ما وراء الحقيقة

ليبيا والحضن المصري

| د. طارق آل شيخان الشمري

كانت‭ ‬ليبيا‭ ‬إحدى‭ ‬الضحايا‭ ‬التي‭ ‬سقطت‭ ‬نتيجة‭ ‬مؤامرة‭ ‬“أوباما‭ ‬–‭ ‬الخامنئي‭ ‬–‭ ‬العثمانيين‭ - ‬الإخوان‭ ‬المسلمين”،‭ ‬والتي‭ ‬تسمى‭ ‬بمؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي،‭ ‬حيث‭ ‬دفعت‭ ‬أرضا‭ ‬وشعبا‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظا‭ ‬مازالت‭ ‬تدفعه‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬مطلقا‭ ‬البكاء‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬القذافي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬أجبرنا‭ ‬على‭ ‬تقييم‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬دمر‭ ‬ليبيا‭ ‬تدميرا‭ ‬كاملا،‭ ‬فإن‭ ‬المنطق‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬مؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬دمرت‭ ‬ليبيا‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬بتدميره‭ ‬القذافي‭.‬

وكلما‭ ‬حاول‭ ‬المخلصون‭ ‬من‭ ‬الليبيين‭ ‬والعرب‭ ‬إنقاذ‭ ‬البلاد،‭ ‬تدخل‭ ‬الإخوان‭ ‬والعثمانيون‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بمبادراته‭ ‬الخبيثة،‭ ‬حتى‭ ‬يطيلوا‭ ‬مؤامرة‭ ‬تدمير‭ ‬ونهب‭ ‬خيرات‭ ‬ليبيا،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬بسوريا‭ ‬والعراق‭ ‬واليمن‭ ‬والصومال،‭ ‬فتدمير‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬هو‭ ‬هدف‭ ‬العنصريين‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا‭ ‬والغرب‭ ‬والإخوان‭ ‬المسلمين‭.‬

على‭ ‬العموم‭ ‬وباختصار‭ ‬شديد‭ ‬لكي‭ ‬تصل‭ ‬الفكرة‭ ‬للقارئ‭ ‬بكل‭ ‬وضوح،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬اجتماعات‭ ‬وتفاهمات‭ ‬أخيرة،‭ ‬أدت‭ ‬لحكومة‭ ‬ليبية‭ ‬مؤقتة‭ ‬تقود‭ ‬طرابلس‭ ‬الغرب‭ ‬لحين‭ ‬الانتخابات،‭ ‬فإن‭ ‬مصر‭ ‬بقيادة‭ ‬السيسي‭ ‬ووراءها‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬الدور‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬لولا‭ ‬لاءات‭ ‬السيسي‭ ‬وخطوطه‭ ‬الحمراء‭ ‬ضد‭ ‬العثمانيين‭ ‬والإخوان‭ ‬وتجار‭ ‬الحروب،‭ ‬بأن‭ ‬مصر‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬مطلقا‭ ‬بتهديد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المصري‭ ‬والليبي،‭ ‬ولولا‭ ‬التطمينات‭ ‬المصرية‭ ‬بأن‭ ‬باب‭ ‬التوبة‭ ‬مفتوح‭ ‬لمن‭ ‬كان‭ ‬يريد‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬رشده‭ ‬ومحيطه‭ ‬العربي،‭ ‬وأن‭ ‬مصر‭ ‬ستكون‭ ‬الداعم‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬الليبية،‭ ‬لما‭ ‬تمخضت‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬عن‭ ‬حكومة‭ ‬وحدة‭ ‬وطنية‭ ‬نسأل‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬تحقن‭ ‬دماء‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.‬

ويتضح‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬تحت‭ ‬إمرة‭ ‬رأس‭ ‬العثمانيين،‭ ‬حيث‭ ‬عرفوا‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬ستبقى‭ ‬لهم‭ ‬مستقبلا‭ ‬هي‭ ‬مصر‭ ‬وليس‭ ‬الإخوان،‭ ‬هذا‭ ‬بالطبع‭ ‬مع‭ ‬النية‭ ‬الصادقة‭ ‬للوطنيين‭ ‬الليبيين‭ ‬الذين‭ ‬وضعوا‭ ‬يدهم‭ ‬بيد‭ ‬إخوانهم‭ ‬العرب،‭ ‬حتى‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬تفاهمات‭ ‬نسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬ويتم‭ ‬طرد‭ ‬العثمانيين‭ ‬والإخوان‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭.‬