ما وراء الحقيقة

قراءة في الديمقراطية

| د. طارق آل شيخان الشمري

لطالما‭ ‬تفاخر‭ ‬البعض‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬الغربية،‭ ‬وسوقوا‭ ‬لها‭ ‬وملأوا‭ ‬الدنيا‭ ‬استهزاء‭ ‬بالدول‭ ‬العربية،‭ ‬بأنها‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬متحضرة‭ ‬وغير‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬ببعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬بتحريض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬والعنصريين‭ ‬الفرس‭ ‬والعثمانيين‭ ‬بالتدخل‭ ‬المباشر،‭ ‬بدعم‭ ‬الانقلابات‭ ‬لفرض‭ ‬“ديمقراطيتهم”‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬حتى‭ ‬يبسطوا‭ ‬نموذج‭ ‬الديمقراطية‭ ‬العربية‭ ‬كديمقراطية‭ ‬المالكي‭ ‬والإخوان‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

واستكبر‭ ‬هؤلاء‭ ‬وغرقوا‭ ‬في‭ ‬نشوة‭ ‬الغرور‭ ‬حتى‭ ‬ابتلى‭ ‬الله‭ ‬شعبنا‭ ‬العربي‭ ‬بمأساة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يتوقعها‭ ‬أبدا،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬نتائج‭ ‬ديمقراطية‭ ‬مؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي،‭ ‬التي‭ ‬نسفت‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬وتعايشه‭ ‬وتسامحه‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬إنجازه،‭ ‬ونسفت‭ ‬أيضا‭ ‬عقلية‭ ‬الإنسان‭ ‬وأهلكت‭ ‬الحرث‭ ‬والنسل‭ ‬ودمرت‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تقريبا‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬الديمقراطية‭ ‬قنبلة‭ ‬موقوتة‭ ‬لم‭ ‬يكتشفها‭ ‬العرب‭ ‬إلا‭ ‬متأخرا،‭ ‬فهذه‭ ‬الديمقراطية‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬الولاء‭ ‬للصفويين‭ ‬والعثمانيين‭ ‬والغرب‭ ‬وبيع‭ ‬الأوطان‭ ‬العربية‭ ‬وخيراتها‭ ‬لهم،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬المحاصصة‭ ‬الدينية‭ ‬وقتل‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬والتمجيد‭ ‬للهوية‭ ‬الفارسية‭ ‬والعثمانية،‭ ‬بينما‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬ديمقراطية‭ ‬الولاء‭ ‬للوطن‭ ‬وإذابة‭ ‬المذهبية‭ ‬والطائفية،‭ ‬والتجرد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬انتماء‭ ‬خارجي‭ ‬وديني‭ ‬وعرقي،‭ ‬ولا‭ ‬تعني‭ ‬أبدا‭ ‬تقسيم‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬كعكة‭ ‬تأكلها‭ ‬طوائف‭ ‬دينية‭ ‬وأحزاب‭ ‬عميلة‭ ‬تحت‭ ‬حجة‭ ‬عدم‭ ‬استفراد‭ ‬حزب‭ ‬أو‭ ‬طائفة‭ ‬بالحكم‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬والطوائف‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬طلبت‭ ‬النجدة‭ ‬من‭ ‬الفرس‭ ‬والعثمانيين‭ ‬لدعمهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬ديمقراطية‭ ‬دمرت‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬ونسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يعم‭ ‬السلام‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬وأهله،‭ ‬فما‭ ‬يهمنا‭ ‬هو‭ ‬وحدة‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬وشعبه‭ ‬لا‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والحزبية‭ ‬والطائفية‭ ‬الدينية‭.‬