من جديد

التعليم التوافقي.. نموذج جديد لفرص واعدة

| د. سمر الأبيوكي

نحن‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬التعليم‭ ‬التوافقي‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬علينا‭ ‬الجائحة‭ ‬رغما‭ ‬عنا‭ ‬ونتج‭ ‬إثر‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬والتعليم‭ ‬الذاتي‭ ‬وتعليم‭ ‬الأقران،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أني‭ ‬تشرفت‭ ‬بالعمل‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬لاستخراج‭ ‬مصطلح‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يضم‭ ‬في‭ ‬طياته‭ ‬تعريفا‭ ‬مناسبا‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬أسلفت،‭ ‬وكان‭ ‬التعليم‭ ‬التوافقي‭ ‬أنسب‭ ‬ما‭ ‬خرجنا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬توصية‭ ‬لبحث‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المجلات‭ ‬العلمية‭ ‬الأميركية‭ ‬للعام‭ ‬2017،‭ ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬نرى‭ ‬التعليم‭ ‬التوافقي‭ ‬يمارس‭ ‬بدراماتيكية‭ ‬غير‭ ‬مدروسة،‭ ‬لكنها‭ ‬مفعلة‭ ‬حقا‭ ‬إثر‭ ‬ما‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬استثنائية‭ ‬فرضت‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وتعاون‭ ‬الأقران‭ ‬والتعليم‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬مواز‭ ‬للآخر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يترجم‭ ‬المصطلح‭ ‬الذي‭ ‬اخترنا‭ ‬أن‭ ‬نطلقه‭ ‬على‭ ‬هكذا‭ ‬عمليات‭ ‬تعليمية‭ ‬تربوية‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬آن‭  ‬واحد‭.‬

لطالما‭ ‬كنت‭ ‬مؤمنة‭ ‬دوما‭ ‬بأن‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تلقينا‭ ‬لدروس‭ ‬ومعلومات‭ ‬يحتاجها‭ ‬الطالب‭ ‬ويسترجعها‭ ‬وقت‭ ‬الامتحان،‭ ‬بل‭ ‬أصر‭ ‬أن‭ ‬تسبق‭ ‬العملية‭ ‬التربوية‭ ‬رفيقتها‭ ‬التعليمية،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الأخلاق‭ ‬وتحسين‭ ‬السلوك‭ ‬العام‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬نسعى‭ ‬له‭ ‬دوما،‭ ‬ولا‭ ‬فائدة‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬جيل‭ ‬متعلم‭ ‬بلا‭ ‬أسس‭ ‬أخلاقية‭ ‬وكذلك‭ ‬العكس،‭ ‬فالعمليتان‭ ‬مترادفتان‭ ‬وستبقيان‭ ‬كذلك‭ ‬دون‭ ‬شك،‭ ‬لكن‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬تعليم‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬ومثير‭ ‬بل‭ ‬وممتع‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬المعلومة‭ ‬ووصولها،‭ ‬وأكاد‭ ‬أجزم‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬فكرة‭ ‬التعليم‭ ‬التوافقي‭ ‬بشكل‭ ‬أوفى‭ ‬وبتكنيك‭ ‬أفضل‭ ‬قد‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬آلية‭ ‬التعليم‭ ‬المرجوة‭ ‬والهدف‭ ‬منها‭ ‬ومن‭ ‬المنظومة‭ ‬ككل‭.‬

إن‭ ‬ابتكار‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حديث‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬والتقنيات‭ ‬قد‭ ‬يلقى‭ ‬أنواعا‭ ‬من‭ ‬الرفض‭ ‬عند‭ ‬طرحه،‭ ‬لكن‭ ‬المجموعات‭ ‬التي‭ ‬أرادت‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تستشف‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬غائبا‭ ‬عن‭ ‬الآخرين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يفتح‭ ‬بابا‭ ‬جديدا‭ ‬غير‭ ‬مؤلوف‭ ‬لدى‭ ‬العامة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬لأن‭ ‬يتبع‭ ‬العامة‭ ‬تلك‭ ‬المجموعة‭ ‬إثر‭ ‬الظروف‭ ‬أو‭ ‬المستجدات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬الآن‭ ‬الجائحة‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬العيون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مستحدث‭ ‬من‭ ‬علوم‭ ‬وتكنولوجيا،‭ ‬وكذلك‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬التعلم‭ ‬التوافقي‭ ‬الذي‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الالتفات‭ ‬إليه‭.‬