من جديد

رمضان على الأبواب

| د. سمر الأبيوكي

تدهشني‭ ‬تصرفاتنا‭ ‬الغريبة‭ ‬حقا،‭ ‬الشوارع‭ ‬مكتظة‭ ‬والجميع‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وعند‭ ‬السؤال‭ ‬تأتي‭ ‬الإجابة‭ ‬صادمة،‭ ‬رمضان‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭! ‬ما‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬ولماذا‭ ‬دائما‭ ‬رمضان‭ ‬مرتبط‭ ‬بكميات‭ ‬من‭ ‬الصرف‭ ‬والأطعمة؟‭! ‬وكأنما‭ ‬كنا‭ ‬بمجاعة‭ ‬طول‭ ‬العام،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬التحذيرات‭ ‬والإرشادات‭ ‬مازال‭ ‬البعض‭ ‬يمارس‭ ‬تصرفات‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬لها‭ ‬مبررا‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬رمضان‭ ‬شهر‭ ‬فضيل‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يلتفت‭ ‬فيه‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬العبادات‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر،‭ ‬ومحاولة‭ ‬لملمة‭ ‬شتات‭ ‬الذات‭ ‬والتقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬فرصة‭ ‬عظيمة‭ ‬تسنح‭ ‬لنا‭ ‬بشهر‭ ‬واحد‭ ‬سنويا‭.‬

لكنني‭ ‬أعجب‭ ‬من‭ ‬تهافتنا‭ ‬نحو‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار‭ ‬وكمية‭ ‬الأصناف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة،‭ ‬وبعدها‭ ‬المسلسلات‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬المقاهي‭ ‬والغبقات،‭ ‬والسؤال‭ ‬هو‭ ‬لماذا‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬الشائع‭ ‬تجاه‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬المبارك‭ ‬الذي‭ ‬تكفينا‭ ‬فيه‭ ‬حفنة‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬بقدر‭ ‬كف‭ ‬اليد‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬طويل‭ ‬نذوق‭ ‬فيه‭ ‬حاجة‭ ‬المسكين‭ ‬وتضور‭ ‬البعض‭ ‬جوعا‭ ‬في‭ ‬مشارق‭ ‬ومغارب‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭.‬

إلى‭ ‬متى‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬الذي‭ ‬أعده‭ ‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬بحق‭ ‬شهر‭ ‬فضيل‭ ‬زاده‭ ‬الله‭ ‬بركة‭ ‬وفضله‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬الشهور؟‭ ‬رمضان‭ ‬ليس‭ ‬مائدة‭ ‬طعام،‭ ‬وليس‭ ‬مسلسلا،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬مقهى،‭ ‬رمضان‭ ‬شهر‭ ‬الروحانيات،‭ ‬وفيه‭ ‬فرص‭ ‬كبيرة‭ ‬للتقرب‭ ‬من‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬كلي‭ ‬رجاء‭ ‬أن‭ ‬نستغل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬ونلتزم‭ ‬جميعا‭ ‬بالإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬ونقلل‭ ‬التجمعات‭ ‬غير‭ ‬الضرورية‭ ‬ونجعل‭ ‬رمضان‭ ‬شهرا‭ ‬أعمق‭ ‬وأقرب‭ ‬صلة‭ ‬بالله‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬عام‭ ‬مضى‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستحقه‭ ‬منا‭ ‬رمضان‭ ‬الخير‭.‬