الأحواز قطرٌ عربيٌ أصيل

| عبدعلي الغسرة

بالتعاون‭ ‬بين‭ ‬بريطانيا‭ ‬وبلاد‭ ‬فارس‭ ‬تم‭ ‬احتلال‭ ‬إقليم‭ ‬الأحواز‭ ‬العربي‭ ‬بعد‭ ‬أسر‭ ‬أمير‭ ‬الإقليم‭ ‬الشيخ‭ ‬خزعل‭ ‬بن‭ ‬جابر‭ ‬الكعبي‭ ‬واقتياده‭ ‬أسيرا‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬1925م،‭ ‬وبعد‭ ‬احتلالها‭ ‬فرضت‭ ‬الحكومة‭ ‬الفارسية‭ ‬قانون‭ ‬الوصاية‭ ‬عليها‭ ‬تحت‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ومنظماته،‭ ‬فالأحواز‭ ‬لا‭ ‬ترتبط‭ ‬بإيران‭ ‬بأي‭ ‬ارتباط‭ ‬جغرافي‭ ‬أو‭ ‬جيولوجي‭ ‬أو‭ ‬تاريخي‭ ‬أو‭ ‬اجتماعي‭ ‬أو‭ ‬قانوني،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬يومًا‭ ‬تابعة‭ ‬لإدارتها،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬الجبال‭ ‬الشاهقة‭ ‬والسهول‭ ‬ما‭ ‬يفصل‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وكانت‭ ‬أراضي‭ ‬فارس‭ ‬لا‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬سواحل‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬احتلت‭ ‬الأحواز‭.‬

الأحواز‭ ‬قطرٌ‭ ‬عربيٌ‭ ‬أصيل‭ ‬وجزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬وسكنته‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬يرجع‭ ‬امتدادها‭ ‬للعراق‭ ‬وشبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬وحَكمها‭ ‬أمراء‭ ‬وشيوخ‭ ‬عرب‭ ‬حتى‭ ‬احتلالها‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الشاه‭ ‬رضا‭ ‬خان‭ ‬البهلوي،‭ ‬وقد‭ ‬اعترفت‭ ‬الدولة‭ ‬الصفوية‭ ‬والعثمانية‭ ‬وبريطانيا‭ ‬بالأحواز‭ ‬كدولة‭ ‬مستقلة،‭ ‬وقامت‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬الحضارة‭ ‬العيلامية‭ ‬وهي‭ ‬حضارة‭ ‬غير‭ ‬متجانسة‭ ‬مع‭ ‬التاريخ‭ ‬الفارسي،‭ ‬ومنذُ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تسعين‭ ‬عامًا‭ ‬تتوالى‭ ‬الثورات‭ ‬الخالدة‭ ‬والانتفاضات‭ ‬والاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬أهلها‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الفتك‭ ‬لحُكم‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وأقوى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ألم‭ ‬ووجع‭ ‬السجون،‭ ‬وأسمى‭ ‬من‭ ‬أعواد‭ ‬المشانق‭ ‬التي‭ ‬يُعلق‭ ‬عليها‭ ‬أحرار‭ ‬الأحواز‭ ‬بين‭ ‬يومٍ‭ ‬وآخر‭. ‬وقد‭ ‬ذكرها‭ ‬الشاعر‭ ‬جرير‭: ‬سيروا‭ ‬بني‭ ‬العم‭ ‬فالأحواز‭ ‬منزلكم‭... ‬ونهر‭ ‬تيري‭ ‬فلم‭ ‬تعرفكم‭ ‬العرب‭.‬

إن‭ ‬قضية‭ ‬الأحواز‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬قسمتها‭ ‬مناطق‭ ‬النفوذ‭ ‬العثماني‭ ‬والفارسي‭ ‬والبريطاني‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬وتعيش‭ ‬الأحواز‭-‬عربستان‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬أسيرة‭ ‬جرحها‭ ‬النازف‭ ‬بين‭ ‬محاولات‭ ‬تفريسها‭ ‬ورفض‭ ‬أهلها‭ ‬له،‭ ‬والنضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحريرها‭.‬‭ ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬احتلالها‭ ‬لما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬جغرافي‭ ‬واستراتيجي‭ ‬ولخصوبة‭ ‬أراضيها‭ ‬الزراعية‭ ‬وما‭ ‬تحويه‭ ‬من‭ ‬ثروة‭ ‬نفطية‭ ‬تبلغ‭ ‬85‭ % ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬الإنتاج‭ ‬الإيراني‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز،‭ ‬و75‭ % ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية‭ ‬بإيران،‭ ‬وبإنتاجها‭ ‬لثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬أي‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬الإيراني،‭ ‬و90‭ % ‬من‭ ‬محاصيل‭ ‬إنتاج‭ ‬التمور‭ ‬بإيران‭. ‬وتستغل‭ ‬إيران‭ ‬65‭ % ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الزراعية‭ ‬وتحرم‭ ‬شعب‭ ‬الأحواز‭ ‬منها،‭ ‬وتستفيد‭ ‬من‭ ‬أنهار‭ ‬الأحواز‭ ‬لإنشاء‭ ‬المفاعلات‭ ‬النووية‭ ‬ومنها‭ ‬مفاعل‭ ‬بوشهر‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬شيدت‭ ‬17‭ ‬سدًا‭ ‬لحرمان‭ ‬الأحواز‭ ‬وشعبها‭ ‬من‭ ‬المياه‭. ‬

إن‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬الأحواز‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬نهب‭ ‬واستثمار‭ ‬أراضي‭ ‬الأحواز‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الهائلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬وأطماعها‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬