أهل البحرين.. على “قلب واحد”

| عادل عيسى المرزوق

أيًا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬الجهة‭ ‬أو‭ ‬الطرف‭ ‬أو‭ ‬الجهاز‭ ‬الإعلامي‭ ‬أو‭ ‬“المحرك”‭ ‬خفيًا‭ ‬كان‭ ‬أم‭ ‬ظاهرًا،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أو‭ ‬يسعون‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬الإمام‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭: ‬سياسيًا‭ ‬واجتماعيًا‭ ‬واقتصاديًا‭ ‬وتنمويًا‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فإن‭ ‬النتيجة‭ ‬“المثلى”،‭ ‬وأقول‭ ‬المثلى‭ ‬لأنها‭ ‬هي‭ ‬كذلك‭ ‬حقًا،‭ ‬سيصطدمون‭ ‬بأن‭ ‬البحرين‭ ‬“ملكًا‭ ‬وقيادةً‭ ‬وشعبًا”،‭ ‬يجتمعون‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬وكلمة‭ ‬وموقف‭ ‬رجل‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬أي‭ ‬مساس‭ ‬بوطنهم‭.‬

وفي‭ ‬الحقيقة،‭ ‬خطرت‭ ‬لي‭ ‬هذه‭ ‬الخاطرة،‭ ‬وأساسها‭ ‬مسارين‭: ‬المسار‭ ‬الأول‭ ‬هي‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬معدلات‭ ‬ومؤشرات‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬المشروعات‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬معيشة‭ ‬المواطن،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬والمبادرات‭ ‬التي‭ ‬تصون‭ ‬المكتسبات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والمسار‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬أصوات‭ ‬تنفخ‭ ‬في‭ ‬“نار‭ ‬الإعلام”‭ ‬في‭ ‬قنوات‭ ‬وفضائيات‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬الجزيرة‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬فضائيات‭ ‬ومواقع‭ ‬إلكترونية‭ ‬وإعلامية‭ ‬ومنصات،‭ ‬تحاول‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق،‭ ‬وهي‭ ‬واهمة،‭ ‬وضع‭ ‬العراقيل‭ ‬وتشتيت‭ ‬الجهود،‭ ‬والأخطر،‭ ‬محاولة‭ ‬تأليب‭ ‬المجتمع‭ ‬وإثارة‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الشقاق‭ ‬والتشكيك‭ ‬والإساءة،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬هي‭ ‬محاولات‭ ‬فاشلة‭ ‬كما‭ ‬أشرنا،‭ ‬فأن‭ ‬بلادنا‭ ‬“بيت‭ ‬الأسرة‭ ‬البحرينية‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬الجميع”‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى،‭ ‬وتلك‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬بقيادة‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظهما‭ ‬الله‭ ‬ورعاهما‭ ‬ليصدر‭ ‬سؤال‭ :‬”أيها‭ ‬أجدى‭.. ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬الدولة‭ ‬تعمل‭ ‬وتسعى‭ ‬وتخطط‭ ‬لحاضر‭ ‬ومستقبل‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬وشعبه؟‭ ‬أم‭ ‬أصوات‭ ‬الإساءة‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬جهات،‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬أو‭ ‬الخارج،‭ ‬فقط‭ ‬لكي‭ ‬تحقق‭ ‬بضع‭ ‬أجندات‭ ‬أصبحت‭ ‬مكشوفة‭ ‬للجميع‭.‬

وحينما‭ ‬أعود‭ ‬وأستذكر‭ ‬واستحضر‭ ‬مواقف‭ ‬فقيد‭ ‬الوطن‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير،‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬في‭ ‬أحاديثي‭ ‬ومؤلفاتي‭ ‬ومقالاتي،‭ ‬فإنني‭ ‬أدين‭ ‬بالفضل‭ ‬لهذا‭ ‬الرمز‭ ‬الذي‭ ‬سطر‭ ‬لنا‭ ‬سجلًا‭ ‬خالدًا‭ ‬من‭ ‬الدروس،‭ ‬فكان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬حين‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬صيانة‭ ‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭ ‬والسلم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬النسيج‭ ‬الوطني‭ ‬والوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬مطلب‭ ‬وغاية‭ ‬لدى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأوطان،‭ ‬وفي‭ ‬مجالسه‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬كتب‭ ‬رسالة‭ ‬خالدة‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬حاضرة‭ ‬حينما‭ ‬نتحدث‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬كهذا‭.. ‬أي‭ ‬موضوع‭ ‬“الوطن‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬واحد”،‭ ‬ومن‭ ‬حضر‭ ‬تلك‭ ‬المجالس‭ ‬واللقاءات‭ ‬يستذكر‭ ‬تشديده‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬لكل‭ ‬فعل‭ ‬مرفوض‭ ‬يضرب‭ ‬سلامة‭ ‬وأمن‭ ‬المجتمع‭ ‬باستخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬أو‭ ‬الإعلام‭ ‬الإلكتروني‭ ‬لأهداف‭ ‬لا‭ ‬خير‭ ‬فيها‭.‬

مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ولنكن‭ ‬واقعيين،‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والموارد‭ ‬والإمكانيات،‭ ‬لكنها‭ ‬تمتلك‭ ‬روح‭ ‬التطلع‭ ‬والإنجاز،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬رسخها‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬العاهل‭ ‬المفدى،‭ ‬لديها‭ ‬ذلك‭ ‬التنوع‭ ‬العظيم‭ ‬تاريخيًا،‭ ‬ولهذا،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬التطورات‭ ‬والتحديات‭ ‬تتطلب‭ ‬صيانة‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬ودعمها‭ ‬والحذر‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬مرتكزات‭ ‬التعددية‭ ‬والتكامل‭ ‬بالمجتمع‭ ‬البحريني‭.‬

هذا‭ ‬الخاطرة‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬ذكرى‭ ‬عميقة‭ ‬المعاني،‭ ‬نشيد‭ ‬فيها‭ ‬بجهود‭ ‬معالي‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬الموقر،‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬مبادرة‭ ‬يوم‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية‭ ‬18‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وثمارها‭ ‬في‭ ‬صيانة‭ ‬الوطن‭ ‬وأهله‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمنة‭ ‬وأمانه‭ ‬ماضية‭ ‬ويانعة،‭ ‬وهي‭ ‬خاطرة‭ ‬تبدو‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬“أمنيات”،‭ ‬وليكن،‭ ‬فنحن‭ ‬نرى‭ ‬صفحات‭ ‬جديدة‭ ‬تتراى‭ ‬أمامنا‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬المصاعب،‭ ‬وليس‭ ‬أقوى‭ ‬منعةً‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬النسيج‭ ‬الوطني‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬هو‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أسلحة‭ ‬بث‭ ‬الكراهية‭ ‬والصدام‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬المجتمع،‭ ‬الذين‭ ‬سيبقون‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬واحد،‭ ‬وبهذا،‭ ‬سيواصلون‭ ‬طريق‭ ‬نهضتهم‭.‬