ويتكئ‭ ‬على‭ ‬عصاه،‭ ‬ليخرجَ‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬الخلفي‭ ‬للغياب،‭ ‬ويعود‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬الخلاص،‭ ‬كاسرا‭ (‬خطاب‭ ‬القطيعة‭) ‬الذي‭ ‬ضيع‭ ‬العباد‭ ‬وراكم‭ ‬الأوجاع‭ ‬لأجيال،‭ ‬واضعا‭ ‬يده‭ ‬بيد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬منتصرا‭ ‬للوطن‭ ‬والأمل؟‭ ‬

أعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خطاب‭ ‬تعبئة‭ ‬مفخخ‭ ‬عكسي‭ ‬متواصل‭ ‬ضد‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬وخطاب‭ ‬الاعتدال‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هدفنا‭ ‬هو‭ ‬صناعة‭ ‬أمل،‭ ‬وفرصة‭ ‬كموقف‭ ‬إنساني،‭ ‬ولكن‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬حجم‭ ‬التشويه‭ ‬الذي‭ ‬يمارس،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعزز‭ ‬الثقة،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نشكر‭ ‬القيادة،‭ ‬وأن‭ ‬نسعى‭ ‬لخلق‭ ‬أجواء‭ ‬إيجابية،‭ ‬ونواجه‭ ‬أي‭ ‬خطاب‭ ‬تشكيكي‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬تدخل‭ ‬إقليمي‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬بوابات‭ ‬التفافية‭ ‬لدحض‭ ‬أي‭ ‬بادرة‭ ‬أمل‭.‬

يجب‭ ‬إعادة‭ ‬ترسيخ‭ ‬الخطاب‭ ‬الجميل‭ ‬الواعي‭ ‬للشيخ‭ ‬سليمان‭ ‬المدني،‭ ‬والشيخ‭ ‬عبدالأمير‭ ‬الجمري،‭ ‬والشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬خلف‭ ‬العصفور‭ ‬والشيخ‭ ‬عبداللطيف‭ ‬المحمود،‭ ‬وغيرهم‭ ‬والشخصيات‭ ‬الوطنية‭ ‬الوسطية‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الأجواء‭ ‬الإيجابية‭. ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬مهم،‭ ‬والأمل‭ ‬أن‭ ‬يتسع‭ ‬عددا‭ ‬أكثر‭. ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬قائد‭ ‬الإنسانية‭ ‬أبي‭ ‬سلمان‭. ‬أقول‭ ‬للوسطيين‭: ‬اصنعوا‭ ‬الأجواء‭ ‬الإيجابية‭ ‬لننعم‭ ‬بالفرح‭ ‬أكثر‭. ‬ساهموا‭ ‬كتابة،‭ ‬وفي‭ ‬توعية‭ ‬الناس‭ ‬بما‭ ‬يخدمهم‭ ‬ويخدم‭ ‬الوطن،‭ ‬فالنهر‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬قطرات،‭ ‬وقطرة‭ ‬قطرة‭ ‬وتمتلئ‭ ‬الساقية‭.‬