سوالف

الترويج لحسابات “الميوعة”... حالة غريبة تطوق مجتمعنا بالظلال

| أسامة الماجد

تلقيت‭ ‬عدة‭ ‬اتصالات‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الإخوة‭ ‬الأدباء‭ ‬عن‭ ‬زاوية‭ ‬الأمس‭ ‬“لماذا‭ ‬يتجه‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬حسابات‭ ‬الهشك‭ ‬بشك”،‭ ‬وجميعهم‭ ‬أكدوا‭ ‬لي‭ ‬بالأحجام‭ ‬الدقيقة‭ ‬أن‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬أشرنا‭ ‬إليها‭ ‬خطيرة‭ ‬جدا‭ ‬وبمختلف‭ ‬الصيغ،‭ ‬وتكرس‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ضار‭ ‬بالمجتمع،‭ ‬فعندما‭ ‬يتحول‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬الحيوي‭ ‬المؤثر‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬“وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي”‭ ‬إلى‭ ‬حقول‭ ‬دخان‭ ‬ورقص‭ ‬وثرثرة‭ ‬وفيضانات‭ ‬من‭ ‬الإسفاف،‭ ‬وتجد‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬تقبل‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬الطواف‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬القبر‭ ‬لتأخذ‭ ‬منه‭ ‬الاستشارات‭ ‬وكأنها‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬الألماس‭ ‬الأزرق،‭ ‬فقل‭ ‬على‭ ‬مجتمعنا‭ ‬السلام‭.‬

صديق‭ ‬روائي‭ ‬أخبرني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬خوف‭ ‬إطلاقا‭ ‬على‭ ‬الكلمة‭ ‬المكتوبة‭ ‬من‭ ‬الكلمة‭ ‬المسموعة‭ ‬أو‭ ‬المرئية،‭ ‬فالكتاب‭ ‬سيظل‭ ‬قائما‭ ‬رغم‭ ‬السينما‭ ‬والتلفزيون‭ ‬والإذاعة،‭ ‬والرواية‭ ‬رغم‭ ‬طولها‭ ‬ستظل‭ ‬قائمة‭ ‬ما‭ ‬بقيت‭ ‬أشكال‭ ‬الكلمة‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬شعر‭ ‬وقصة‭ ‬ومقال،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬قلق‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬يأخذ‭ ‬شكلا‭ ‬حادا‭ ‬وهو‭ ‬الترويج‭ ‬لحسابات‭ ‬التخلف‭ ‬والميوعة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بشكل‭ ‬مخيف،‭ ‬والعزوف‭ ‬عن‭ ‬متابعة‭ ‬حسابات‭ ‬الأدباء‭ ‬والمثقفين،‭ ‬فقد‭ ‬لاحظت‭ ‬–‭ ‬الكلام‭ ‬للصديق‭ - ‬أن‭ ‬من‭ ‬يتابع‭ ‬حساباتنا‭ ‬ويعلق‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ننشره‭ ‬من‭ ‬مقالات‭ ‬وغيرها،‭ ‬هم‭ ‬أصدقاؤنا‭ ‬فقط‭ ‬الذين‭ ‬نلتقي‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬الأمسيات‭ ‬والندوات،‭ ‬وتكاد‭ ‬تخلو‭ ‬قائمة‭ ‬المتابعين‭ ‬من‭ ‬اسم‭ ‬يهتم‭ ‬بالخلق‭ ‬الأدبي‭ ‬والجوانب‭ ‬المتعددة‭ ‬للفكر،‭ ‬ليس‭ ‬معي‭ ‬فقط،‭ ‬إنما‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الدهشة‭ ‬تأكل‭ ‬وجوهنا‭ ‬وتجعلنا‭ ‬نبحث‭ ‬في‭ ‬طيات‭ ‬الزمن‭ ‬الخاسر‭ ‬عن‭ ‬ميناء‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭. ‬أتساءل‭ ‬والقهر‭ ‬يتدفق‭ ‬في‭ ‬شرياني‭ ‬كلدغ‭ ‬الجمر‭.. ‬كيف‭ ‬لمجتمع‭ ‬معروف‭ ‬بثروته‭ ‬الثقافية‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬فيه‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬بهذه‭ ‬الحدود‭ ‬الضيقة‭ ‬وتشجيع‭ ‬الترويج‭ ‬لحسابات‭ ‬التخلف‭ ‬والميوعة؟

وأرد‭ ‬على‭ ‬الصديق‭.. ‬حالة‭ ‬غريبة‭ ‬تطوق‭ ‬مجتمعنا‭ ‬بالظلال،‭ ‬فعندما‭ ‬تردم‭ ‬حسابات‭ ‬الأدباء‭ ‬والمفكرين‭ ‬وحتى‭ ‬بعض‭ ‬كبار‭ ‬الفنانين‭ ‬بتراب‭ ‬التجاهل‭ ‬إن‭ ‬جاز‭ ‬لنا‭ ‬التعبير،‭ ‬وتملأ‭ ‬صدور‭ ‬الناس‭ ‬بموسيقى‭ ‬حسابات‭ ‬“الهشك‭ ‬بشك”‭ ‬فقد‭ ‬وصلنا‭ ‬فعليا‭ ‬إلى‭ ‬أهوال‭ ‬التصدع‭.‬