زبدة القول

العقوبات البديلة تعبر عن فكر إنساني متقدم

| د. بثينة خليفة قاسم

يعد‭ ‬تطبيق‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬“العقوبات‭ ‬البديلة”‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬فكر‭ ‬إنساني‭ ‬متقدم‭ ‬جدا،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬المحصلة‭ ‬النهائية‭ ‬يحقق‭ ‬مصلحة‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع‭ ‬ويأخذ‭ ‬بيد‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يقضي‭ ‬العقوبة‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬ويعيد‭ ‬للمجتمع‭ ‬شخصا‭ ‬جديدا‭ ‬مؤهلا‭ ‬ليمارس‭ ‬دوره‭ ‬الطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬عائلته‭ ‬والمجتمع‭ ‬ككل‭ ‬بالخير،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لا‭ ‬تتم‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬بشكل‭ ‬عشوائي‭ ‬أو‭ ‬تطبق‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬الجرم‭ ‬الذي‭ ‬ارتكبه‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬سلوكه‭ ‬السابق‭ ‬خلال‭ ‬قضائه‭ ‬العقوبة‭ ‬الأساسية،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬دراسات‭ ‬وتقييمات‭ ‬تجرى‭ ‬للحالات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬انتقاؤها‭ ‬لتستكمل‭ ‬العقوبة‭ ‬بشكل‭ ‬آخر‭ ‬لكي‭ ‬تعود‭ ‬تلك‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬حضن‭ ‬المجتمع‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وتأخذ‭ ‬فرصة‭ ‬جديدة‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع،‭ ‬فلا‭ ‬يتصور‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬شخصا‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬شخصا‭ ‬غير‭ ‬ملتزم‭ ‬سلوكيا‭ ‬خلال‭ ‬حبسه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬اختياره‭ ‬لقضاء‭ ‬عقوبة‭ ‬بديلة،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬سيضر‭ ‬بالمصلحة‭ ‬العامة‭ ‬ويفرغ‭ ‬فكرة‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬من‭ ‬معناها‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الأساس‭.‬

وأجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬يفتح‭ ‬باب‭ ‬الأمل‭ ‬أمام‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬أخطأ‭ ‬أو‭ ‬أجرم‭ ‬مرة‭ ‬بأن‭ ‬باب‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬مفتوح‭ ‬وهذا‭ ‬الأمل‭ ‬يجعله‭ ‬يستقيم‭ ‬ويكافح‭ ‬خلال‭ ‬قضائه‭ ‬العقوبة‭ ‬الأساسية‭ ‬لكي‭ ‬يقع‭ ‬عليه‭ ‬الاختيار‭ ‬لقضاء‭ ‬العقوبة‭ ‬البديلة‭.‬

وأسعدتني‭ ‬مؤخرا‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬مساعد‭ ‬النائب‭ ‬العام‭ ‬البحريني‭ ‬المستشار‭ ‬وائل‭ ‬بوعلاي‭ ‬بأنه‭ ‬“تم‭ ‬وضع‭ ‬برنامج‭ ‬زمني‭ ‬يستهدف‭ ‬تطبيق‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬على‭ ‬أوسع‭ ‬نطاق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحديد‭ ‬قانوني‭ ‬وموضوعي‭ ‬للمحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬ممن‭ ‬تتوافر‭ ‬فيهم‭ ‬شروط‭ ‬تطبيق‭ ‬ذلك‭ ‬القانون‭ ‬وبما‭ ‬يجيز‭ ‬استبدال‭ ‬العقوبة‭ ‬البديلة‭ ‬بالعقوبة‭ ‬السالبة‭ ‬للحرية‭ ‬المحكوم‭ ‬بها،‭ ‬وبما‭ ‬يلبي‭ ‬التوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬بالتوسع‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬أحكامه‭ ‬بما‭ ‬يراعي‭ ‬ظروف‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬الشخصية‭ ‬والأسرية‭ ‬والدواعي‭ ‬الإنسانية‭ ‬المبررة‭ ‬لذلك”،‭ ‬وهذا‭ ‬يعكس‭ ‬اهتمام‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ببناء‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬وترسيخ‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬بالخير‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع‭ ‬على‭ ‬السواء‭. ‬وأسعدتني‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬ذكرتها‭ ‬النيابة‭ ‬حول‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬استفادوا‭ ‬من‭ ‬مسألة‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفع‭ ‬العدد‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬تطبيق‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬إلى‭ ‬3297‭ ‬محكومًا‭.‬