زبدة القول

الجزيرة ستبقى أداة للفتنة والشقاق

| د. بثينة خليفة قاسم

عندما‭ ‬عقدت‭ ‬قمة‭ ‬العلا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬المصالحة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الرباعي‭ ‬العربي‭ ‬وقطر،‭ ‬اعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬ستتوقف‭ ‬عن‭ ‬نشر‭ ‬الفتنة‭ ‬واختراع‭ ‬العداوات،‭ ‬وأن‭ ‬الحكومة‭ ‬القطرية‭ ‬ستتدخل‭ ‬لكي‭ ‬تهذب‭ ‬أداء‭ ‬هذه‭ ‬القناة‭ ‬التي‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬خطيرا‭ ‬في‭ ‬تفجير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬باستخدام‭ ‬سلاح‭ ‬الفتنة‭ ‬وتغذية‭ ‬الصراعات‭ ‬وصب‭ ‬الزيت‭ ‬على‭ ‬نار‭ ‬كل‭ ‬بؤر‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬تخيله‭ ‬وحلم‭ ‬به‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتفائلين،‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬للحظة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء،‭ ‬ليس‭ ‬لأن‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬حرة‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالحكومة‭ ‬القطرية،‭ ‬فهذه‭ ‬أيضا‭ ‬أكذوبة‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الصحة،‭ ‬فقناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬أداة‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬الحكومة‭ ‬القطرية‭ ‬وليست‭ ‬مستقلة‭ ‬فيما‭ ‬تبثه‭ ‬من‭ ‬مضامين،‭ ‬لكنها‭ ‬الذراع‭ ‬القوية‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬القطرية،‭ ‬وتستخدم‭ ‬في‭ ‬الضرب‭ ‬والابتزاز‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬لابد‭ ‬للجميع‭ ‬أن‭ ‬يعرفه،‭ ‬فالدولة‭ ‬القطرية‭ ‬لها‭ ‬مصلحة‭ ‬فيما‭ ‬تمارسه‭ ‬الجزيرة‭ ‬من‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة،‭ ‬أما‭ ‬حرية‭ ‬الإعلام‭ ‬التي‭ ‬يتذرع‭ ‬بها‭ ‬القطريون‭ ‬فهي‭ ‬كذبة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمر‭.. ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬حرية‭ ‬الإعلام‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬ما‭ ‬تمارسه‭ ‬الجزيرة‭ ‬ضد‭ ‬البحرين‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لكنا‭ ‬رأينا‭ ‬برامج‭ ‬وتقارير‭ ‬تنتقد‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬ولو‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬العام،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الدنيا‭ ‬كلها‭ ‬تكلمت‭ ‬عن‭ ‬القدر‭ ‬الأسود‭ ‬للعمال‭ ‬الأجانب‭ ‬الذين‭ ‬قضوا‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإنشاءات‭ ‬الخاصة‭ ‬بكأس‭ ‬العالم‭ ‬والتي‭ ‬تحدثت‭ ‬عنها‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬وتناولها‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬كله‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬أخوات‭ ‬الجزيرة‭ ‬مثل‭ ‬“الغارديان”‭ ‬البريطانية‭ ‬وغيرها،‭ ‬بينما‭ ‬سدت‭ ‬الجزيرة‭ ‬أذنا‭ ‬بطين‭ ‬وأخرى‭ ‬بعجين‭.‬

 

الحكاية‭ ‬إذا‭ ‬ليست‭ ‬حكاية‭ ‬حرية‭ ‬الإعلام،‭ ‬لكن‭ ‬الشيء‭ ‬الأكيد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬وسائل‭ ‬القوة‭ ‬القطرية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وفرض‭ ‬وجودها‭ ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تمويل‭ ‬أسطوري‭ ‬وإمكانيات‭ ‬فنية‭ ‬وبشرية‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها،‭ ‬وبناء‭ ‬عليه‭ ‬ستبقى‭ ‬الجزيرة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭.‬