ستة على ستة

المواجهة الأميركية للاستراتيجية الإعلامية الإيرانية

| عطا السيد الشعراوي

تجمع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬محاولاتها‭ ‬لتوسيع‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بين‭ ‬القوة‭ ‬الخشنة‭ ‬عبر‭ ‬وكلائها‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬والحوثيين‭ ‬والحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬وما‭ ‬يقومون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬وإرهاب،‭ ‬وبين‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬كالإعلام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القنوات‭ ‬الناطقة‭ ‬باسم‭ ‬إيران‭ ‬والمروجة‭ ‬لمشروعها‭ ‬التوسعي‭ ‬ومطامعها‭ ‬الدينية‭ ‬والسياسية‭ ‬والجغرافية‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬الجديد‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬الدفء‭ ‬لعلاقات‭ ‬بلاده‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬وإعادة‭ ‬وصل‭ ‬ما‭ ‬قطعه‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬ترامب،‭ ‬ويصر‭ ‬على‭ ‬تجاهل‭ ‬كل‭ ‬الرسائل‭ ‬العربية‭ ‬والإقليمية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬مخاطر‭ ‬إيران‭ ‬وأذرعها‭ ‬الإرهابية،‭ ‬فإنه‭ ‬ربما‭ ‬قد‭ ‬يتوقف‭ ‬ولو‭ ‬قليلا‭ ‬عند‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لدراسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬وحذر‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬طهران‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬كونها‭ ‬جزءًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬جهودها‭ ‬لتبرير‭ ‬مشروعها‭ ‬التوسعي‭ ‬الإقليمي‭ ‬ونشر‭ ‬المشاعر‭ ‬المعادية‭ ‬لأميركا،‭ ‬حاثًا‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وعدم‭ ‬الاقتصار‭ ‬على‭ ‬إدراج‭ ‬بعض‭ ‬الكيانات‭ ‬تحت‭ ‬قائمة‭ ‬العقوبات‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬مع‭ ‬اتحاد‭ ‬الإذاعات‭ ‬والتلفزيونات‭ ‬الإسلامية‭ ‬التابعة‭ ‬لإيران،‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬كهيئة‭ ‬تابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬والإرشاد‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ويعد‭ ‬الأداة‭ ‬الدعائية‭ ‬الأهم‭ ‬لفيلق‭ ‬القدس‭ ‬التابع‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬بمهمة‭ ‬خاصة‭ ‬هي‭ ‬دعم‭ ‬وتأسيس‭ ‬قنوات‭ ‬تلفزيونية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التي‭ ‬يديرها‭ ‬وكلاء‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والخارج،‭ ‬ويوفر‭ ‬لها‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬واللوجستي،‭ ‬ويمتلك‭ ‬حاليا‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬200‭ ‬شركة‭ ‬حليفة‭ ‬في‭ ‬35‭ ‬دولة،‭ ‬معظمها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وتشمل‭ ‬قنوات‭ ‬فضائية‭ ‬ومحطات‭ ‬إذاعية‭ ‬ومواقع‭ ‬إخبارية‭ ‬ووكالات‭ ‬أنباء‭ ‬وغيرها‭.‬

التقرير‭ ‬الأميركي‭ ‬أكد‭ ‬وجود‭ ‬تدخل‭ ‬لهذه‭ ‬الأذرع‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأميركية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وأنها‭ ‬قامت‭ ‬كذلك‭ ‬بالتحريض‭ ‬على‭ ‬الاضطرابات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬أميركا‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬وفوضى،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عملاء‭ ‬إيرانيين‭ ‬أرسلوا‭ ‬رسائل‭ ‬تهديد‭ ‬إلى‭ ‬الناخبين‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬منتحلين‭ ‬صفة‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬جماعة‭ ‬“براود‭ ‬بويز”‭ ‬القومية‭ ‬البيضاء‭ ‬المؤيدة‭ ‬لترامب‭ ‬الذي‭ ‬اتبع‭ ‬سياسة‭ ‬الضغط‭ ‬الأقصى‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬نشاط‭ ‬هذه‭ ‬القنوات‭ ‬التابعة‭ ‬لإيران‭ ‬وخنقها‭ ‬ماليا‭ ‬وتوقف‭ ‬بعضها‭ ‬عن‭ ‬العمل‭. ‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتوانى‭ ‬عن‭ ‬تصدير‭ ‬القلاقل‭ ‬والعنف‭ ‬والفوضى‭ ‬للخارج‭ ‬بشتى‭ ‬السبل‭ ‬والأدوات‭.‬