حديث المجالس بين “البلاد” و”الحواج”

| د. عبدالله الحواج

كنت‭ ‬دائمًا‭ ‬أحرص‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تناولي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقام‭ ‬منحصرًا‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬وكنت‭ ‬أفضّل‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬شخصي،‭ ‬أو‭ ‬ذاتي،‭ ‬حتى‭ ‬جاءت‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬حيّرتني‭ ‬وأنا‭ ‬أحاول‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬والدي‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬الحواج‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬الصديق‭ ‬العزيز‭ ‬الوزير‭ ‬الأسبق‭ ‬عبدالنبي‭ ‬الشعلة‭ ‬ليرفع‭ ‬عني‭ ‬الحرج،‭ ‬ويخرجني‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬التحفظ‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬الانطلاق،‭ ‬وقرّر‭ ‬مع‭ ‬زملائه‭ ‬من‭ ‬النخب‭ ‬الصحفية‭ ‬المعتبرة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مجلس‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬الحواج‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬استضافة‭ ‬صحيفة‭ ‬البلاد‭ ‬الغراء،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬العائلة‭ ‬والمتابعون‭ ‬والرواد‭ ‬المبجلون‭ ‬للمجلس‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬سيتحدثون،‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬سيتعاطون‭ ‬مع‭ ‬الفكرة،‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬سيأتون‭ ‬إلينا‭ ‬عبر‭ ‬تقنية‭ ‬“الأون‭ ‬لاين”‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والكويت‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين‭ ‬طبعًا‭.‬

ولا‭ ‬أخفي‭ ‬عليكم‭ ‬سرًّا‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬موغل‭ ‬في‭ ‬السعادة‭ ‬الغامرة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬اللفيف‭ ‬الذي‭ ‬كنت‭ ‬متشوّقًا‭ ‬إليه‭ ‬قد‭ ‬حضر،‭ ‬وشارك‭ ‬وتحدّث،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الصديق‭ ‬العزيز‭ ‬ورفيق‭ ‬الدروب‭ ‬جميعها‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬والأكاديمي‭ ‬السعودي‭ ‬المعروف،‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬صادق‭ ‬دحلان‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬المساهمين‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية،‭ ‬ورئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬جامعة‭ ‬الأعمال‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬بجدة‭ ‬في‭ ‬الشقيقة‭ ‬السعودية،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬التواصل‭ ‬في‭ ‬المنتدى‭ ‬المشترك،‭ ‬رفيق‭ ‬أول‭ ‬ضربة‭ ‬بداية‭ ‬لفكرة‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬الأكاديمي‭ ‬السعودي‭ ‬المعروف‭ ‬البروفيسور‭ ‬بكر‭ ‬أحمد‭ ‬حسن،‭ ‬وكم‭ ‬كنت‭ ‬حزينًا‭ ‬أننا‭ ‬افتقدنا‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬رفيقنا‭ ‬الثالث‭ ‬وهو‭ ‬رجل‭ ‬الصناعة‭ ‬والأعمال‭ ‬السعودي‭ ‬البارع‭ ‬الراحل‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬حمد‭ ‬المعجل‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬الذي‭ ‬وافته‭ ‬المنية‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬مروري‭ ‬مروّع‭.‬

رغم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬كنت‭ ‬سعيدًا‭ ‬بالتجاوب‭ ‬إلكترونيًّا‭ ‬مع‭ ‬الحدث،‭ ‬وشعرت‭ ‬بأن‭ ‬أمتنا‭ ‬مازالت‭ ‬بخير،‭ ‬وأننا‭ ‬رغم‭ ‬الجائحة‭ ‬الكونية‭ ‬المريعة‭ ‬مازلنا‭ ‬نلتقي‭ ‬ولو‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬ورغم‭ ‬التفشي‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬تحركنا‭ ‬عبر‭ ‬الفضاء‭ ‬وانطلقنا،‭ ‬تركنا‭ ‬الأرض‭ ‬وما‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬سفن‭ ‬سحابية‭ ‬أثيرية‭ ‬فائقة‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬تحدثنا‭ ‬وجهًا‭ ‬لوجه،‭ ‬استمع‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬للآخر،‭ ‬ورحّب‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬بالآخر،‭ ‬احتضنا‭ ‬أفكارنا،‭ ‬تبادلنا‭ ‬مدارس‭ ‬معلوماتنا،‭ ‬وتفاهمنا‭ ‬حول‭ ‬جميع‭ ‬الملفات‭.‬

مجلس‭ ‬“الحواج”‭ - ‬“البلاد”‭ ‬الرمضاني‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كبقية‭ ‬المجالس‭ ‬السابقة،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬واجه‭ ‬التحدي‭ ‬الوبائي‭ ‬الكبير،‭ ‬واستفاد‭ ‬من‭ ‬البنية‭ ‬الأساسية‭ ‬التكنولوجية‭ ‬التي‭ ‬وفرتها‭ ‬الدولة‭ ‬لنا،‭ ‬وتمكّن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المهاريين‭ ‬والخبراء‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬مضامير‭ ‬التقنية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ملء‭ ‬السمع‭ ‬والبصر،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الحدث،‭ ‬وفي‭ ‬قلب‭ ‬منتصف‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬تمكّنا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ندلي‭ ‬بدلونا‭ ‬حول‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تقريبًا،‭ ‬وتمكّن‭ ‬المشاركون‭ ‬معنا،‭ ‬والمسئولون‭ ‬عنا،‭ ‬والمحبون‭ ‬لفكرتنا‭ ‬أن‭ ‬يتعاطوا‭ ‬مع‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬وكأنه‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬معضلة‭ ‬الشمول‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وكأنه‭ ‬الانطلاق‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الصندوق‭ ‬الرهيب‭ ‬المغلق،‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق‭ ‬المهيب‭ ‬المفتوح،‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬باء‭ ‬فكرة،‭ ‬إلى‭ ‬لا‭ ‬نهائية‭ ‬الهدف‭ ‬والمصير‭.‬

تحدثنا‭ ‬جميعًا،‭ ‬تحدث‭ ‬الأخوة‭ ‬أعمدة‭ ‬عائلة‭ ‬“الحواج”‭ ‬الكرام،‭ ‬وتحدّث‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬دار‭ ‬البلاد‭ ‬العزيز‭ ‬عبدالنبي‭ ‬الشعلة‭ ‬بكل‭ ‬الحب‭ ‬عنا،‭ ‬وعن‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬التواق،‭ ‬وتحدثت‭ ‬الدكتورة‭ ‬الفاضلة‭ ‬جواهر‭ ‬المضحكي‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لضمان‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬والأخ‭ ‬العزيز‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالغني‭ ‬الشويخ‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬د‭. ‬ماجد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬النعيمي،‭ ‬وتحدث‭ ‬مباشرة‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬اللفيف‭ ‬المعتبر‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬وشئون‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬جميل‭ ‬حميدان،‭ ‬وتحدّث‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬أكنُّ‭ ‬له‭ ‬بالفضل‭ ‬الكبير‭ ‬والفهم‭ ‬الراقي‭ ‬لرسالة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬وهو‭ ‬الصديق‭ ‬فاروق‭ ‬يوسف‭ ‬خليل‭ ‬المؤيد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬مباشرة‭ ‬مساندته‭ ‬الأبدية‭ ‬لمشروع‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية،‭ ‬ناهيك‭ ‬طبعًا‭ ‬عن‭ ‬الصديق‭ ‬ورفيق‭ ‬الدرب‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬صادق‭ ‬دحلان‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬زيادة‭ ‬حصته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التسريع‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬حرم‭ ‬الجامعة‭ ‬بمدينة‭ ‬سلمان،‭ ‬جاء‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬بردًا‭ ‬وسلامًا‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬الفكرة‭ ‬ليثبت‭ ‬بأن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬منها‭ ‬أول‭ ‬المدارس‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬وهي‭ ‬“الهدايا‭ ‬الخليفية”‭ ‬قادرة‭ ‬بأن‭ ‬تصبح‭ ‬مركزًا‭ ‬إشعاعيًّا‭ ‬للمنطقة‭ ‬بأسرها،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬تحققه‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬البعيد‭ ‬أصبح‭ ‬قابلًا‭ ‬للاستنساخ‭ ‬خلال‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭.‬

شكرًا‭ ‬لصحيفة‭ ‬البلاد‭ ‬وشكرًا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬آمن‭ ‬بأننا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تحدي‭ ‬الجائحة،‭ ‬وأننا‭ ‬أعمق‭ ‬من‭ ‬سطوح‭ ‬المواجهة،‭ ‬وأننا‭ ‬أقدر‭ ‬من‭ ‬يكون‭ ‬بحجم‭ ‬قداسة‭ ‬الحياة‭.‬