من جديد

صناعة المحتوى

| د. سمر الأبيوكي

لغط‭ ‬كبير‭ ‬سببه‭ ‬مصطلح‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوى،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنه‭ ‬انتشر‭ ‬كالنار‭ ‬في‭ ‬الهشيم‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مستخدميه،‭ ‬فوجدنا‭ ‬الأغلبية‭ ‬تسأل‭ ‬بتهكم‭ ‬عن‭ ‬ماذا‭ ‬يقدم‭ ‬“فلان”‭ ‬من‭ ‬محتوى‭ ‬في‭ ‬صفحته‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فلان‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬“اللاشيء”،‭ ‬فـ‭ ‬“اللاشيء”‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬محتوى‭ ‬مختلف‭ ‬ومغاير،‭ ‬وأستذكر‭ ‬هنا‭ ‬وفي‭ ‬صناعة‭ ‬السينما‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬كانت‭ ‬تترك‭ ‬نهاياتها‭ ‬مفتوحة،‭ ‬وذلك‭ ‬أن‭ ‬اللاشيء‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬يعطي‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬إعمال‭ ‬الفكر‭ ‬والمخيلة‭ ‬لدى‭ ‬المتلقي‭ ‬والجمهور‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬توجهه،‭ ‬فمن‭ ‬يميل‭ ‬للشر‭ ‬يرى‭ ‬الأحداث‭ ‬ونهايتها‭ ‬بشكل‭ ‬مغاير‭ ‬لمن‭ ‬يميل‭ ‬للخير،‭ ‬وعليه‭ ‬فإنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تكون‭  ‬صناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬هدفا‭ ‬محددا‭ ‬أو‭ ‬موضوعا‭ ‬بعينه‭ ‬أو‭ ‬شكلا‭ ‬معينا‭ ‬يقدم‭ ‬للجمهور،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬يلجأون‭ ‬لما‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬مواصفات‭ ‬يقدمون‭ ‬أيضا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ناجح‭ ‬ويمكن‭ ‬متابعته‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬بين‭ ‬هبوط‭ ‬وصعود،‭ ‬فأستاذ‭ ‬جامعي‭ ‬غارق‭ ‬بين‭ ‬الكتب‭ ‬والأبحاث‭ ‬قد‭ ‬يود‭ ‬أن‭ ‬ينشر‭ ‬جانبا‭ ‬خفيا‭ ‬في‭ ‬شخصيته‭ ‬لم‭ ‬يلمسه‭ ‬المحيطون‭ ‬به،‭ ‬كحبه‭ ‬السفر‭ ‬مثلا‭ ‬وزيارته‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬فليس‭ ‬قسرا‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬العلوم‭ ‬أو‭ ‬الأبحاث‭ ‬فقط‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬عبر‭ ‬صفحته‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي،‭ ‬أيضا‭ ‬المحامية‭ ‬المعروفة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تتشارك‭ ‬مع‭ ‬متابعيها‭ ‬وصفات‭ ‬الطعام‭ ‬وكيفية‭ ‬تزيين‭ ‬المائدة‭ ‬وغيرها،‭ ‬وقد‭ ‬نجد‭ ‬طبيبا‭ ‬يقدم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬عبر‭ ‬رسومات‭ ‬ينشرها‭ ‬في‭ ‬صفحته‭.‬

ببساطة‭ ‬شديدة،‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭ ‬والظروف‭ ‬التي‭ ‬صقلت‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬عبر‭ ‬تجربته‭ ‬الخاصة،‭ ‬لذلك‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬المحتوى‭ ‬أوسع‭ ‬مما‭ ‬تتصوره،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬تتخيله‭ ‬لدى‭ ‬البعض،‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬ذائقته‭ ‬وخياراته‭ ‬وما‭ ‬تميل‭ ‬له‭ ‬نفسه،‭ ‬فلا‭ ‬محتوى‭ ‬ثابت‭ ‬دوما‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬البعض‭ ‬يعمل‭ ‬بكل‭ ‬جهد‭ ‬على‭ ‬الثبات‭ ‬على‭ ‬منهجية‭ ‬واحدة‭ ‬وشكل‭ ‬ومضمون‭ ‬واحد،‭ ‬فدعواتنا‭ ‬له‭ ‬بالتوفيق،‭ ‬لكن‭ ‬المحتوى‭ ‬أوسع‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬سؤال‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يطرأ‭ ‬على‭ ‬البال‭.‬