التجارة الخارجية في 60 عاما (1)

| د. حسين المهدي

في‭ ‬مشاركتي‭ ‬بمجلس‭ ‬كانو‭ ‬الرمضاني‭ ‬الافتراضي‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬جريدة‭ ‬“البلاد”‭ ‬في‭ (‬21/4/2021م‭) ‬قدمت‭ ‬موجزاً‭ ‬لتطورات‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الخمس‭ ‬سنوات‭ ‬الأخيرة‭ (‬2016‭ - ‬2020م‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬سلاسل‭ ‬البيانات‭ ‬المتوفرة‭ ‬لنشاط‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬للبحرين،‭ ‬فوجدت‭ ‬سلسلتين،‭ ‬الأولى‭ ‬للسنوات‭ (‬1916‭ - ‬1959م‭) ‬والثانية‭ ‬لـ‭ (‬1960‭ - ‬2020م‭)‬،‭ ‬وكانت‭ ‬الأولى‭ ‬مقومة‭ ‬بالجنيه‭ ‬الإسترليني‭ ‬وبالروبية‭ ‬الهندية،‭ ‬أما‭ ‬الثانية‭ ‬فاكنت‭ ‬مقومة‭ ‬بالدينار‭ ‬البحريني،‭ ‬لذا‭ ‬اخترت‭ ‬السلسلة‭ ‬الإحصائية‭ ‬الثانية‭ ‬للنمو‭ ‬في‭ ‬60‭ ‬عاما‭ (‬1960‭ - ‬2020م‭) ‬لأنها‭ ‬أفضل‭ ‬للمقارنة‭ ‬والمتابعة،‭ ‬ويمكن‭ ‬تقسيم‭ ‬هذه‭ ‬السلسلة‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬فترات‭ ‬نمو،‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ (‬1960‭ ‬‭- ‬1976م‭) ‬والثانية‭ ‬في‭ (‬1977‭ - ‬1999م‭)‬،‭ ‬والثالثة‭ ‬في‭ (‬2000‭ - ‬2020م‭).‬

في‭ ‬الفترة‭ ‬الأولى،‭ ‬سجل‭ ‬إجمالي‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬توسعاً‭ ‬بقرابة‭ ‬10‭ ‬أضعاف،‭ ‬أي‭ ‬بنحو‭ ‬1‭.‬1‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬117‭.‬6‭ ‬مليونا‭ ‬في‭ (‬1960م‭) ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭.‬3‭ ‬مليار‭ ‬في‭ (‬1976م‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬ملاحظة‭ ‬تحقيق‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬فائضا‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬الصادرات‭ ‬بنحو‭ ‬70‭ ‬مليونا‭ ‬في‭ ‬مستهل‭ ‬الستينات‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬تقدم‭ ‬الصادرات‭ ‬النفطية‭ ‬التي‭ ‬استحوذت‭ ‬على‭ ‬قرابة‭ ‬90‭ % ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬البحرين،‭ ‬أي‭ ‬84‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬الصادرات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬10‭ % ‬فقط،‭ ‬أي‭ ‬زهاء‭ ‬9‭ ‬ملايين‭ ‬دينار‭ ‬وكان‭ ‬اتجاهاً‭ ‬طبيعياً‭ ‬نتيجة‭ ‬تمتع‭ ‬الصناعة‭ ‬النفطية‭ ‬بخبرة‭ ‬فاقت‭ ‬28‭ ‬عاماً‭ ‬وبمقدرات‭ ‬متقدمة‭ ‬وسوق‭ ‬خارجية‭ ‬مؤاتية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬تنطلق‭ ‬الصناعات‭ ‬المحلية‭ ‬لأغراض‭ ‬التصدير‭ ‬بعد‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬الواردات‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬سوى‭ ‬24‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬فقط‭ ‬لاعتماد‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬استيراد‭ ‬السلع‭ ‬الضرورية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬واعتمادها‭ ‬على‭ ‬المنتجات‭ ‬الزراعية‭ ‬والسمكية‭ ‬المحلية‭ ‬بنسبة‭ ‬جيدة‭. ‬

لكن‭ ‬الفترة‭ ‬الثانية‭ (‬1977‭ - ‬1999م‭)‬،‭ ‬بينت‭ ‬تحولاً‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬للمملكة‭ ‬ليصبح‭ ‬عجزاً‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬72‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬بسبب‭ ‬زيادة‭ ‬حجم‭ ‬الواردات‭ ‬على‭ ‬الصادرات‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ (‬1977‭)‬،‭ ‬وكانت‭ ‬قيمة‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬استيراده‭ ‬802‭.‬6‭ ‬مليون‭ ‬مع‭ ‬استقطاب‭ ‬الواردات‭ ‬النفطية‭ ‬55‭ % ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬الواردات،‭ ‬وهو‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والداخل‭ ‬في‭ ‬مصفاة‭ ‬التكرير‭ ‬المحلية،‭ ‬وما‭ ‬تم‭ ‬تصديره‭ ‬730‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬مع‭ ‬سيطرة‭ ‬الصادرات‭ ‬النفطية‭ ‬باستحواذها‭ ‬على‭ ‬78‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الصادرات‭. ‬أما‭ ‬في‭ (‬1999م‭) ‬حقق‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬فائضاً‭ ‬بقيمة‭ ‬166‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لصالح‭ ‬الصادرات‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬1‭.‬55‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬مع‭ ‬حصول‭ ‬الصادرات‭ ‬النفطية‭ ‬على‭ ‬حصة‭ ‬الأسد‭ ‬بقيمة‭ ‬960‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬أي‭ ‬بحوالي‭ ‬62‭ % ‬مع‭ ‬نمو‭ ‬الصادرات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬لتصل‭ ‬حوالي‭ ‬38‭ %‬،‭ ‬ويعزى‭ ‬ذلك‭ ‬لارتفاع‭ ‬المنتجات‭ ‬المحلية‭ ‬المصدرة‭ ‬كمنتجات‭ ‬الألمنيوم،‭ ‬مقابل‭ ‬1‭.‬39‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬لصالح‭ ‬الواردات،‭ ‬مع‭ ‬حصول‭ ‬الواردات‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬السعودية‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلث‭ ‬مجموع‭ ‬واردات‭ ‬المملكة‭. ‬وللموضوع‭ ‬تكملة‭.‬