نشأة وتطور التجارة في 105 أعوام (4)

| د. حسين المهدي

تناولنا‭ ‬مؤخراً،‭ ‬مراحل‭ ‬ثلاث‭ ‬من‭ ‬المراحل‭ ‬الأربع‭ ‬لنشأة‭ ‬ونمو‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قرن‭ (‬1916‭ - ‬2021م‭)‬،‭ ‬والمراحل‭ ‬الزمنية‭ ‬الأربع‭ ‬هي‭ (‬1916‭ - ‬1959م‭) ‬و‭(‬1960‭ - ‬1975م‭) ‬و‭(‬1976‭ - ‬1995م‭) ‬و‭(‬1996‭ - ‬2021م‭) ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬وسنركز‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬المرحلة‭ ‬الرابعة‭ ‬والأخيرة‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬نقلة‭ ‬كمية‭ ‬ونوعية‭ ‬عبر‭ ‬بعض‭ ‬مؤشراتها‭ ‬مثل‭ ‬عقد‭ ‬اتفاقيات‭ ‬حماية‭ ‬وتشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬وتجنب‭ ‬الازدواج‭ ‬الضريبي‭ - ‬التي‭ ‬عالجناها‭ ‬سابقاً‭ - ‬واتفاقيات‭ ‬تجارة‭ ‬حرة‭ ‬متعددة‭ ‬عموماً،‭ ‬ومع‭ ‬أميركا‭ ‬خصوصاً،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سنتناوله‭ ‬أدناه‭.‬

إضافة‭ ‬لاتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وسنغافورة‭ ‬والتي‭ ‬بموجبها‭ ‬تعفى‭ ‬الرسوم‭ ‬والإجراءات‭ ‬الجمركية‭ ‬وقواعد‭ ‬المنشأ‭ ‬على‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بالسلع‭ ‬والخدمات‭ ‬والمشتريات‭ ‬الحكومية،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬الصادرات‭ ‬البحرينية‭ ‬لسنغافورة‭ ‬61‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬ووارداتها‭ ‬111‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬في‭ (‬2018م‭)‬،‭ ‬وهناك‭ ‬اتفاقية‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬ورابطة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬في‭ (‬2009م‭)‬،‭ ‬لإلغاء‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬والخدمي،‭ ‬والصناعي،‭ ‬والسمكي‭ ‬والمنتجات‭ ‬البحرية‭ ‬لدول‭ ‬الرابطة،‭ ‬وإزالة‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬المنتجات‭ ‬المستوردة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬بموجبها‭ ‬بلغت‭ ‬في‭ (‬2018م‭) ‬واردات‭ ‬البحرين‭ ‬396‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وصادراتها‭ ‬43‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬للاتفاقيات‭ ‬المتبادلة‭ ‬مع‭ ‬أيسلندا‭ ‬والنرويج‭ ‬وسويسرا‭ ‬ودول‭ ‬المجلس‭.‬

أما‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬والبحرين‭ ‬FTA‭ ‬الموقعة‭ ‬في‭ (‬2005م‭) ‬فهي‭ ‬الأهم‭ - ‬والأولى‭ ‬خليجياً‭ ‬والثالثة‭ ‬عربياً‭ - ‬والمتعلقة‭ ‬بالبضائع‭ ‬الخاضعة‭ ‬لقواعد‭ ‬المنشأ‭ ‬والمصنعة‭ ‬بالكامل‭ ‬بإحدى‭ ‬الدولتين‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬بحرينية‭ ‬أو‭ ‬أميركية،‭ ‬أو‭ ‬تصنع‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬البلدين‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬أجنبية‭ ‬حولت‭ ‬بنسبة‭ ‬35‭ % ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬المواد‭ ‬والتكاليف‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أو‭ ‬أميركا،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬أو‭ ‬تستورد‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬وإلى‭ ‬البلدين،‭ ‬وتكمن‭ ‬فوائد‭ ‬الاتفاقية‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬التعرفة‭ ‬الجمركية‭ ‬التفضيلية‭ ‬وإزالة‭ ‬الحواجز‭ ‬الجمركية‭ ‬وغير‭ ‬الجمركية‭ ‬أمام‭ ‬التجارة،‭ ‬ما‭ ‬يقلل‭ ‬تكلفة‭ ‬التصدير‭ ‬ويزيد‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬للمنتجات‭ ‬المحلية،‭ ‬ويتيح‭ ‬الاستثمار‭ ‬وإلغاء‭ ‬الحواجز‭ ‬الاستثمارية‭ ‬ويمنح‭ ‬مزايا‭ ‬للمواطنين‭ ‬ويشجع‭ ‬على‭ ‬بيئة‭ ‬تجارية‭ ‬مواتية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منهما‭.‬

وتوفر‭ ‬اتفاقيات‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬عموما،‭ ‬تسهيلات‭ ‬للصناعات‭ ‬التحويلية‭ ‬الوطنية‭ ‬عبر‭ ‬خدمات‭ ‬تمويلية‭ ‬ولوجستية‭ ‬تجعل‭ ‬تكاليفها‭ ‬التشغيلية‭ ‬مع‭ ‬موقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬وقوة‭ ‬عاملة‭ ‬ماهرة،‭ ‬وبنية‭ ‬تحتية‭ ‬متطورة،‭ ‬وأنظمة‭ ‬ضريبية‭ ‬مناسبة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬البحرين‭ ‬العالمية‭ ‬للاستثمار،‭ ‬وبخصوص‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬البحرينية‭ ‬الأميركية،‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬مجموع‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بموجبها‭ ‬في‭ (‬2018م‭)‬،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1،88‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وواردات‭ ‬البحرين‭ ‬1‭.‬2‭ ‬مليار‭ ‬وصادراتها‭ ‬683‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭. ‬وختاماً،‭ ‬في‭ (‬12‭ ‬يناير‭ ‬2021م‭) ‬أبرم‭ ‬البلدان‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬لتعزيز‭ ‬التجارة‭ ‬البينية‭ ‬بإنشاء‭ ‬منطقة‭ ‬تجارية‭ ‬أميركية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬