لنقترب أكثر

| د.حورية الديري

من‭ ‬الدروس‭ ‬القيّمة‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬مستوى‭ ‬ثقافة‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬ذلك‭ ‬الإرث‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تنقله‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬بأنواعها‭ ‬الرسمية‭ ‬والمؤسسية‭ ‬والعائلية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬محفلاً‭ ‬رمضانيًا‭ ‬سنويًا،‭ ‬يجتمع‭ ‬فيه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬بضيافة‭ ‬أصحاب‭ ‬أحد‭ ‬المجالس‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬بإحياء‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬الأصيلة‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬مستوى‭ ‬الترابط‭ ‬والتلاحم‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬قيم‭ ‬المودة‭ ‬والمحبة‭ ‬والتعايش‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬والانسجام‭.‬

وفي‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬شهدت‭ ‬هذه‭ ‬المجالس‭ ‬تطورًا‭ ‬ملوحظًا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬إذ‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬منصات‭ ‬ثقافية‭ ‬لتبادل‭ ‬الأحاديث‭ ‬ونقل‭ ‬الخبرات‭ ‬والتجارب‭ ‬بين‭ ‬مرتاديها‭ ‬الذين‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬الاستعداد‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬وباقترابنا‭ ‬أكثر‭ ‬لتدارس‭ ‬ما‭ ‬يحمله‭ ‬هذا‭ ‬الموروث‭ ‬الحضاري‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬سنجده‭ ‬أكبر‭ ‬محفل‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬قصص‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬ويصنع‭ ‬جسرًا‭ ‬من‭ ‬التلاقي‭ ‬بينها‭ ‬كي‭ ‬تحملها‭ ‬الأجيال‭ ‬معهم‭ ‬نبراسًا‭ ‬يتدارسونها‭ ‬عبر‭ ‬محطاتهم‭ ‬التاريخية‭ ‬بما‭ ‬تحمل‭ ‬من‭ ‬أمجاد‭ ‬يتفاخرون‭ ‬بها‭ ‬ويقتدون،‭ ‬ومنها‭ ‬يرسمون‭ ‬مستقبلهم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬دون‭ ‬واقع‭ ‬متسلسل‭ ‬الأحداث،‭ ‬أساسه‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬جذوره‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬رسخ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والموروثات‭ ‬ذات‭ ‬الأثر‭ ‬المستدام‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زمان،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يكمن‭ ‬السر‭ ‬الذي‭ ‬حاول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬الكشف‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬تداعيات‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الأجيال،‭ ‬إذ‭ ‬اسمحوا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أقول‭: ‬“لنقترب‭ ‬أكثر”‭.. ‬كما‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬فكما‭ ‬نعيش‭ ‬تجهيزاته‭ ‬ويومياته،‭ ‬فقد‭ ‬استطعنا‭ ‬ونحن‭ ‬نواجه‭ ‬أكبر‭ ‬جائحة‭ ‬عالمية‭ ‬أن‭ ‬نوظف‭ ‬كل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬والبدائل‭ ‬المتاحة‭ ‬كي‭ ‬نحافظ‭ ‬على‭ ‬تواصلنا‭ ‬الفعال‭ ‬مع‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يأخذنا‭ ‬الحديث‭ ‬ناحية‭ ‬التميز‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬وإطلاق‭ ‬“مجلس‭ ‬البلاد‭ ‬الرمضاني”،‭ ‬حيث‭ ‬عززت‭ ‬صحيفة‭ ‬“البلاد”‭ ‬مفهوم‭ ‬استمرار‭ ‬التواصل‭ ‬الرمضاني‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬عبر‭ ‬زيارات‭ ‬افتراضية‭ ‬دورية‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬المجالس‭ ‬المعروفة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المحافظات،‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬مناقشة‭ ‬القضايا‭ ‬ذات‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬مفهوم‭ ‬إحياء‭ ‬هذا‭ ‬الموروث‭ ‬التاريخي‭ ‬الجميل‭ ‬بأسلوب‭ ‬معاصر‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الظروف،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعمق‭ ‬روح‭ ‬الأصالة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الجميع،‭ ‬ويبقيها‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬الأجيال‭ ‬تترصد‭ ‬مضامينها‭ ‬الإيجابية‭ ‬لصناعة‭ ‬عبقها‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬به‭ ‬تسمو‭ ‬وتفتخر‭.‬