فجر جديد

يا حبيبتي يا مصر

| إبراهيم النهام

سبعة‭ ‬أشهر‭ ‬كاملة‭ ‬لم‭ ‬أزر‭ ‬فيها‭ ‬بلدي‭ ‬الثاني‭ ‬“مصر”،‭ ‬حيث‭ ‬أستنشق‭ ‬بشوارعها‭ ‬وأزقتها‭ ‬ودهاليزها‭ ‬الحميمية،‭ ‬تاريخ‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬العريق‭ ‬الذي‭ ‬نرتبط‭ ‬فيه‭ ‬بكل‭ ‬شيء،‭ ‬بالفن‭ ‬والموسيقى،‭ ‬والمسرح‭ ‬والثقافة،‭ ‬والسينما‭ ‬والرواية،‭ ‬والكتاب،‭ ‬وعدد‭ ‬ولا‭ ‬حرج،‭ ‬مصر‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬لنا‭ ‬منذ‭ ‬مئات‭ ‬السنين‭ ‬كل‭ ‬إبداع،‭ ‬واختلاف،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬نحتاجه‭ ‬في‭ ‬يومياتنا‭ ‬المنهكة‭ ‬بالأعمال‭ ‬والانشغالات،‭ ‬ولأنها‭ ‬كذلك،‭ ‬ولأنها‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الوجدان‭ ‬العربي،‭ ‬ومن‭ ‬الروح،‭ ‬ومن‭ ‬الشعور‭ ‬الدائم‭ ‬بالراحة‭ ‬والاطمئنان،‭ ‬وبأنها‭ ‬البيت‭ ‬الثاني،‭ ‬ينتظر‭ ‬كثيرون‭ ‬زيارتها‭ ‬فور‭ ‬زوال‭ ‬غمة‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬الكريهة‭ ‬التي‭ ‬أبعدت‭ ‬الأحبة‭ ‬وفرقتهم‭.‬

وأستذكر‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬مفترق‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم،‭ ‬الأجواء‭ ‬الساحرة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬مع‭ ‬الفوانيس‭ ‬الملونة‭ ‬وإضاءات‭ ‬الشوارع‭ ‬الخلابة،‭ ‬والسفرات‭ ‬الرمضانية‭ ‬وروح‭ ‬البلد‭ ‬الأصلية‭ ‬النابضة‭ ‬بكل‭ ‬زاوية،‭ ‬وشارع،‭ ‬ومسجد،‭ ‬وجامع،‭ ‬وبيت،‭ ‬وأستذكر‭ ‬أيضاً‭ ‬الإعلانات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬تتنافس‭ ‬بها‭ ‬كبرى‭ ‬شركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬والبنوك‭ ‬والمصانع‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬عبر‭ ‬استقطابها‭ ‬الفنانين‭ ‬والمطربين‭ ‬المعروفين‭ ‬والمحبوبين‭ ‬ليكونوا‭ ‬في‭ ‬صدارتها،‭ ‬وهي‭ ‬تخاطب‭ ‬بلغة‭ ‬الموسيقى‭ ‬والغناء‭ ‬عبر‭ ‬الشاشات‭ ‬جمهور‭ ‬المتابعين،‭ ‬لتضفي‭ ‬على‭ ‬أجواء‭ ‬رمضان‭ ‬متعة‭ ‬لا‭ ‬توصف،‭ ‬قلبها‭ ‬النابض‭ ‬مصر،‭ ‬والمواطن‭ ‬المصري،‭ ‬والثقافة‭ ‬المصرية‭. ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬يقدم‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ ‬دروسا‭ ‬خلابة‭ ‬في‭ ‬محبة‭ ‬الأوطان،‭ ‬وفي‭ ‬الولاء‭ ‬للأرض،‭ ‬مهما‭ ‬قست‭ ‬عليهم‭ ‬الحياة،‭ ‬وكم‭ ‬عرفتُ‭ ‬محامين‭ ‬ومعلمين‭ ‬وصحافيين‭ ‬مصريين،‭ ‬شدوا‭ ‬رحالهم‭ ‬لبلدهم‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬عمل‭ ‬محدودة‭ ‬بالخارج،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬جزالة‭ ‬الراتب‭ ‬والعلاوات،‭ ‬حيث‭ ‬أكدوا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬كسب‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬بالخارج،‭ ‬مرهون‭ ‬بفترة‭ ‬زمنية‭ ‬محددة‭ ‬صلاحية‭ ‬الانتهاء،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬إغراءات‭ ‬الوظيفة‭ ‬ومزاياها‭.‬

نحن‭ ‬نحب‭ ‬مصر،‭ ‬لأن‭ ‬المصريين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬جعلونا‭ ‬نحبها،‭ ‬بساطتهم،‭ ‬وحلاوة‭ ‬معاملتهم،‭ ‬وخفة‭ ‬دمهم،‭ ‬ونخوتهم‭ ‬وكرمهم،‭ ‬وثقافتهم‭ ‬الواسعة،‭ ‬ولذة‭ ‬مائدتهم،‭ ‬كلها‭ ‬عوامل‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬مقصداً‭ ‬للزيارة‭ ‬والسياحة‭ ‬والاستقرار‭.‬

القصة‭ ‬باختصار‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬قلب‭ ‬العالم‭ ‬النابض،‭ ‬ويكفيها‭ ‬جمالاً‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬الكريم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينكسر‭ ‬ولا‭ ‬يتنازل‭ ‬مهما‭ ‬اشتدت‭ ‬عليه‭ ‬الظروف‭ ‬وتكالبت،‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬ومصر‭ ‬وبخير‭.‬