البحث العلمي

| د. عبدالله الحواج

سيظل‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬وتفرعاته‭ ‬محط‭ ‬أنظار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحضرة،‭ ‬وستظل‭ ‬مضامير‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬بحث‭ ‬علمي‭ ‬يراعي‭ ‬قضايا‭ ‬البشر‭ ‬ويعالج‭ ‬المشكلات‭ ‬الإنسانية‭ ‬مكتظة‭ ‬بالباحثين‭ ‬النبلاء‭ ‬الذين‭ ‬سخروا‭ ‬حياتهم‭ ‬وعلومهم‭ ‬وفنونهم‭ ‬رهنا‭ ‬لإشارة‭ ‬مريض‭ ‬يعاني،‭ ‬أو‭ ‬سائل‭ ‬محروم‭ ‬يشكو،‭ ‬أو‭ ‬قرية‭ ‬بعيدة‭ ‬تطلب‭ ‬المساعدة‭.‬

سيظل‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬المفعم‭ ‬بالروح‭ ‬الإنسانية‭ ‬بمثابة‭ ‬الهاجس‭ ‬المهيمن‭ ‬على‭ ‬الذهنية‭ ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬جمال‭ ‬وكمال‭ ‬الأرض،‭ ‬وستظل‭ ‬الأمم‭ ‬التي‭ ‬تحرص‭ ‬علي‭ ‬التقدم‭ ‬وترعي‭ ‬رعاياه‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬المحك،‭ ‬ودائما‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الصفوف،‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬كريمة،‭ ‬صحية‭ ‬وصحيحة،‭ ‬وسنبقى‭ ‬نحن‭ ‬المعنيين‭ ‬بالأمر‭ ‬نضرب‭ ‬أخماسا‭ ‬في‭ ‬أسداس،‭ ‬ونحن‭ ‬نسأل‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬اهتمام‭ ‬الأمم‭ ‬بالبحث‭ ‬العلمي‭ ‬الذي‭ ‬يصب‭ ‬جام‭ ‬عشقه‭ ‬للإنسان،‭ ‬محاولًا‭ ‬توفير‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬له،‭ ‬ومقاتلًا‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬أعتى‭ ‬المعارك‭ ‬الكونية‭ ‬لمواجهة‭ ‬جائحة‭ ‬أو‭ ‬وقف‭ ‬انتشار‭ ‬مرض‭ ‬لعين،‭ ‬أو‭ ‬نشر‭ ‬وعي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موجودا‭.‬

المنطقة‭ ‬عن‭ ‬بكرة‭ ‬أبيها‭ ‬تعبت‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬عن‭ ‬التشدق‭ ‬به‭ ‬عندما‭ ‬يلم‭ ‬بنا‭ ‬ألم‭ ‬أو‭ ‬يهجم‭ ‬علينا‭ ‬مرض‭ ‬خبيث،‭ ‬تطلب‭ ‬العون‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬العون،‭ ‬وتخطب‭ ‬ود‭ ‬منظومة‭ ‬لا‭ ‬بنيان‭ ‬مرصوصًا‭ ‬لها،‭ ‬ولا‭ ‬حول‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬عندما‭ ‬تتفشي‭ ‬الأوبئة،‭ ‬وتواصل‭ ‬الأمراض‭ ‬عدوانها،‭ ‬ويضطر‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬الرضوخ‭ ‬لحقيقة‭ ‬كونية‭ ‬رائعة‭ ‬توكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يحك‭ ‬جلدك‭ ‬مثل‭ ‬ظفرك‭ ‬وأهل‭ ‬مكة‭ ‬أدرى‭ ‬بشعابها،‭ ‬وإننا‭ ‬مهما‭ ‬ابتعدنا،‭ ‬ومهما‭ ‬تباعدنا،‭ ‬فإنه‭ ‬لن‭ ‬يصح‭ ‬سوى‭ ‬الصحيح،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬أمامنا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬أيدينا‭ ‬كجامعات‭ ‬ومراكز‭ ‬بحوث‭ ‬مع‭ ‬حكوماتنا‭ ‬نحثها‭ ‬على‭ ‬مضاعفة‭ ‬ميزانيات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬أسوة‭ ‬بكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬هذه‭ ‬الميزانية‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬‮٣‬‭ % ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬سنويا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يقل‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬بمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬باستثناء‭ ‬إسرائيل‭ ‬عما‭ ‬نسبته‭ ‬الواحد‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬في‭ ‬المئة؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬لا‭ ‬تحسد‭ ‬عليه‭ ‬إذا‭ ‬ألم‭ ‬بها‭ ‬مكروه‭ ‬أو‭ ‬اجتاحتها‭ ‬جائحة‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬نرزح‭ ‬حاليا‭ ‬تحت‭ ‬وابل‭ ‬حجماتها‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬ومن‭ ‬يدري‭ ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬وإلى‭ ‬أين؟‭! ‬ونحمد‭ ‬الله‭ ‬ونشكر‭ ‬فضله‭ ‬أننا‭ ‬رغم‭ ‬كورونا‭ ‬وتحوراتها‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬مازلنا‭ ‬نواجه‭ ‬الجائحة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬البحرين‭ ‬بكفاءة‭ ‬المحترز،‭ ‬وانضباطية‭ ‬المحارب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لجنة‭ ‬تنسيقية‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬اليقظة‭ ‬والحكمة‭ ‬برئاسة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭.‬

رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬فإننا‭ ‬مازلنا‭ ‬نحبو‭ ‬في‭ ‬مضامير‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬لضيق‭ ‬اليد‭ ‬وضعف‭ ‬الإمكانات،‭ ‬وغياب‭ ‬الأفق‭ ‬المفضي‭ ‬إلى‭ ‬تخصيص‭ ‬ميزانيات‭ ‬معتبرة‭ ‬لتجهيز‭ ‬المعامل‭ ‬والمواد‭ ‬الخام‭ ‬البحثية‭ ‬والبروتوكولات‭ ‬المحمية‭ ‬بقوانين‭ ‬مرعية،‭ ‬وتشريعات‭ ‬تفي‭ ‬بخطورة‭ ‬المنحي‭ ‬وجلال‭ ‬المرتجي،‭ ‬ناهيك‭ ‬طبعًا‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬بروتوكولات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬وإعادة‭ ‬توجيهها‭ ‬لتركز‭ ‬بصورة‭ ‬أشمل‭ ‬على‭ ‬مشكلات‭ ‬المجتمع‭ ‬بأن‭ ‬تجد‭ ‬حلولا‭ ‬جذرية‭ ‬لها‭ ‬وإلا‭ ‬تركز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬البحوث‭ ‬البحتة‭ ‬التي‭ ‬تغني‭ ‬على‭ ‬ليلى‭ ‬الباحث‭ ‬ولا‭ ‬تغني‭ ‬على‭ ‬ليلى‭ ‬المجتمع‭ ‬والناس‭.‬