“بوسطن” الخليج

| د. عبدالله الحواج

كنت‭ ‬سعيد‭ ‬الحظ‭ ‬أن‭ ‬يخصص‭ ‬تلفزيون‭ ‬البحرين‭ ‬القناة‭ (‬55‭) ‬لقاءً‭ ‬خاصًا‭ ‬معي‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬حول‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬أسعدني‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬المحاور‭ ‬وذلك‭ ‬الإعداد،‭ ‬وطلاقة‭ ‬التحاور‭ ‬حول‭ ‬أساسيات‭ ‬التفكير‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬الجامعة‭ ‬نحو‭ ‬منصات‭ ‬التفوق‭ ‬العلمي‭ ‬والأكاديمي،‭ ‬وكيف‭ ‬أنها‭ ‬ضمن‭ ‬منظومة‭ ‬أكاديمية‭ ‬واعدة‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬البذرة‭ ‬الخصبة‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬أكثر‭ ‬خصوبة‭ ‬لتجمع‭ ‬علمي‭ ‬فائق‭ ‬أستطيع‭ ‬تجاوزًا‭ ‬أن‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬بتجمع‭ ‬“بوسطن”‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ذلك‭ ‬التجمع‭ ‬الذي‭ ‬صعد‭ ‬بالحضارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬شواهق‭ ‬العلوم‭ ‬ومنارات‭ ‬الفنون‭ ‬والإبداعات،‭ ‬كان‭ ‬الحوار‭ ‬مستنفرًا‭ ‬للمعلومات،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عادلًا‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬ذلك‭ ‬الجسر‭ ‬بين‭ ‬أفق‭ ‬الدولة،‭ ‬وضفاف‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬الخاص،‭ ‬بين‭ ‬شرعنة‭ ‬القطاع،‭ ‬وترتيب‭ ‬أوضاعه،‭ ‬وقدرة‭ ‬القائمين‭ ‬عليه‭ ‬بأن‭ ‬يكونوا‭ ‬عند‭ ‬حسن‭ ‬الظن،‭ ‬ثم‭ ‬بين‭ ‬قوافل‭ ‬الأسئلة،‭ ‬ومحاولات‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يصول‭ ‬أو‭ ‬يجول‭ ‬بخواطر‭ ‬الناس،‭ ‬حول‭ ‬وضع‭ ‬جامعتنا‭ ‬الخاصة،‭ ‬حول‭ ‬موقعها‭ ‬من‭ ‬الإعراب‭ ‬تحت‭ ‬سماوات‭ ‬متحركة‭ ‬وفوق‭ ‬أراض‭ ‬كثبانية‭ ‬طائرة،‭ ‬وبين‭ ‬زملاء‭ ‬أتقنوا‭ ‬المهنة،‭ ‬وحرصوا‭ ‬على‭ ‬مزاولتها،‭ ‬وجابوا‭ ‬الأرض‭ ‬شرقًا‭ ‬وغربًا‭ ‬وشمالًا‭ ‬وجنوبًا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحويل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬إشعاع‭ ‬حضاري‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬يمثل‭ ‬تلك‭ ‬الديباجة‭ ‬المباركة‭ ‬التي‭ ‬استهل‭ ‬بها‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬مادته‭ ‬الأولى‭ ‬عندما‭ ‬أطلق‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬بإنشاء‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬والأهلية‭ ‬باعتبارها‭ ‬مراكز‭ ‬إشعاع‭ ‬حضاري‭ ‬وعلمي،‭ ‬ومنارات‭ ‬إبداع‭ ‬وتفكير‭ ‬متقدم‭.‬

ونحمد‭ ‬الله‭ ‬ونشكر‭ ‬فضله‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬تزامن‭ ‬مع‭ ‬مشروع‭ ‬إصلاح‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬وضعه‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬الرؤية‭ ‬الشاملة‭ ‬لمستقبل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الإنمائي‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬حاضرًا‭ ‬والحوار‭ ‬التلفزيوني‭ ‬يتجلى‭ ‬ليصل‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الكيفية‭ ‬والآلية‭ ‬والمناخ،‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬الانطلاق‭ ‬وديمومة‭ ‬الاستخلاص‭ ‬لآلية‭ ‬فاعلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أعلى‭ ‬معايير‭ ‬الجودة‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬وأقدس‭ ‬صيحات‭ ‬التوافق‭ ‬مع‭ ‬حاجات‭ ‬المجتمع،‭ ‬وخدمته،‭ ‬ومساعدته‭ ‬على‭ ‬علاج‭ ‬قضاياه‭ ‬وسبر‭ ‬أغوار‭ ‬مشاكله،‭ ‬وتدقيق‭ ‬ملامح‭ ‬إرهاصاته‭ ‬وإنجازاته‭ ‬ومعابره‭.‬

ومن‭ ‬حسن‭ ‬الطالع‭ ‬أن‭ ‬الفرصة‭ ‬كانت‭ ‬متاحة‭ ‬أمامي‭ ‬ولوقت‭ ‬اعتبرته‭ ‬كافيا‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬اختيار‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحديد‭ ‬7‭ ‬أهداف‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬هدفًا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬مدرج‭ ‬التعاطي‭ ‬الأكاديمي‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬حتى‭ ‬حلول‭ ‬عام‭ ‬2030؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬نماء‭ ‬مستدام،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬إرساء‭ ‬قواعده‭ ‬المترامية‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الأممية،‭ ‬والحاجات‭ ‬المجتمعية،‭ ‬والمفترقات‭ ‬العلمية‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬لجامعاتنا‭ ‬ذلك‭ ‬الأثر‭ ‬العيني‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬شكل‭ ‬المجتمع،‭ ‬وفي‭ ‬تبجيل‭ ‬ثوابته،‭ ‬وتصويب‭ ‬مساراته،‭ ‬والوفاء‭ ‬بحاجاته‭.‬

لقد‭ ‬خرجت‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬الكبير‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬لكي‭ ‬تقول‭ ‬للعالم‭ ‬أجمع‭ ‬إن‭ ‬بالبحرين‭ ‬قيادة‭ ‬حكيمة‭ ‬تقرأ‭ ‬المستقبل‭ ‬وتحدد‭ ‬حاجاته،‭ ‬وإن‭ ‬بالبحرين‭ ‬حكومة‭ ‬رشيدة‭ ‬يمكنها‭ ‬مساعدة‭ ‬الجامعات‭ ‬كل‭ ‬الجامعات‭ ‬بجناحيها‭ ‬الخاص‭ ‬والعام‭ ‬على‭ ‬الانطلاق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬بروتوكولات‭ ‬معرقلة‭ ‬أو‭ ‬بيروقراطيات‭ ‬معطلة،‭ ‬أو‭ ‬مشاكسات‭ ‬لا‭ ‬محل‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الإعراب‭.‬

وبالفعل‭ ‬نجحت‭ ‬الجامعة‭ ‬الأهلية‭ ‬شأنها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شأن‭ ‬المنظومة‭ ‬برمتها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نواة‭ ‬صالحة‭ ‬للتخلق‭ ‬الأشمل‭ ‬لـ‭ ‬“بوسطن”‭ ‬خليجي‭ ‬يفهم‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬المستقبل،‭ ‬ويجيد‭ ‬لهجات‭ ‬العلوم‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ذكاء‭ ‬اصطناعي‭ ‬وإبداع‭ ‬إنساني،‭ ‬وابتكار‭ ‬إطاري‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يصعد‭ ‬بالأمم‭ ‬المعاصرة‭ ‬إلى‭ ‬سماوات‭ ‬المواجهة‭ ‬المثلى‭ ‬للتحدي،‭ ‬وإلى‭ ‬فضاءات‭ ‬العالم‭ ‬المهيمن‭ ‬على‭ ‬التداول‭ ‬الرقمي،‭ ‬وعلى‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬بجبروتها‭ ‬وسطوتها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجال‭.‬

لن‭ ‬نقول‭ ‬بأننا‭ ‬حققنا‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬لكن‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نوجه‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬المنظومة‭ ‬بأكملها‭ ‬لكي‭ ‬تتشارك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬نحقق‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬أن‭ ‬نحدد‭ ‬الأولويات،‭ ‬وأن‭ ‬نتحاور‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل،‭ ‬وأيام‭ ‬أجمل‭ ‬لم‭ ‬نعشها‭ ‬بعد‭.‬