ما وراء الحقيقة

المبادرة السعودية باليمن

| د. طارق آل شيخان الشمري

أعلنت‭ ‬الرياض‭ ‬مبادرة‭ ‬باليمن،‭ ‬تهدف‭ ‬لإنهاء‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني،‭ ‬شريطة‭ ‬موافقة‭ ‬كل‭ ‬الأطراف،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬لدعم‭ ‬الشرعية‭ ‬باليمن،‭ ‬وأكدت‭ ‬الرياض‭ ‬أن‭ ‬سريان‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬يتطلب‭ ‬عدة‭ ‬شروط‭ ‬منها‭ ‬موافقة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الحوثي‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وأن‭ ‬تضمن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مراقبة‭ ‬هذا‭ ‬الوقف،‭ ‬وفتح‭ ‬مطار‭ ‬صنعاء‭ ‬لوجهات‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية‭ ‬لوصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأدوية،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يتضمن‭ ‬طبعا‭ ‬نقل‭ ‬عتاد‭ ‬أو‭ ‬عملاء‭ ‬أو‭ ‬خبراء‭ ‬للحوثيين،‭ ‬وكذلك‭ ‬السماح‭ ‬بدخول‭ ‬ناقلات‭ ‬النفط‭ ‬بشرط‭ ‬توزيعه‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬ومتابعة‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبهذا‭ ‬أبرأت‭ ‬الرياض‭ ‬نفسها‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬والمتشدقين‭ ‬وتجار‭ ‬الحروب‭ ‬والمستفيدين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭.‬

لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تجار‭ ‬الحروب‭ ‬رفضوها‭ ‬لأنها‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬تفتيت‭ ‬مخططاتهم‭ ‬ومشروعاتهم‭ ‬باليمن،‭ ‬فهناك‭ ‬أربعة‭ ‬أطراف‭ ‬ترفض‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة،‭ ‬طرفان‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬أي‭ ‬إيران‭ ‬والحوثي،‭ ‬واثنان‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬وغير‭ ‬علني،‭ ‬مهما‭ ‬تظاهرا‭ ‬بالموافقة‭ ‬والدعم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تصريحاتهما،‭ ‬أي‭ ‬واشنطن‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكل‭ ‬طرف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأطراف‭ ‬الأربعة‭ ‬أسبابه‭ ‬وسوف‭ ‬نختصرها‭ ‬وما‭ ‬على‭ ‬القارئ‭ ‬إلا‭ ‬قراءة‭ ‬تاريخ‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬لمعرفة‭ ‬حقيقة‭ ‬رفض‭ ‬هذه‭ ‬الأطراف‭ ‬للمبادرة‭ ‬السعودية‭.‬

فطهران‭ ‬لن‭ ‬ترضى‭ ‬بأية‭ ‬مبادرة‭ ‬أو‭ ‬اتفاق‭ ‬أو‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬كانت،‭ ‬تهدف‭ ‬بالنهاية‭ ‬إلى‭ ‬ضرب‭ ‬مشروع‭ ‬احتلال‭ ‬اليمن،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬نسبة‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬واحدا‭ ‬بالمئة،‭ ‬فاليمن‭ ‬بقيادة‭ ‬الحوثي‭ ‬الخنجر‭ ‬الأخير‭ ‬لطهران‭ ‬الذي‭ ‬ستقاتل‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬لكي‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬خاصرة‭ ‬الرياض،‭ ‬أما‭ ‬الحوثي‭ ‬فحكم‭ ‬اليمن‭ ‬تحت‭ ‬جناحه‭ ‬فرصة‭ ‬لن‭ ‬تعوض‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬عشرات‭ ‬السنين،‭ ‬وهو‭ ‬لن‭ ‬يفوت‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬وسيقاتل‭ ‬هو‭ ‬وأصنامه‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬طفل‭ ‬ورضيع‭ ‬باليمن،‭ ‬لهذا‭ ‬فإن‭ ‬طهران‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬أبدا‭ ‬بأن‭ ‬تنزع‭ ‬الرياض‭ ‬هذا‭ ‬الخنجر‭ ‬الإيراني،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬المارد‭ ‬السعودي‭ ‬بدأ‭ ‬علنا‭ ‬بمواجهة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬العنصريين‭ ‬الفرس‭ ‬والعثمانيين،‭ ‬أيضا‭ ‬الحوثي‭ ‬يخوص‭ ‬حربا‭ ‬يريد‭ ‬فيها‭ ‬بأي‭ ‬ثمن‭ ‬حكم‭ ‬اليمن،‭ ‬حسب‭ ‬كهنوتيته‭ ‬الدينية‭ ‬ولهذا‭ ‬رفضا‭ ‬المبادرة‭ ‬علنا‭.‬