الشيخ والتنوير

| عبدعلي الغسرة

الشيخ‭ ‬والتنوير‭ ‬إحدى‭ ‬روائع‭ ‬الكاتب‭ ‬البحريني‭ ‬الدكتور‭ ‬نادر‭ ‬كاظم،‭ ‬كتابٌ‭ ‬يَسرد‭ ‬فيه‭ ‬الكاتب‭ ‬تاريخ‭ ‬شيخ‭ ‬التنوير‭ ‬البحريني‭ ‬الأديب‭ ‬والشاعر‭ ‬الراحل‭ ‬“الشيخ‭ ‬إبراهيم‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة”،‭ ‬كتابٌ‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬التاريخ‭ ‬والسيرة‭ ‬والأدب،‭ ‬جامعُ‭ ‬لتاريخ‭ ‬الرجال‭ ‬والأحداث،‭ ‬إنه‭ ‬رحلة‭ ‬شيقة‭ ‬وجميلة‭ ‬لسيرة‭ ‬الأديب‭ ‬الذي‭ ‬بقلمه‭ ‬وشعره‭ ‬ومواقفه‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬الثقافة‭ ‬ووضع‭ ‬أطرها،‭ ‬واهتم‭ ‬بما‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ثقافي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ترجل‭ ‬عن‭ ‬سوحِ‭ ‬المعارك‭ ‬وسار‭ ‬شامخًا‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬الثقافة‭ ‬أدبًا‭ ‬وشعرًا‭ ‬واطلاعًا‭.‬

عاش‭ ‬حياته‭ ‬كلها‭ ‬مع‭ ‬عالم‭ ‬الاطلاع‭ ‬والقراءة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬الثقافي‭ ‬من‭ ‬الكُتب‭ ‬المتنوعة‭ ‬والمجلات‭ ‬والجرائد‭ ‬المُنتشرة،‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬شرائها‭ ‬واقتنائها‭ ‬بكل‭ ‬السُبل،‭ ‬متابعًا‭ ‬إصدار‭ ‬كل‭ ‬جديد،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬قراءتها‭ ‬ووصولها‭ ‬إلى‭ ‬مجلسه‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عامرًا‭ ‬بالثقافة‭ ‬التي‭ ‬هوت‭ ‬إليها‭ ‬النفوس‭ ‬لتطلع‭ ‬إليها‭ ‬وتقرأ‭ ‬ما‭ ‬بها،‭ ‬وسافر‭ ‬الشيخ‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬وقابل‭ ‬أدباءها‭ ‬وجلس‭ ‬مع‭ ‬مثقفيها‭ ‬واستمع‭ ‬لشعرائها،‭ ‬واستقبل‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وكان‭ ‬يستمع‭ ‬إليهم‭ ‬ويستمعون‭ ‬إليه‭ ‬أدبًا‭ ‬وشعرًا‭.‬

ويتحدث‭ ‬الكتاب‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬ورجالاتها‭ ‬وأدبائها‭ ‬الأولين‭ ‬الذين‭ ‬زخرت‭ ‬بهم،‭ ‬وعن‭ ‬تاريخها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وأحداثها‭ ‬وأماكنها،‭ ‬ويستعرض‭ ‬الشخصيات‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬السياسية‭ ‬والثقافية‭ ‬والتجارية‭ ‬الذين‭ ‬حطوا‭ ‬رحالهم‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬والتقى‭ ‬بالشيخ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭ ‬وخارجها‭ ‬واستمعوا‭ ‬إلى‭ ‬أدبه‭ ‬وما‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬مجلسه‭ ‬من‭ ‬جرائد‭ ‬ومجلات‭ ‬وكتب‭ ‬ملأت‭ ‬أرجاء‭ ‬مجلسه‭ ‬وجدرانه‭.‬

إن‭ ‬المركز‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬أسسته‭ ‬حفيدته‭ ‬وحمل‭ ‬اسمه‭ ‬علامة‭ ‬ثقافية‭ ‬مضيئة‭ ‬تخلد‭ ‬ذكراه،‭ ‬وأضاف‭ ‬للبحرين‭ ‬عنوانًا‭ ‬ثقافيًا،‭ ‬فالشيخ‭ ‬أحد‭ ‬أعمدتها‭ ‬وأركانها،‭ ‬وعندما‭ ‬يذهب‭ ‬المرء‭ ‬زائرًا‭ ‬لذلك‭ ‬المكان‭ ‬ويتجول‭ ‬بين‭ ‬أركانه‭ ‬يتنفس‭ ‬منه‭ ‬عبق‭ ‬ذلك‭ ‬الزمان‭ ‬المُتوج‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جميل‭ ‬من‭ ‬الأدب‭ ‬والثقافة،‭ ‬مكانٌ‭ ‬تغرفُ‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬شئت‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬ذلك‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬مداميك‭ ‬الثقافة‭ ‬البحرينية،‭ ‬لقد‭ ‬رحل‭ ‬الشيخ‭ ‬واستمر‭ ‬التنوير‭ ‬مُشعًا،‭ ‬وبقي‭ ‬أثره‭ ‬الثقافي‭ ‬لتطلع‭ ‬عليه‭ ‬كل‭ ‬الأجيال‭.‬

كِتاب‭ ‬الشيخ‭ ‬والتنوير‭ ‬كِتابُ‭ ‬جميل‭ ‬لسرد‭ ‬تاريخ‭ ‬شيخ‭ ‬جليل‭ ‬ترك‭ ‬للبحرين‭ ‬وأهلها‭ ‬مخزونا‭ ‬ثقافيا‭ ‬فريدا‭ ‬وكبيرا،‭ ‬كِتاب‭ ‬يستحق‭ ‬القراءة‭ ‬والاقتناء،‭ ‬ووضعه‭ ‬الكاتب‭ ‬لتنوير‭ ‬الجميع‭ ‬بتاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬وأحد‭ ‬أدبائها‭.‬