الأم أساس الأسرة وقوة المجتمع

| عبدعلي الغسرة

تحتفل‭ ‬الأسر‭ ‬والمجتمعات‭ ‬بالعالم‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بعيد‭ ‬الأم،‭ ‬الأم‭ ‬الوالدة‭ ‬والحنونة‭ ‬التي‭ ‬أعطت‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لديها‭ ‬لأسرتها‭ ‬وأبنائها،‭ ‬الأم‭ ‬التي‭ ‬ضحت‭ ‬بالكثير،‭ ‬الأم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنام‭ ‬حينما‭ ‬يغيب‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتها‭ ‬عن‭ ‬البيت،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يغمض‭ ‬لها‭ ‬جفن‭ ‬حين‭ ‬يمرض‭ ‬أحد‭ ‬منهم،‭ ‬تفرح‭ ‬لفرحهم‭ ‬وتتألم‭ ‬لحزنهم،‭ ‬وقد‭ ‬أوصى‭ ‬الله‭ ‬والأنبياء‭ ‬والأديان‭ ‬بها،‭ ‬ولا‭ ‬يضمن‭ ‬الجنة‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬أدى‭ ‬حقها‭ ‬بتقديرها‭ ‬والاهتمام‭ ‬بها‭ ‬ورعايتها،‭ ‬فحُب‭ ‬الأم‭ ‬وإجلال‭ ‬مكانتها‭ ‬لا‭ ‬يُقدر‭ ‬بأية‭ ‬هدية‭ ‬كانت‭.‬

لقد‭ ‬احتفل‭ ‬القدماء‭ ‬الفراعنة‭ ‬واليونانيون‭ ‬والرومانيون‭ ‬والأوروبيون‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭ ‬بعيد‭ ‬الأم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقترحه‭ ‬المؤلفة‭ ‬“جوليا‭ ‬وورد‭ ‬هاوي”‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬في‭ ‬1872م،‭ ‬وعربيًا‭ ‬اقترحه‭ ‬الأخوان‭ ‬“علي‭ ‬ومصطفى‭ ‬أمين”‭ ‬في‭ ‬عمودهما‭ ‬الشهري‭ ‬بجريدة‭ ‬أخبار‭ ‬اليوم،‭ ‬وفي‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ ‬اقترحته‭ ‬الأميركية‭ ‬“آنا‭ ‬جارفيس”‭ ‬ليكون‭ ‬عطلة‭ ‬رسمية‭ ‬تكريمًا‭ ‬للأمهات‭ ‬وما‭ ‬قدمنه‭ ‬من‭ ‬تضحيات‭ ‬لأسرهن‭ ‬وأبنائهن،‭ ‬وتم‭ ‬الاحتفال‭ ‬به‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬1974م،‭ ‬ولا‭ ‬تختلف‭ ‬الأمم‭ ‬وشعوبها‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الأم‭ ‬وجلال‭ ‬دورها‭ ‬أسريًا‭ ‬واجتماعيًا،‭ ‬فالمجتمعات‭ ‬لا‭ ‬تنهض‭ ‬وتتطور‭ ‬إلا‭ ‬بفضل‭ ‬تربية‭ ‬الأم‭ ‬لأبنائها‭ ‬التربية‭ ‬المخلصة‭ ‬والنقية‭ ‬من‭ ‬الشوائب،‭ ‬التربية‭ ‬المناسبة‭ ‬والجليلة‭ ‬المليئة‭ ‬بالأخلاق‭ ‬والقيم‭ ‬والمبادئ،‭ ‬والتي‭ ‬تجعل‭ ‬منهم‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬خدمة‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬بكل‭ ‬تفان‭ ‬وإخلاص،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬تعطيه‭ ‬الأم‭ ‬لأبنائها‭ ‬من‭ ‬خير‭ ‬يثمر‭ ‬إيجابًا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع‭. ‬

إن‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يعود‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬نفع‭ ‬هو‭ ‬تربية‭ ‬الأم‭ ‬لأبنائها‭ ‬تربية‭ ‬تحفزهم‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬بذاتهم‭ ‬وتنمية‭ ‬الانسجام‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬مجتمعهم،‭ ‬وتوجيههم‭ ‬بالالتزام‭ ‬بقوانين‭ ‬ونظم‭ ‬بلادهم‭. ‬الأم‭ ‬خير‭ ‬هدية‭ ‬منحنا‭ ‬إياها‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬فطاعتها‭ ‬واجبة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتها،‭ ‬نعم‭ ‬إن‭ ‬طاعتها‭ ‬من‭ ‬طاعة‭ ‬الله،‭ ‬فالأم‭ ‬أساس‭ ‬الأسرة‭ ‬وتماسكها،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬لعبت‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬وصحة‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتها،‭ ‬تحثهم‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬إلا‭ ‬للضرورة،‭ ‬وتوفر‭ ‬لهم‭ ‬كل‭ ‬سُبل‭ ‬الرعاية،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬المكوث‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬يُعزز‭ ‬من‭ ‬توطيد‭ ‬العلاقات‭ ‬العائلية‭ ‬وارتباطها،‭ ‬وساهم‭ ‬العمل‭ ‬والتعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬بخلق‭ ‬مساحة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المودة‭ ‬والألفة‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬جميعًا‭. ‬كل‭ ‬عام‭ ‬وجميع‭ ‬الأمهات‭ ‬بخير‭.‬