التلاعب بالألقاب

| زهير توفيقي

أتذكر‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬قيام‭ ‬أحد‭ ‬الإخوة‭ ‬الصحافيين‭ ‬الأجانب‭ ‬بإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اسم‭ ‬عائلتي‭ ‬لتصبح‭ ‬التوفيقي‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬توفيقي‭! ‬يومها‭ ‬أذكر‭ ‬أنني‭ ‬شعرت‭ ‬بامتعاض‭ ‬شديد‭ ‬تجاه‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الصحافي‭ ‬وقمت‭ ‬بالاتصال‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬أكتم‭ ‬غضبي‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬شعر‭ ‬بذلك‭ ‬بسبب‭ ‬نبرة‭ ‬صوتي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يعتد‭ ‬عليها،‭ ‬وبادرته‭ ‬بالسؤال‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬تغيير‭ ‬اسم‭ ‬العائلة‭ ‬إلى‭ ‬التوفيقي‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الخطأ‭ ‬غير‭ ‬مقصود،‭ ‬لكنني‭ ‬تفاجأت‭ ‬برده‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬عمد‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬ظنا‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬يعجبنا‭ ‬لأن‭ ‬الإضافة‭ ‬تزيدنا‭ ‬وجاهة‭ ‬وبالتالي‭ ‬نشكره‭ ‬على‭ ‬ذلك‭!‬

هو‭ ‬برر‭ ‬ذلك‭ ‬بحسن‭ ‬نية،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬استغرابي‭ ‬وامتعاضي‭ ‬تعليقه‭ ‬بل‭ ‬تأكيده‭ ‬بأن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العوائل‭ ‬البحرينية‭ ‬اتجهت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬ذات‭ ‬الإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ألقاب‭ ‬عائلاتها،‭ ‬وهو‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬ظنا‭ ‬منه‭ ‬أنه‭ ‬عين‭ ‬الصواب‭! ‬بالطبع‭ ‬قمت‭ ‬بتصحيح‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬له‭ ‬ونصحته‭ ‬ألا‭ ‬يكرر‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬بدون‭ ‬أخذ‭ ‬موافقته،‭ ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬قدم‭ ‬لي‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬لهذه‭ ‬الملاحظة‭ ‬القيمة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تسبب‭ ‬له‭ ‬إحراجًا‭ ‬وهو‭ ‬غني‭ ‬عنه‭.‬

مناسبة‭ ‬هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬في‭ ‬مقالي‭ ‬قيام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوائل‭ ‬البحرينية‭ ‬بتغيير‭ ‬ألقابها‭ ‬إلى‭ ‬أسماء‭ ‬جديدة‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬لها‭ ‬بصلة،‭ ‬وبعضهم‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬الصحافي‭ ‬أضاف‭ ‬الألف‭ ‬واللام‭ ‬إلى‭ ‬اسم‭ ‬العائلة‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭! ‬وبصراحة‭ ‬شديدة‭ ‬وأقولها‭ ‬بكل‭ ‬أمانة‭ ‬وشفافية‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬ولا‭ ‬تؤخر‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬تشكل‭ ‬إضافة‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬للوجاهة‭ ‬إن‭ ‬كانوا‭ ‬يتوقعونها،‭ ‬فالعوائل‭ ‬البحرينية‭ ‬معروفة‭ ‬منذ‭ ‬القدم،‭ ‬والبحرين‭ ‬صغيرة‭ ‬بل‭ ‬صغيرة‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬مساحتها‭ ‬وعدد‭ ‬سكانها‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬البحرينيين‭ ‬يعرفون‭ ‬بعضهم‭ ‬بسبب‭ ‬تزاوجهم‭ ‬من‭ ‬بعضهم،‭ ‬لذا‭ ‬أنصح‭ ‬نصيحة‭ ‬لوجه‭ ‬الله‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬بعدم‭ ‬طمس‭ ‬ألقابهم‭ ‬أو‭ ‬الحياء‭ ‬منها،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬تغييرها‭ ‬أو‭ ‬الإضافة‭ ‬عليها‭ ‬لا‭ ‬تغني‭ ‬ولا‭ ‬تسمن‭ ‬من‭ ‬جوع‭.‬

قال‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭: ‬كُن‭ ‬اِبنَ‭ ‬مَن‭ ‬شِئتَ‭ ‬واِكتَسِب‭ ‬أَدَباً‭.. ‬يُغنيكَ‭ ‬مَحمُودُهُ‭ ‬عَنِ‭ ‬النَسَبِ،‭ ‬فَلَيسَ‭ ‬يُغني‭ ‬الحَسيبُ‭ ‬نِسبَتَهُ‭.‬‭. ‬بِلا‭ ‬لِسانٍ‭ ‬لَهُ‭ ‬وَلا‭ ‬أَدَبِ،‭ ‬إِنَّ‭ ‬الفَتى‭ ‬مَن‭ ‬يُقولُ‭ ‬ها‭ ‬أَنا‭ ‬ذا‭.. ‬لَيسَ‭ ‬الفَتى‭ ‬مَن‭ ‬يُقولُ‭ ‬كانَ‭ ‬أَبي‭. ‬خلاصة‭ ‬القول‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬ويليم‭ ‬شكسبير‭ ‬“كن‭ ‬كما‭ ‬أنت‭ ‬وليتقبلك‭ ‬من‭ ‬يتقبلك”‭. ‬واللبيب‭ ‬بالإشارة‭ ‬يفهم‭.‬