فجر جديد

الموظف “الفهيم”

| إبراهيم النهام

هناك‭ ‬إشكالية‭ ‬تكمن‭ ‬بعقلية‭ ‬بعض‭ ‬الموظفين‭ ‬الصغار‭ ‬والجدد،‭ ‬والذين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬عجلة‭ ‬العمل‭ ‬لن‭ ‬تسير‭ ‬إلا‭ ‬بهم،‭ ‬وأنهم‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬غابوا،‭ ‬فإن‭ ‬الدنيا‭ ‬ستقوم‭ ‬ولن‭ ‬تقعد،‭ ‬وأن‭ ‬الشركة‭ ‬ستقف‭ ‬على‭ ‬ساق‭ ‬واحدة‭ ‬بسبب‭ ‬غيابهم،‭ ‬ومن‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬يناطح‭ ‬باستمرار‭ ‬أصحاب‭ ‬الخبرات‭ ‬والمعرفة‭ ‬ممن‭ ‬سبقوهم‭ ‬الدخول‭ ‬بمضمار‭ ‬العمل،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يراعوا‭ ‬السن‭ ‬أو‭ ‬الخبرة‭ ‬أو‭ ‬المهارة‭ ‬الوظيفية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬برأيي‭ ‬يرتبط‭ ‬بالتربية‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭.‬

ومنهم‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬نفسه‭ ‬الفهيم‭ ‬بالأمور،‭ ‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬المسؤول‭ ‬أو‭ ‬المدير‭ ‬منحه‭ ‬الثقة‭ ‬بأمر‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬فتح‭ ‬له‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬لكي‭ ‬يظهر‭ ‬مواهبه‭ ‬وقدراته،‭ ‬ليأخذها‭ ‬فرصة‭ ‬ليصغر‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬حوله،‭ ‬ويبدأ‭ ‬بتعكير‭ ‬صفو‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬صافية‭ ‬حتى‭ ‬حضوره‭.‬

وجود‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬المسمومة‭ ‬ببعض‭ ‬بيئات‭ ‬العمل،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يغرقها‭ ‬بالحروب‭ ‬الخفية‭ ‬والمعلنة،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تحيد‭ ‬عن‭ ‬الجهل‭ ‬ومحاولة‭ ‬فرض‭ ‬“الشو”‭ ‬وسحب‭ ‬البساط‭ ‬من‭ ‬الآخرين،‭ ‬والأهم‭ ‬التنفع‭ ‬بالصعود‭ ‬على‭ ‬ظهورهم،‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬لا‭ ‬يفقهون‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬الحياة‭ ‬شيئا‭.‬

من‭ ‬الضرورة‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية‭ ‬الحكومية‭ ‬وفي‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬للموظفين،‭ ‬دورات‭ ‬تعنى‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬نفسها،‭ ‬حيث‭ ‬تدمر‭ ‬الأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬الجهود‭ ‬الأخرى،‭ ‬وتعود‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬الصفر‭ ‬وما‭ ‬دونها،‭ ‬ومن‭ ‬الضرورة‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬المسؤولون‭ ‬بحدوث‭ ‬هذه‭ ‬التماديات‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الموظفين،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬لديهم‭ ‬رؤية‭ ‬ثاقبة‭ ‬في‭ ‬تمييز‭ ‬معادن‭ ‬من‭ ‬يعملون‭ ‬تحت‭ ‬إمرتهم،‭ ‬وتمييز‭ ‬الصالح‭ ‬منهم‭ ‬عن‭ ‬المنافق‭ ‬والمتزلف‭ ‬والمتربص‭ ‬للفرص،‭ ‬والذي‭ ‬يلتقط‭ ‬ثمرات‭ ‬غيره‭ ‬غالبا،‭ ‬دون‭ ‬جهد‭.‬