لماذا يكتب الأدباء؟

| أميرة صليبيخ

أقرأ‭ ‬عن‭ ‬حيوات‭ ‬الأدباء‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر،‭ ‬وأحاول‭ ‬أن‭ ‬أوجد‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬أسبابا‭ ‬تجعلهم‭ ‬يستمرون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬الشاقة‭ ‬والمرهقة‭ ‬للأعصاب،‭ ‬فهل‭ ‬الشغف‭ ‬وحده‭ ‬كاف؟‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬الصادر‭ ‬بعنوان‭ ‬“لماذا‭ ‬نكتب”‭ ‬لميرديث‭ ‬ماران،‭ ‬والذي‭ ‬قام‭ ‬بترجمته‭ ‬مشكورا‭ ‬“مشروع‭ ‬تكوين”‭ ‬للكاتبة‭ ‬الكويتية‭ ‬بثينة‭ ‬العيسى،‭ ‬والمنشور‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدار‭ ‬العربية‭ ‬للعلوم،‭ ‬طُرح‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأدباء،‭ ‬وتنوعت‭ ‬إجاباتهم‭ ‬الإبداعية‭ ‬عليه‭.‬

الكاتبة‭ ‬التشيلية‭ ‬إيزابيل‭ ‬الليندي،‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الكاتبات‭ ‬التي‭ ‬يقرأ‭ ‬لهن‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬تقول‭ ‬إنها‭ ‬تحتاج‭ ‬لأن‭ ‬تروي‭ ‬قصة‭.. ‬إنه‭ ‬هاجس،‭ ‬فكل‭ ‬القصص‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬بذور‭ ‬بداخلها‭ ‬تنمو‭ ‬مثل‭ ‬ورم‭ ‬وعليها‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬عاجلا‭ ‬أم‭ ‬آجلا،‭ ‬وتريد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قصصها‭ ‬أن‭ ‬توقع‭ ‬تأثيرا‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬القارئ‭ ‬وعقله،‭ ‬وطالما‭ ‬كانت‭ ‬الكلمات‭ ‬مجانية‭ ‬فبإمكانها‭ ‬استخدام‭ ‬القدر‭ ‬اللانهائي‭ ‬الذي‭ ‬ترغب‭ ‬به‭.‬

أما‭ ‬الأميركية‭ ‬جودي‭ ‬بيكُلت‭ ‬فهي‭ ‬تكتب‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬ألا‭ ‬تكتب،‭ ‬فطالما‭ ‬راودتها‭ ‬الفكرة‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬تسميم‭ ‬وجودها‭ ‬اليقظ‭ ‬وتحتاج‭ ‬لأن‭ ‬تجد‭ ‬الأجوبة‭ ‬على‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تحيرها‭. ‬أما‭ ‬مواطنتها‭ ‬الكاتبة‭ ‬جنيفر‭ ‬إيغان‭ ‬فحين‭ ‬لا‭ ‬تكتب‭ ‬يجتاحها‭ ‬شعور‭ ‬بفقد‭ ‬شيء‭ ‬ما،‭ ‬وإذا‭ ‬طال‭ ‬بها‭ ‬الأمر‭ ‬تزداد‭ ‬الأمور‭ ‬سوءاً‭ ‬ويصيبها‭ ‬اكتئاب‭! ‬وعندما‭ ‬تكتب‭ ‬فهي‭ ‬تعيش‭ ‬بعدين‭ ‬مختلفين،‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬والعالم‭ ‬الذي‭ ‬تقيم‭ ‬فيه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬به‭ ‬أحد‭.. ‬عالم‭ ‬الكتابة‭.‬

الروائي‭ ‬الأميركي‭ ‬جيمس‭ ‬ن‭. ‬فري‭ ‬يشعر‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬مؤهلا‭ ‬حقا‭ ‬لفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬الكتابة،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬فإنه‭ ‬حتما‭ ‬سيجن‭! ‬فهو‭ ‬يكتب‭ ‬كتبا‭ ‬يتمنى‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬غيره‭ ‬كتبها،‭ ‬إنها‭ ‬كتب‭ ‬يتمنى‭ ‬قراءتها،‭ ‬فبالكتابة‭ ‬استطاع‭ ‬فري‭ ‬أن‭ ‬يعثر‭ ‬على‭ ‬نفسه‭!‬

 

إن‭ ‬أسباب‭ ‬الكتابة‭ ‬تختلف‭ ‬وتتنوع‭ ‬وينتج‭ ‬عنها‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬رفد‭ ‬المكتبات‭ ‬بكتب‭ ‬تود‭ ‬لو‭ ‬أنك‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬من‭ ‬قراءتها،‭ ‬فالأدباء‭ ‬لا‭ ‬يقودهم‭ ‬الشغف‭ ‬وحده‭ ‬بل‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يتركوا‭ ‬أثرا‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يغادروه‭. ‬فهل‭ ‬وجدت‭ ‬شغفك‭.. ‬أم‭ ‬مازلت‭ ‬تتخبط‭ ‬باحثا‭ ‬عن‭ ‬معناك؟‭.‬