مواقف إدارية

وتعلمت كيف يبنى الجدار!

| أحمد البحر

‭ ‬ما‭ ‬أرمي‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬عبارة‭ ‬“الجدار”‭ ‬هو‭ ‬ذاك‭ ‬الحاجز‭ ‬أو‭ ‬العائق‭ ‬غير‭ ‬المرئي‭ ‬الذي‭ ‬يخلقه‭ ‬البعض‭ ‬بقصد‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قصد‭ ‬بين‭ ‬الوحدات‭ ‬التنظيمية‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬فتصبح‭ ‬كل‭ ‬وحدة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬تعمل‭ ‬بذاتها‭ ‬وكأنها‭ ‬مؤسسة‭ ‬داخل‭ ‬مؤسسة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬كذلك‭. ‬

هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬غير‭ ‬المهنية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخطف‭ ‬أهم‭ ‬أركان‭ ‬الإدارة‭ ‬الفاعلة،‭ ‬وهو‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬التجانس‭ ‬والانسجام‭ ‬بين‭ ‬الوحدات‭ ‬التنظيمية‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭.‬

‭ ‬ونقصد‭ ‬بذلك‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬المهنية‭ ‬التنظيمية‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الوحدات‭ ‬بعضها‭ ‬ببعض‭ ‬وترسم‭ ‬الخطوط‭ ‬التكاملية‭ ‬المشتركة‭ ‬لمهامها‭ ‬ومسؤولياتها،‭ ‬وتغييب‭ ‬هذا‭ ‬الركن‭ ‬يعني‭ ‬إحداث‭ ‬تخلخل‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬التنظيمي‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬يخلق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإرباك‭ ‬وعدم‭ ‬الوضوح،‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬وبدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أداء‭ ‬المؤسسة‭ ‬وإنتاجيتها‭. ‬واستذكر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬الموقف‭ ‬التالي‭ ‬الذي‭ ‬أعرضه‭ ‬أمامك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭.‬

‭ ‬تعاظمت‭ ‬درجه‭ ‬الشكاوى‭ ‬والتذمر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عملاء‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة،‭ ‬الذي‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬فقدان‭ ‬نسبة‭ ‬ملحوظة‭ ‬من‭ ‬أعمالها‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬للتدخل‭ ‬واللجوء‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬بيوت‭ ‬الخبرة‭ ‬لإجراء‭ ‬دراسة‭ ‬ميدانية‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬التردي‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬والمساعدة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭.‬

‭ ‬تقدمت‭ ‬المنظمة‭ ‬الاستشارية‭ ‬بتوصيات‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬المشكلة،‭ ‬وكان‭ ‬أهمها‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الخريطة‭ ‬التنظيمية‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬هادفة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬التنظيمية‭ ‬وترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬الانسجام‭ ‬والتجانس‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الوحدات‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي،‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬بعض‭ ‬المصادر‭ ‬بأنه‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬وفق‭ ‬نسق‭ ‬منظم‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬ومبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬تنظيمية‭ ‬محددة‭.‬

‭ ‬والآن‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ،‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نطرح‭ ‬التساؤل‭: ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬فعلا‭ ‬من‭ ‬يخلق‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحواجز‭ ‬والعوائق‭ ‬بين‭ ‬الوحدات‭ ‬التنظيمية‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬ولماذا؟‭ ‬ما‭ ‬رأيك؟