20 عامًا من الحب

| د. عبدالله الحواج

رغم‭ ‬زخم‭ ‬الذكريات،‭ ‬وعبق‭ ‬الواقع‭ ‬المحيط،‭ ‬احتفلنا‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬بمرور‭ ‬20‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬ولادة‭ ‬هذا‭ ‬الصرح‭ ‬الأكاديمي‭ ‬الطليق،‭ ‬اقتسمنا‭ ‬“كيكة”‭ ‬الفرح،‭ ‬وحلمنا‭ ‬بأيام‭ ‬أجمل‭ ‬نتوق‭ ‬إليها‭ ‬معًا،‭ ‬وعاهدنا‭ ‬أنفسنا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عاهدنا‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جامعتنا‭ ‬أكثر‭ ‬يفوعًا‭ ‬واستنارة،‭ ‬أكثر‭ ‬ارتباطًا‭ ‬بقضايا‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬وهموم‭ ‬شعبنا،‭ ‬وأن‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬العهد‭ ‬رابطين‭ ‬الجأش،‭ ‬كلنا‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد،‭ ‬وكلنا‭ ‬أمام‭ ‬تحدي‭ ‬العلوم‭ ‬والفنون‭ ‬والآداب‭ ‬متابعين،‭ ‬مثابرين،‭ ‬فارزين‭ ‬لكل‭ ‬شاردة‭ ‬وكل‭ ‬واردة‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬المعارف‭ ‬جميعها،‭ ‬وفي‭ ‬أتون‭ ‬التهاتف‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬والتكاتف‭ ‬يدًا‭ ‬بيد،‭ ‬والتعاضد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعليم‭ ‬أرقى،‭ ‬وبحث‭ ‬علمي‭ ‬متصالح‭ ‬مع‭ ‬واقعه،‭ ‬ومؤمن‭ ‬برسالته،‭ ‬وعاقد‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬وأن‭ ‬يزر،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬جوائح‭ ‬كونية‭ ‬قد‭ ‬تجعل‭ ‬منا‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬ننتبه،‭ ‬أقوامًا‭ ‬لا‭ ‬تبقى‭ ‬ولا‭ ‬تزر‭.‬

احتفينا‭ ‬بجامعتنا‭ ‬الفتية‭ ‬عبر‭ ‬رابط‭ ‬الـ‭ ‬“أون‭ ‬لاين”‭ ‬محترزين‭ ‬من‭ ‬تدفقات‭ ‬الفيروس‭ ‬اللعين‭ ‬على‭ ‬أمة‭ ‬بني‭ ‬البشر،‭ ‬من‭ ‬هجماته‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬التصريح‭ ‬بالتلون‭ ‬والتعايش،‭ ‬بالتحور‭ ‬والتحول‭ ‬من‭ ‬وإلى،‭ ‬بالبقاء‭ ‬رغم‭ ‬ثورة‭ ‬اللقاحات،‭ ‬وبالتكاثر‭ ‬رغم‭ ‬تطور‭ ‬الاحترازات،‭ ‬وبالعدوان‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬رغم‭ ‬المناعة‭ ‬المكتسبة‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬تتكون‭ ‬فطريًا‭ ‬بفعل‭ ‬العوامل‭ ‬الوراثية‭ ‬والممارسات‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

احتفلنا‭ ‬بـ‭ ‬20‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬والإرهاص‭ ‬البحثي،‭ ‬والتناغم‭ ‬مع‭ ‬حاجات‭ ‬المجتمع‭ ‬ومعطيات‭ ‬الوطن،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬ورغم‭ ‬“العقدين”‭ ‬مازال‭ ‬أمامنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الطموحات،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأماني‭ ‬والاجتهادات،‭ ‬والقليل‭ ‬من‭ ‬التريث؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬خطوتنا‭ ‬القادمة‭ ‬أكثر‭ ‬يناعة‭ ‬وإبداعًا‭.‬

قد‭ ‬يسألني‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي‭ ‬لـ‭ ‬“الأهلية”،‭ ‬وقد‭ ‬أجيب‭: ‬قريبًا‭ ‬بعون‭ ‬الله،‭ ‬وقد‭ ‬يأخذني‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬بعيدًا‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل،‭ ‬و‭.. ‬ماذا‭ ‬بعد؟‭ ‬وهنا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أدلي‭ ‬بالكثير،‭ ‬عن‭ ‬الحرم‭ ‬الذكي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬“سلمان”‭ ‬الشمالية،‭ ‬عن‭ ‬محاكاة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الفائقة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وتقنية‭ ‬الزمن‭ ‬المتسارع‭ ‬وموقع‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬منها،‭ ‬الحرم‭ ‬في‭ ‬الطريق،‭ ‬والتقنيات‭ ‬في‭ ‬المتناول،‭ ‬والمناهج‭ ‬ستظل‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬المحك،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬شقي‭ ‬الرحى،‭ ‬شق‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬ونستطيع‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬بالاحترافية‭ ‬والمهنية‭ ‬الواجبة،‭ ‬والآخر‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬“مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي”‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يدخر‭ ‬جهدًا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬جامعاتنا‭ ‬“حكومي‭ ‬وخاص”‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة،‭ ‬وكتفًا‭ ‬بكتف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالمنظومة‭ ‬ووضعها‭ ‬في‭ ‬مركزها‭ ‬الطبيعي‭ ‬الطليعي‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إليه‭ ‬قادتنا‭ ‬الأوفياء‭ ‬وتؤكد‭ ‬عليه‭ ‬الحكومة‭ ‬الرشيدة‭.‬

20‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬الكثير‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الجامعات‭ ‬الباهرة،‭ ‬مجرد‭ ‬رقم‭ ‬على‭ ‬الطريق،‭ ‬وعلامة‭ ‬على‭ ‬مدرج،‭ ‬وسبيل‭ ‬نحو‭ ‬هدف،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬بأن‭ ‬العشرين‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬والاجتهاد‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تمر‭ ‬مرور‭ ‬الكرام،‭ ‬وأن‭ ‬الـ20‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬العلوم‭ ‬قد‭ ‬تعني‭ ‬الكثير‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعلماء‭ ‬والأكاديميين،‭ ‬فالثانية‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬معامل‭ ‬التجارب،‭ ‬والفيمتو‭ ‬ثانية‭ ‬“جائزة‭ ‬نوبل”‭ ‬لعالم‭ ‬عربي‭ ‬اكتشفها‭ ‬ومازالت‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬آليات‭ ‬البحث‭ ‬والتقصي‭.‬

نحن‭ ‬لسنا‭ ‬بأقل‭ ‬من‭ ‬غيرنا،‭ ‬ولم‭ ‬نكن‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬سنة‭ ‬الماضية‭ ‬مجرد‭ ‬مواد‭ ‬ومعادلات‭ ‬ومعامل‭ ‬وأنابيب‭ ‬اختبار،‭ ‬لكننا‭ ‬كنا‭ ‬ومازلنا‭ ‬وسنظل‭ ‬دائمي‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الأفضل،‭ ‬عن‭ ‬الأرقى،‭ ‬عن‭ ‬الأكثر‭ ‬تميزًا،‭ ‬سنظل‭ ‬ثابتين‭ ‬في‭ ‬مواقعنا،‭ ‬عاقدين‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬جامعتنا‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬جامعات‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭ ‬المهم‭ ‬جدًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬وسنظل‭ ‬مؤمنين‭ ‬برسالتنا،‭ ‬واثقين‭ ‬من‭ ‬خطانا،‭ ‬فاتحين‭ ‬أيدينا‭ ‬وصدورنا‭ ‬وعقولنا‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إبداعي‭ ‬خلاق،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إنساني‭ ‬تواق،‭ ‬لن‭ ‬نتنازل‭ ‬عن‭ ‬هدفنا‭ ‬الأسمى‭ ‬كجامعة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬المستحيل،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬مستحيلات‭ ‬في‭ ‬دنيا‭ ‬العلوم‭ ‬والفنون‭ ‬وعالم‭ ‬الإبداع‭ ‬الجامح،‭ ‬كل‭ ‬الممكنات‭ ‬متاحة،‭ ‬وكل‭ ‬الإمكانات‭ ‬سنسعى‭ ‬إلى‭ ‬توفيرها،‭ ‬وكل‭ ‬المهارات‭ ‬سوف‭ ‬تخضع‭ ‬لإدارتنا‭ ‬الباحثة‭ ‬الدءوبة‭.‬

20‭ ‬عامًا‭ ‬مضت‭ ‬وكأنها‭ ‬ثوانٍ‭ ‬على‭ ‬عقارب‭ ‬ساعة‭ ‬سريعة‭ ‬الحركة،‭ ‬وفي‭ ‬مكمن‭ ‬جامعة‭ ‬آمنت‭ ‬بالرسالة‭ ‬ومنحت‭ ‬لها‭ ‬الوقت‭ ‬كل‭ ‬الوقت،‭ ‬وفي‭ ‬جعبة‭ ‬هيئتين‭ ‬أكاديمية‭ ‬وإدارية‭ ‬ومجلس‭ ‬إدارة‭ ‬ومجلس‭ ‬أمناء‭ ‬يبذل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعه؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬جامعتنا‭ ‬الأهلية‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬المقدمة،‭ ‬ودائمًا‭ ‬في‭ ‬الخطوط‭ ‬الأمامية‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬ثورة‭ ‬المعلومات‭ ‬وتتعاطى‭ ‬مع‭ ‬البنى‭ ‬المتعددة‭ ‬للتقنيات‭ ‬الحديثة،‭ ‬وتتعامل‭ ‬مع‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬الوسيلة‭ ‬وأنه‭ ‬الأمل‭ ‬ومع‭ ‬الوطن‭ ‬الأكثر‭ ‬ازدهارًا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬الهدف‭ ‬وأنه‭ ‬المرتجى‭.‬