الكاتبة... نزيلة المصحات العقلية!

| أميرة صليبيخ

لعل‭ ‬الروائي‭ ‬البرازيلي‭ ‬“باولو‭ ‬كويلو”‭ ‬ليس‭ ‬الكاتب‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يودع‭ ‬مصحة‭ ‬عقلية،‭ ‬فقد‭ ‬سبقته‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الكاتبة‭ ‬الأميركية‭ ‬“زيلدا‭ ‬فيتزجيرالد”،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تخرج‭ ‬منها‭ ‬قط‭!‬

لا‭ ‬تعتبر‭ ‬زيلدا‭ ‬معروفة‭ ‬بين‭ ‬الأوساط‭ ‬الأدبية،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬بالشهرة‭ ‬التي‭ ‬تمتع‭ ‬بها‭ ‬زوجها‭ ‬“سكوت‭ ‬فيتزجيرالد”‭ ‬مؤلف‭ ‬“غاتسبي‭ ‬العظيم”‭ ‬والذي‭ ‬دخل‭ ‬جنة‭ ‬الثراء‭ ‬والشهرة‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬روايته‭ ‬“ذلك‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬الجنة”‭ ‬ودخلت‭ ‬هي‭ ‬الجحيم‭!‬

كانت‭ ‬زيلدا‭ ‬مولعة‭ ‬بالرسم‭ ‬وتحب‭ ‬الكتابة‭ ‬وعاشت‭ ‬حياة‭ ‬سعيدة‭ ‬مع‭ ‬سكوت،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اكتشفت‭ ‬خيانته‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬راقصة‭ ‬باليه،‭ ‬وقد‭ ‬أصيبت‭ ‬بصدمة‭ ‬نفسية‭ ‬وحاولت‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬راقصة‭ ‬باليه‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬الاعتبار‭ ‬لكرامتها‭ ‬المهدرة،‭ ‬وتدربت‭ ‬لأيام‭ ‬طوال‭ ‬حتى‭ ‬أصيبت‭ ‬بالإنهاك‭ ‬الجسدي‭ ‬والذهني‭ ‬والفصام،‭ ‬وأدخلت‭ ‬المصحة‭ ‬العقلية‭ ‬لـ‭ ‬9‭ ‬سنوات،‭ ‬انتهت‭ ‬بحريق‭ ‬كبير‭ ‬فيها‭ ‬لم‭ ‬ينج‭ ‬منه‭ ‬أحد‭.‬

كتبت‭ ‬زيلدا‭ ‬روايتها‭ ‬الوحيدة‭ ‬“شاركني‭ ‬هذا‭ ‬الفالس”‭ ‬بتوصية‭ ‬من‭ ‬طبيبها‭ ‬النفسي،‭ ‬حتى‭ ‬تتحرر‭ ‬من‭ ‬مشاعرها‭ ‬المؤذية،‭ ‬واستعرضت‭ ‬أجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬حياتها‭ ‬الشخصية،‭ ‬وقالت‭ ‬عنها‭ ‬إنها‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬روايات‭ ‬زوجها‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬نوبل‭ ‬الأدب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سكوت‭ ‬رفض‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بنشر‭ ‬الرواية‭ ‬واستخدم‭ ‬أجزاء‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬رواياته‭.‬

هذه‭ ‬المأساة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اختلاف‭ ‬الشخوص‭ ‬وطبيعة‭ ‬القصص‭ ‬تكاد‭ ‬أن‭ ‬تتكرر‭ ‬على‭ ‬مسامعنا‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬عن‭ ‬نساء‭ ‬اخترن‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬الظل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬النور‭ ‬مسلطا‭ ‬على‭ ‬أزواجهن‭ ‬فقط،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يدفع‭ ‬ثمن‭ ‬هذا‭ ‬التنازل‭ ‬سوى‭ ‬المرأة‭ ‬المسكينة‭!‬

فالأنانية‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬البشر‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬لدرجات‭ ‬بشعة‭ ‬ومؤذية‭.. ‬وطريق‭ ‬النجاة‭ ‬الوحيد‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬التشبث‭ ‬بأحلامك،‭ ‬متجاهلاً‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬أبدا‭ ‬عن‭ ‬تحطيمك،‭ ‬فهل‭ ‬يوجد‭ ‬حولك‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يبقيك‭ ‬في‭ ‬الظل؟‭.‬