نشأة وتطور التجارة في 105 أعوام (2)

| د. حسين المهدي

يمكننا‭ ‬تتبع‭ ‬نمو‭ ‬النشاط‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬خلال‭ ‬105‭ ‬أعوام‭ (‬1916‭ - ‬2021م‭) ‬في‭ ‬أربع‭ ‬مراحل‭ ‬زمنية‭: ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬خلال‭ (‬1916‭ - ‬1959م‭) ‬والتي‭ ‬توثق‭ ‬القطاع‭ ‬التجاري‭ ‬الحديث،‭ ‬حيث‭ ‬قيمت‭ ‬واردات‭ ‬وإعادة‭ ‬التصدير‭ ‬البحرينية‭ ‬بالجنيهات‭ ‬الاسترلينية‭ ‬بحكم‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭. ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ (‬1960‭ - ‬1975‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفعت‭ ‬بسبب‭ ‬افتتاح‭ ‬الميناء‭ ‬الرئيسي‭ ‬–ميناء‭ ‬سلمان‭ ‬في‭ (‬1962م‭)‬،‭ ‬ونمو‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬وطفرة‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ (‬1973م‭). ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬في‭ (‬1976‭ - ‬1995م‭) ‬شهدت‭ ‬نقلة‭ ‬ملحوظة‭ ‬حجماً‭ ‬وقيمةً‭ ‬من‭ ‬منتصف‭ ‬السبعينات‭ ‬مع‭ ‬لعب‭ ‬الصناعة‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬من‭ ‬نهاية‭ ‬الستينات‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسات‭ ‬تشجيع‭ ‬الصادرات،‭ ‬والمرحلة‭ ‬الرابعة‭ (‬1996‭ - ‬2021م‭) ‬التي‭ ‬أظهرت‭ ‬نقلة‭ ‬كمية‭ ‬ونوعية‭.‬

نستكمل‭ ‬اليوم،‭ ‬برصد‭ ‬المرحلتين‭ ‬الثانية‭ ‬والثالثة‭ ‬للتطور‭ ‬التجاري‭ ‬من‭ ‬الستينات‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬حيث‭ ‬نمت‭ ‬الصادرات‭ ‬بنحو‭ ‬383‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭ ‬من‭ ‬93‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬في‭ (‬1960م‭) ‬إلى‭ ‬476‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬في‭ (‬1975م‭) ‬أي‭ ‬بارتفاع‭ ‬بنحو‭ ‬411‭ %‬،‭ ‬نتيجة‭ ‬توسع‭ ‬قيمة‭ ‬الصادرات‭ ‬النفطية‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬القياسي‭ ‬خلال‭ ‬السنتين‭ (‬1974‭ - ‬1975م‭)‬،‭ ‬ونمو‭ ‬الصادرات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬وخصوصا‭ ‬“بعد‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬ميناء‭ ‬سلمان‭ ‬العمل”‭ ‬في‭ ‬مستهل‭ ‬الستينات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬صادرات‭ ‬الألمنيوم‭ ‬ومشتقاته‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬مع‭ ‬تأسيس‭ ‬شركة‭ ‬ألمنيوم‭ ‬البحرين‭ (‬ألبا‭) ‬والشركات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬منتجات‭ ‬ألبا،‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وزيادة‭ ‬الواردات‭ ‬بـ‭ ‬450‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬من‭ ‬24‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬إلى‭ ‬474‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬أي‭ ‬بنسبة‭ ‬473‭ % ‬خلال‭ ‬نفس‭ ‬الفترة،‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الواردات‭ ‬الصناعية‭ ‬والغذائية‭ ‬والاستهلاكية‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬الضرورية،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬

في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة،‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬معدلات‭ ‬النشاط‭ ‬واصلت‭ ‬حيويتها‭ ‬مقارنة‭ ‬بسابقتها‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الصادرات‭ ‬والواردات،‭ ‬لكن‭ ‬بوتيرة‭ ‬أقل‭ ‬بكثير،‭ ‬فنرى‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬التصدير‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬157‭ % ‬من‭ ‬600‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬في‭ (‬1976م‭) ‬إلى‭ ‬1546‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬في‭ (‬1995م‭) ‬بارتفاع‭ ‬945‭.‬6‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬عاكسة‭ ‬بذلك‭ ‬تراجع‭ ‬قيمة‭ ‬النفط‭ ‬الذاهب‭ ‬للخارج‭ ‬بسبب‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعاره‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الأداء‭ ‬القوي‭ ‬الذي‭ ‬بينته‭ ‬صادرات‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬منتجاتها‭ ‬غير‭ ‬البترولية،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬البتروكيماويات‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الألمنيوم‭ ‬ومشتقاته،‭ ‬بوتيرة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مثيلتها‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬أما‭ ‬الاستيراد‭ ‬فقد‭ ‬خبر‭ ‬نمواً‭ ‬أضعف‭ ‬بكثير‭ ‬مقارنة‭ ‬بواردات‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية،‭ ‬عند‭ ‬111‭ % ‬فقط‭ ‬من‭ ‬670‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬إلى‭ ‬1397‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬أي‭ ‬بنحو‭ ‬737‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ (‬1976‭ - ‬1995م‭)‬،‭ ‬كمحصلة‭ ‬نهائية‭ ‬لتدني‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية‭.‬