مواقف إدارية

من فضلك دعني أُكمل

| أحمد البحر

تردّد‭ ‬يوسف‭ ‬كثيرًا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقرّر‭ ‬دخول‭ ‬مكتب‭ ‬مديره‭ ‬ويطلب‭ ‬منه‭ ‬رأيه‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬معيّن‭ ‬فهذا‭ ‬المسئول‭ ‬معروف‭ ‬بعصبيته‭ ‬وأسلوبه‭ ‬الساخر‭ ‬وعدم‭ ‬تقبله‭ ‬للرأي‭ ‬الآخر‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الاستماع‭ ‬إليه‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬يظهر‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬العامة‭. ‬وبصوت‭ ‬هادئ‭ ‬قال‭ ‬يوسف‭: ‬عفوًا‭ ‬سيدي‭ ‬نسيت‭. ‬قاطعه‭ ‬المسئول‭ ‬وبحدّة،‭ ‬والانفعال‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬كلماته‭: ‬نعم،‭ ‬نسيت‭ ‬هذا‭ ‬العذر‭ ‬أصبح‭ ‬معروفًا‭ ‬وجاهزًا‭ ‬لديكم‭ ‬أنتم‭ ‬الكسالى‭ ‬والخاملون‭. ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أعترف‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعذار‭!. ‬أنا‭ ‬أريد‭ ‬إنجازًا‭ ‬لا‭ ‬أعذارًا‭!!. ‬أريد‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬كلّفتك‭ ‬بإعداده‭ ‬في‭ ‬وقته‭ ‬وتاريخه‭ ‬وإلا‭ ‬وأنت‭ ‬تعرف‭ ‬ما‭ ‬أقصده‭!!. ‬

بذات‭ ‬الهدوء‭ ‬والاتزان‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬فرغ‭ ‬المسئول‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬لائحة‭ ‬اللوم‭ ‬والتهديد‭ ‬والوعيد‭ ‬قال‭ ‬يوسف‭: ‬كنت‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أخبرك‭ ‬سيدي‭ ‬بأنك‭ ‬نسيت‭ ‬أن‭ ‬توقّع‭ ‬هذه‭ ‬المعاملة‭ ‬فإدارة‭ ‬المالية‭ ‬لن‭ ‬تمررها‭ ‬دون‭ ‬توقيعكم‭ ‬الكريم‭ ‬فأنتم‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‭!!. ‬أحسَّ‭ ‬المدير‭ ‬بحرج‭ ‬شديد‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يعتذر‭ ‬فالاعتذار‭ ‬من‭ ‬شيم‭ ‬المحترفين‭ ‬الأقوياء،‭ ‬وهو‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬خارج‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭. ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬تفادي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬لو‭ ‬تدرّبنا‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬الاستماع‭ ‬الجيد‭ ‬وعدم‭ ‬مقاطعة‭ ‬الآخرين‭.‬

‭ ‬تقول‭ ‬لزلي‭ ‬شور‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭: ‬“عندما‭ ‬نبدأ‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬الرد‭ ‬أي‭ ‬تجهيز‭ ‬ما‭ ‬نقول‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬المتحدث‭ ‬نفقد‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬الكاملة‭ ‬المعروضة‭ ‬وفهم‭ ‬مشاعر‭ ‬المتحدث‭ ‬عند‭ ‬الكلام”‭. ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬المسار‭ ‬تؤكد‭ ‬هارفرد‭ ‬بزنس‭ ‬ريفيو‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬ثلاث‭ ‬خصائص‭ ‬للمستمع‭ ‬الجيد‭ ‬وهي‭: ‬1‭- ‬عدم‭ ‬مقاطعة‭ ‬الآخرين‭ ‬2‭- ‬إشعار‭ ‬الآخرين‭ ‬بأنك‭ ‬تستمع‭ ‬إليهم‭ ‬باستخدام‭ ‬تعابير‭ ‬الوجه‭ ‬والصوت‭.‬3‭- ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تكرار‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الآخرون‭.‬

‭ ‬ربما‭ ‬أستطيع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬أن‭ ‬أعرض‭ ‬أمامك‭ ‬تعريف‭ ‬الإنصات‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬معجم‭ ‬المصطلحات‭ ‬الإدارية‭ ‬بأنه‭: ‬“وسيلة‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬الفعّالة‭ ‬لتسهيل‭ ‬الاتصال‭ ‬وتستلزم‭ ‬هذه‭ ‬الوسيلة‭ ‬الإصغاء‭ ‬الجيد‭ ‬والتركيز‭ ‬لمعرفة‭ ‬وفهم‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬المرسل‭ ‬توصيلها”‭.‬

ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬بدأنا‭ ‬به‭ ‬مقالتنا‭ ‬هذه،‭ ‬هل‭ ‬خبرت‭ ‬أو‭ ‬واجهت‭ ‬مثله‭ ‬خلال‭ ‬رحلتك‭ ‬المهنيّة؟‭!.‬