معاهدة دولية لصد الجوائح

| رضي السماك

نشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬لوموند‭ ‬الفرنسية‭ ‬مساء‭ ‬الاثنين‭ ‬الماضي‭ ‬مقالاً‭ ‬مشتركاً‭ ‬لزعماء‭ ‬23‭ ‬دولة‭ ‬ومنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬معاهدة‭ ‬دولية‭ ‬يدعون‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬لمساعدة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬حالات‭ ‬الطوارئ‭ ‬الصحية‭ ‬المستقبلية‭ ‬مثل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬كما‭ ‬تهدف‭ ‬المعاهدة‭ ‬لتعزيز‭ ‬قدرة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬الأوبئة‭ ‬المستقبلية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نظم‭ ‬تحذير‭ ‬أفضل‭ ‬ومشاركة‭ ‬البيانات‭ ‬والأبحاث‭ ‬وعمليات‭ ‬الإنتاج‭ ‬وتوزيع‭ ‬اللقاحات‭ ‬والأدوية‭ ‬والفصوحات‭ ‬ومعدات‭ ‬الوقاية‭ ‬الشخصية؛‭ ‬وبناء‭ ‬هيكل‭ ‬صحي‭ ‬دولي‭ ‬أكثر‭ ‬صلابة‭ ‬يوفر‭ ‬الحماية‭ ‬للأجيال‭ ‬المقبلة،‭ ‬والتأكيد‭ ‬بأن‭ ‬صحة‭ ‬البشر‭ ‬والحيوانات‭ ‬والكوكب‭ ‬مرتبطة‭ ‬كافة‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض؛‭ ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تقاسم‭ ‬المسؤولية‭ ‬والشفافية‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي‭. ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الموقعين‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬المعاهدة‭ ‬المقترحة‭ ‬رؤساء‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬واليونان‭ ‬والبرتغال‭ ‬ورئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬شارل‭ ‬ميشال‭ ‬ومدير‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬تيدروس‭ ‬أدهانوم،‭ ‬لكن‭ ‬المقال‭ ‬لوحظ‭ ‬خلوه‭ ‬من‭ ‬مشاركة‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين،‭ ‬ولاسيما‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬والصين‭ ‬واليابان‭ ‬والهند‭ ‬والبرازيل‭.‬

ويعترف‭ ‬الموقعون‭ ‬على‭ ‬النداء‭ ‬ضمنياً‭ ‬بأن‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭ - ‬19‭ ‬كشفت‭ ‬نقاط‭ ‬ضعف‭ ‬الدول‭ ‬وانقساماتها،‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬إنشاء‭ ‬قيادة‭ ‬عالمية‭ ‬تستطيع‭ ‬التأهب‭ ‬للجوائح‭ ‬القادمة‭ ‬وصولاً‭ ‬لتحقيق‭ ‬نظام‭ ‬صحي‭ ‬عالمي‭ ‬قوامه‭ ‬التضامن‭ ‬والعدالة‭ ‬والشفافية‭ ‬والشمول‭ ‬والإنصاف‭ ‬وضمان‭ ‬وصول‭ ‬شامل‭ ‬وعادل‭ ‬إلى‭ ‬لقاحات‭ ‬وأدوية‭ ‬ووسائل‭ ‬تشخيص‭ ‬آمنة‭ ‬وفعالة‭ ‬وميسورة‭ ‬التكلفة‭ ‬للجائحة‭ ‬الراهنة‭ ‬والجوائح‭ ‬المستقبلية‭. ‬ودون‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الدعوة‭ ‬لمعاهدة‭ ‬كهذه،‭ ‬فإن‭ ‬تساؤلات‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬هنا‭: ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بحاجة‭ ‬لأن‭ ‬تفتك‭ ‬بها‭ ‬جائحة‭ ‬بهذه‭ ‬الخطورة‭ ‬لتفكر‭ ‬بحاجتها‭ ‬لمعاهدة‭ ‬كتلك‭ ‬الآن‭ ‬فقط‭ ‬لمواجهة‭ ‬الجوائح‭ ‬المستقبلية؟‭ ‬ألا‭ ‬تفي‭ ‬مهمات‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬الصحية‭ ‬الدولية‭ ‬بمثل‭ ‬ذلك‭ ‬التعاون‭ ‬وصد‭ ‬الجوائح‭ ‬اللذين‭ ‬نادى‭ ‬بهما‭ ‬مشروع‭ ‬المعاهدة‭ ‬الجديدة؟‭ ‬فلماذا‭ ‬غار‭ ‬تفعيل‭ ‬تلك‭ ‬الأدوات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الجائحة‭ ‬الحالية؟‭ ‬والحال‭ ‬ليست‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬ما‭ ‬ينقص‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المتنوعة؛‭ ‬فلديه‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬عشرات‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية،‭ ‬لكن‭ ‬معظمها‭ ‬بقي‭ ‬حبراً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الإرادة‭ ‬الدولية‭ ‬المشتركة‭ ‬الجادة‭ ‬لتنفيذها‭ ‬وطغيان‭ ‬المنازعات‭ ‬والخلافات‭ ‬الدولية‭.‬