إجراءات التحكيم

| د. عبدالقادر ورسمه

إن‭ ‬الوصول‭ ‬لمرحلة‭ ‬إجراءات‭ ‬سماع‭ ‬التحكيم‭ ‬يعتبر‭ ‬خطوة‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬سير‭ ‬إجراءات‭ ‬التحكيم‭ ‬حتى‭ ‬الفصل‭ ‬النهائي،‭ ‬وإجراءات‭ ‬السماع‭ ‬هي‭ ‬الخطوة‭ ‬المناسبة‭ ‬لكل‭ ‬أطراف‭ ‬التحكيم‭ ‬لتقديم‭ ‬وعرض‭ ‬ما‭ ‬عندهم‭ ‬من‭ ‬دعاوى‭ ‬أو‭ ‬دفاع‭ ‬أو‭ ‬مطالبات‭ ‬متقابلة‭. ‬وعلى‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬إرسال‭ ‬إخطار‭ ‬حضور‭ ‬السماع‭ ‬للأطراف‭ ‬وذلك‭ ‬مع‭ ‬تحديد‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬مناسبة‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬إعداد‭ ‬أنفسهم‭ ‬والتجهيز‭ ‬للظهور‭ ‬في‭ ‬الزمان‭ ‬وفي‭ ‬المكان‭ ‬المحددين‭. ‬

غالبا‭ ‬يكون‭ ‬المكان‭ ‬هو‭ ‬مقر‭ ‬مركز‭ ‬التحكيم،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬ربما‭ ‬يتفق‭ ‬الأطراف‭ ‬مع‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬على‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬مقبول‭ ‬للأطراف‭ ‬والهيئة‭ ‬ومعد‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬ومناسب‭ ‬للتحكيم،‭ ‬ومن‭ ‬الأفضل‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬وعدم‭ ‬اختيار‭ ‬موقع‭ ‬أحد‭ ‬أطراف‭ ‬الدعوى‭ ‬أو‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأماكن،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬توضيح‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬سلطات‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ (‬المحكم‭) ‬اختيار‭ ‬وتحديد‭ ‬مكان‭ ‬التحكيم‭ ‬وتاريخ‭ ‬ومواعيد‭ ‬السماع‭.‬

وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬زمن‭ ‬مناسب‭ ‬ومقبول‭ ‬لجميع‭ ‬الأطراف‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم؛‭ ‬وذلك‭ ‬نظرا‭ ‬للارتباطات‭ ‬والجداول‭ ‬المزدحمة‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭. ‬وفي‭ ‬العادة‭ ‬تتمثل‭ ‬الصعوبة‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬الأول؛‭ ‬نظرا‭ ‬لوجود‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أو‭ ‬بلدان‭ ‬متعددة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الصعوبة‭ ‬قد‭ ‬تقل‭ ‬ويذوب‭ ‬بعض‭ ‬الجليد‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬ماثلون‭ ‬أمام‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭. ‬ولتجاوز‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الصعوبات،‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الأمثل‭ ‬تحديد‭ ‬وقت‭ ‬كافٍ‭ ‬للجلسة‭ ‬الأولى‭ ‬يراعي‭ ‬ظروف‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬وبلدان‭ ‬متعددة‭. ‬

ومن‭ ‬التجربة،‭ ‬نقول‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬انتهاز‭ ‬فرصة‭ ‬وجود‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬أمامها‭ ‬ليتم‭ ‬وضع‭ ‬جدول‭ ‬زمني‭ ‬متكامل‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬سماع‭ ‬الدعوى‭ ‬حتى‭ ‬مرحلة‭ ‬إصدار‭ ‬قرار‭ ‬التحكيم‭ ‬النهائي،‭ ‬وهذا‭ ‬الجدول‭ ‬الزمني‭ ‬من‭ ‬المستحسن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬محتواه‭ ‬وتواريخه‭ ‬بواسطة‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬والتوقيع‭ ‬عليه‭.‬

ويجب‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الجدول‭ ‬الزمني‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬يقع‭ ‬داخل‭ ‬إطار‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬المحددة‭ ‬للتحكيم‭ ‬وإصدار‭ ‬القرار‭ ‬النهائي‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬والنظام‭ ‬المعني،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬التعديل‭ ‬لاحقا،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الطعن‭ ‬بالنقض‭ ‬لتجاوز‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬المحددة،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مسببات‭ ‬الطعن‭ ‬بنقض‭ ‬حكم‭ ‬التحكيم‭. ‬وفي‭ ‬وضع‭ ‬هذا‭ ‬الجدول‭ ‬الزمني‭ ‬تلعب‭ ‬خبرة‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬إعداده‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬الأطراف،‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال،‭ ‬فإن‭ ‬السلطة‭ ‬ترجع‭ ‬للهيئة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬تواريخ‭ ‬محددة‭ ‬وإلزام‭ ‬الأطراف‭ ‬بها‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬شعرت‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬بأن‭ ‬أحد‭ ‬الأطراف‭ ‬غير‭ ‬جاد‭ ‬أو‭ ‬يحاول‭ ‬التلاعب‭ ‬بالزمن‭ ‬دون‭ ‬مبررات‭.‬

إعلان‭ ‬الأطراف‭ ‬للسماع‭ ‬أمر‭ ‬مهم،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الإعلان‭ ‬وفق‭ ‬الإجراءات‭ ‬السليمة‭ ‬وإلا‭ ‬فإنه‭ ‬سيفقد‭ ‬قيمته؛‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬لم‭ ‬يعلن‭ ‬إعلانا‭ ‬صحيحا‭ ‬ووفق‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭. ‬ونذكر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإجراءات‭ ‬الجمعية‭ ‬الأميركية‭ ‬للتحكيم‭ (‬أي‭ ‬أي‭ ‬أي‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬تشترط‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬التحكيم‭ ‬منح‭ ‬الأطراف‭ ‬مدة‭ ‬زمنية‭ ‬مقدارها‭ ‬شهر‭ ‬على‭ ‬الأقل؛‭ ‬ولذا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الإعلان‭ ‬التقيد‭ ‬بهذا‭ ‬الشرط‭ ‬الآمر‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬في‭ ‬اللوائح‭ ‬الأخرى‭. ‬نواصل‭..‬