رؤيا مغايرة

عيد آخر... من دون نكهة

| فاتن حمزة

قرب‭ ‬العيد،‭ ‬ومن‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬طابعه‭ ‬الفرح،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬تثقل‭ ‬الهموم‭ ‬تذهب‭ ‬اللذة،‭ ‬ويعجز‭ ‬المرء‭ ‬عن‭ ‬تصنعها،‭ ‬كم‭ ‬نفتقدك‭ ‬أيها‭ ‬العيد،‭ ‬عيدك‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬نراه‭ ‬ونشعر‭ ‬به‭ ‬ما‭ ‬التفتنا‭ ‬يمنة‭ ‬ويسرة،‭ ‬تنتشر‭ ‬فيه‭ ‬البهجة‭ ‬بين‭ ‬صغارنا‭ ‬وكبارنا،‭ ‬أما‭ ‬عيدنا‭ ‬اليوم‭ ‬أضحى‭ ‬مناسبة‭ ‬للأحزان‭.‬

ينسب‭ ‬إلى‭ ‬عمر‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬أنه‭ ‬قال‭ ‬“اخشوشنوا‭ ‬فإن‭ ‬النعم‭ ‬لا‭ ‬تدوم”،‭ ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نشاهد‭ ‬ذلك‭ ‬بأم‭ ‬أعيننا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أحاطت‭ ‬بنا‭ ‬الهموم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جانب‭... ‬عيد‭ ‬آخر‭ ‬سنحرم‭ ‬فيه‭ ‬متعة‭ ‬اللقاء‭ ‬بالأهل،‭ ‬كان‭ ‬حرياً‭ ‬بنا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نحرم،‭ ‬لكن‭ ‬سنة‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬خلقه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بيننا‭ ‬مستهترون‭ ‬يستثنون‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ويخالفون‭ ‬تعاليم‭ ‬الدولة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬قصص‭ ‬تسمعها‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬تجعل‭ ‬الإنسان‭ ‬يفقد‭ ‬رشده‭ ‬واتزانه،‭ ‬حيث‭ ‬أدخلونا‭ ‬نفقا‭ ‬مظلما‭ ‬نهايته‭ ‬بلاء،‭ ‬وإذا‭ ‬نزل‭ ‬سيعم‭ ‬الجميع‭.. ‬للأسف‭ ‬لهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬غابت‭ ‬لذة‭ ‬العيد‭.‬

سنة‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يصيبنا‭ ‬هو‭ ‬بما‭ ‬كسبت‭ ‬أيدينا،‭ ‬ورجاؤنا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬من‭ ‬القلة‭ ‬التي‭ ‬وعد‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬بالعفو‭ ‬عنها،‭ ‬كما‭ ‬وعد‭ ‬بقوله‭ ‬“وَمَا‭ ‬أَصَابَكُم‭ ‬مِّن‭ ‬مُّصِيبَةٍ‭ ‬فَبِمَا‭ ‬كَسَبَتْ‭ ‬أَيْدِيكُمْ‭ ‬وَيَعْفُو‭ ‬عَن‭ ‬كَثِيرٍ”‭.‬

بإذن‭ ‬الله‭ ‬سيذهب‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬وستعود‭ ‬الحياة‭ ‬كما‭ ‬كانت،‭ ‬لكن‭ ‬ليتنا‭ ‬نتعظ‭ ‬من‭ ‬أخطائنا،‭ ‬وندرك‭ ‬كم‭ ‬كنا‭ ‬مقصرين‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور،‭ ‬لقد‭ ‬غابت‭ ‬عنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬أو‭ ‬أخذتنا‭ ‬الحياة‭ ‬ومشاغلها،‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬صفعة‭ ‬توقظنا‭ ‬لنعيد‭ ‬حساباتنا‭ ‬ونصلح‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إصلاحه‭.‬

نسأل‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬تزول‭ ‬هذه‭ ‬الغمة‭ ‬في‭ ‬القريب‭ ‬العاجل،‭ ‬فنسعد‭ ‬بأعيادنا‭ ‬ومعها‭ ‬تختفي‭ ‬كلمات‭ ‬مقالاتنا‭ ‬الحزينة‭ ‬التي‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬اليأس‭ ‬والضجر،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬أمنياتنا‭ ‬هذه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬“وَضَرَبَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬مَثَلًا‭ ‬قَرْيَةً‭ ‬كَانَتْ‭ ‬آمِنَةً‭ ‬مُّطْمَئِنَّةً‭ ‬يَأْتِيهَا‭ ‬رِزْقُهَا‭ ‬رَغَدًا‭ ‬مِّن‭ ‬كُلِّ‭ ‬مَكَانٍ‭ ‬فَكَفَرَتْ‭ ‬بِأَنْعُمِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬فَأَذَاقَهَا‭ ‬اللَّهُ‭ ‬لِبَاسَ‭ ‬الْجُوعِ‭ ‬وَالْخَوْفِ‭ ‬بِمَا‭ ‬كَانُوا‭ ‬يَصْنَعُونَ”‭.‬