اليوم الدولي لمكافحة الإسلاموفوبيا

| بدور عدنان

في‭ ‬الذكرى‭ ‬الثانية‭ ‬للعمل‭ ‬الإرهابي‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬نيوزيلندا‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬مسجد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كرايستشيرش،‭ ‬والذي‭ ‬أودى‭ ‬بحياة‭ ‬51‭ ‬من‭ ‬المصلين،‭ ‬دعت‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لاعتماد‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يوما‭ ‬دوليا‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإسلاموفوبيا،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬بالقيم‭ ‬الإسلامية‭ ‬الداعية‭ ‬للتسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬وتصحيح‭ ‬المفاهيم‭ ‬المغلوطة‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬وروجت‭ ‬لها‭ ‬الجماعات‭ ‬الراديكالية‭ ‬التي‭ ‬صورت‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬دين‭ ‬متطرف‭.‬

وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تراودني‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬حيال‭ ‬موضوع‭ ‬الإسلاموفوبيا،‭ ‬هل‭ ‬فعلاً‭ ‬يعيش‭ ‬الغرب‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬تجاه‭ ‬الإسلام،‭ ‬وما‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬لذلك؟‭ ‬وهل‭ ‬نحن‭ ‬ملزمون‭ ‬بالمبادرة‭ ‬بتصحيح‭ ‬هذه‭ ‬القناعات‭ ‬التي‭ ‬اعتنقتها‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬تجاه‭ ‬الإسلام؟

الكثير‭ ‬منا‭ ‬يلقي‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬ويتم‭ ‬تحميلها‭ ‬وزر‭ ‬انتشار‭ ‬الإسلاموفوبيا،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الجماعات‭ - ‬مثل‭ ‬داعش‭ ‬والقاعدة‭ ‬وبوكو‭ ‬حرام‭ - ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬اليد‭ ‬الطولى‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬ملامح‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملياتها‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬إذ‭ ‬شهدت‭ ‬العديد‭ ‬منها‭ ‬عمليات‭ ‬إرهابية‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬مجموعات‭ ‬تقوم‭ ‬بما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬باسم‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين،‭ ‬وأعتقد‭ ‬بل‭ ‬أجزم‭ ‬بأن‭ ‬الكثير‭ ‬يقتات‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يدعونه‭ ‬بالإسلاموفوبيا‭ ‬ولا‭ ‬يتمنى‭ ‬زوال‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬المغلوطة‭ ‬عن‭ ‬الإسلام،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فهم‭ ‬يساهمون‭ ‬في‭ ‬تغذية‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬وتمويل‭ ‬هجماتها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬والتحقيقات‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬ساهمت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات،‭ ‬فمع‭ ‬تنامي‭ ‬أعداد‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بات‭ ‬وجودهم‭ ‬أمر‭ ‬مزعج‭ ‬بالنسبة‭ ‬لحكوماتهم،‭ ‬خصوصا‭ ‬اليمينية‭ ‬والشعبوية،‭ ‬وأصبح‭ ‬تواجد‭ ‬المسلمين‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬يؤرقهم‭ ‬ويقض‭ ‬مضجعهم،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رفضهم‭ ‬المسلمين،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ورفض‭ ‬التمييز‭ ‬والعنصرية‭ ‬التي‭ ‬ينادون‭ ‬بها‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬لذلك‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬سوى‭ ‬تصوير‭ ‬الإسلام‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ذلك‭ ‬الوحش‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬أمنهم‭ ‬القومي،‭ ‬وبذلك‭ ‬يستدرون‭ ‬تعاطف‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬ويحصلون‭ ‬على‭ ‬الشرعية‭ ‬القانونية‭ ‬لإقصاء‭ ‬المسلمين‭ ‬وتطويق‭ ‬الإسلام‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنني‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬المناهضين‭ ‬لنظرية‭ ‬المؤامرة‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬درء‭ ‬هذا‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭.‬