ما وراء الحقيقة

لعبة الإخوان الجديدة

| د. طارق آل شيخان الشمري

علينا‭ ‬أن‭ ‬نتريث‭ ‬قليلا‭ ‬ونقرأ‭ ‬بشكل‭ ‬حكيم‭ ‬الوضع‭ ‬التركي‭ ‬الأخير‭ ‬بخصوص‭ ‬تقييد‭ ‬حرية‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬وترحيل‭ ‬بعض‭ ‬عناصرها،‭ ‬فما‭ ‬تم‭ ‬تسريبه‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الرضوخ‭ ‬التركي‭ ‬له‭ ‬شقان،‭ ‬الشق‭ ‬المباشر‭ ‬والواضح‭ ‬الذي‭ ‬تمثل‭ ‬بما‭ ‬تم‭ ‬تسريبه‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬ضد‭ ‬الإخوان،‭ ‬والشق‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬الإجراءات‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬والخفية‭ ‬التي‭ ‬ستقوم‭ ‬بها‭ ‬تركيا‭ ‬وبعض‭ ‬الجهات‭ ‬الداعمة‭ ‬الأخرى‭ ‬للإخوان‭.‬

فمهما‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تسريبه‭ ‬من‭ ‬تخفيف‭ ‬نبرة‭ ‬البرامج‭ ‬السياسية‭ ‬لقنوات‭ ‬الإخوان‭ ‬بتركيا‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إغلاقها‭ ‬نهائيا،‭ ‬وما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬سحب‭ ‬الجوازات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬منحها‭ ‬للإخوان،‭ ‬ومراجعة‭ ‬السلطات‭ ‬التركية‭ ‬الإخوان‭ ‬الذين‭ ‬دخلوا‭ ‬تركيا‭ ‬منذ‭ ‬2013‭ ‬وإبلاغ‭ ‬بعض‭ ‬عناصر‭ ‬الإخوان‭ ‬بمغادرة‭ ‬تركيا‭ ‬إما‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا‭ ‬أو‭ ‬ماليزيا‭.. ‬إلخ،‭ ‬لا‭ ‬يغير‭ ‬حقيقتين‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نكرانهما،‭ ‬الحقيقة‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬التركية‭ ‬ضد‭ ‬الإخوان،‭ ‬كان‭ ‬بعلم‭ ‬ودعم‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬حماية‭ ‬النظام‭ ‬العثماني‭ ‬هناك،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬التورط‭ ‬بالإضرار‭ ‬وتدمير‭ ‬الأمن‭ ‬العربي‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬وتهجير‭ ‬ودمار‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬ومصر‭ ‬والصومال،‭ ‬وتورط‭ ‬في‭ ‬التحريض‭ ‬ضد‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات،‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬للإخوان‭ ‬المسلمين‭.‬

أما‭ ‬الحقيقة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يدركها‭ ‬العرب‭ ‬بعد‭ ‬شعورهم‭ ‬بهذا‭ ‬النصر،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬العدالة،‭ ‬وبعض‭ ‬الجهات‭ ‬الداعمة‭ ‬للإخوان،‭ ‬ومنها‭ ‬جهات‭ ‬غربية،‭ ‬لن‭ ‬يتخلوا‭ ‬أبدا‭ ‬عن‭ ‬الإخوان‭ ‬وسيستمر‭ ‬الدعم‭ ‬لكن‭ ‬بطريقتين‭ ‬هما‭: ‬دعمهم‭ ‬على‭ ‬أراض‭ ‬غير‭ ‬الأراضي‭ ‬التركية،‭ ‬كأي‭ ‬بلد‭ ‬أوروبي‭ ‬أو‭ ‬بلد‭ ‬موال‭ ‬لتركيا‭ ‬مثل‭ ‬إيران‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬أميركا،‭ ‬تحت‭ ‬بند‭ ‬اللجوء‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬الهجرة،‭ ‬والطريقة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬تمويلهم‭ ‬المادي‭ ‬ليستمروا‭ ‬بقنواتهم‭ ‬ومنصاتهم‭ ‬الإعلامية‭ ‬ومراكزهم‭ ‬الحقوقية‭ ‬عبر‭ ‬طرف‭ ‬ثالث‭ ‬ليس‭ ‬تركيا‭ ‬بل‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬شركة‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬غطاء‭ ‬تجاري،‭ ‬وبهذا‭ ‬فإن‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬والجهات‭ ‬سيدعون‭ ‬أنهم‭ ‬طردوا‭ ‬الإخوان‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬ويرفعوا‭ ‬الحرج‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم،‭ ‬لكن‭ ‬الإخوان‭ ‬سيستمرون‭ ‬بعبوديتهم‭ ‬لأردوغان‭ ‬وبعض‭ ‬الجهات،‭ ‬ويمضوا‭ ‬في‭ ‬الإضرار‭ ‬بمصر‭ ‬والأمة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬جديدة‭ ‬وتمويل‭ ‬جديد‭.‬