عام على انتشار الجائحة عالمياً

| رضي السماك

في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬ضربت‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2019‭ ‬بأطنابها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم،‭ ‬وخلال‭ ‬أبريل‭ ‬بلغت‭ ‬معظم‭ ‬أقطار‭ ‬المعمورة‭. ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬توهمت‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬بمنجاة‭ ‬من‭ ‬شرها‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬صدها،‭ ‬فيما‭ ‬بعضها‭ - ‬كالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‭- ‬لم‭ ‬يتورع‭ ‬عن‭ ‬الشماتة‭ ‬بالصينيين‭ ‬واتهام‭ ‬قيادتهم‭ ‬بالضلوع‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬الوباء؛‭ ‬بينما‭ ‬طاول‭ ‬أعداداً‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬شعوبها،‭ ‬وعجزت‭ ‬حكوماتها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معه،‭ ‬وأضحى‭ ‬كورونا‭ ‬ميدانا‭ ‬للتجاذبات‭ ‬السياسية‭ ‬الدولية؛‭ ‬كما‭ ‬الداخلية‭. ‬وعند‭ ‬انتشار‭ ‬الوباء‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬البسيطة‭ ‬لم‭ ‬يفرّق‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬وأخرى؛‭ ‬صغيرها‭ ‬وكبيرها،‭ ‬المتقدمة‭ ‬والنامية،‭ ‬فهو‭ ‬يتسلل‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬مباغتة‭ ‬دون‭ ‬استئذان‭ ‬وبلا‭ ‬“فيزا”،‭ ‬فيما‭ ‬فشل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬حصر‭ ‬الوباء‭ ‬داخل‭ ‬الصين‭ ‬والحيلولة‭ ‬دون‭ ‬انتشاره‭ ‬عالمياً،‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬يفشل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لما‭ ‬تحول‭ ‬الوباء‭ ‬إلى‭ ‬جائحة‭ ‬تجتاح‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬تباعاً،‭ ‬ولما‭ ‬سبّب‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المآسي‭ ‬البشرية‭ ‬والأزمات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ولأمكن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬حصره‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬محدودة‭ ‬توطئة‭ ‬للتخلص‭ ‬منه‭ ‬كُلياً‭. ‬ومن‭ ‬المعيب‭ ‬أن‭ ‬تتفاجأ‭ ‬دول‭ ‬متقدمة‭ ‬بتسلل‭ ‬الوباء‭ ‬إليها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتجهز‭ ‬مسبقاً‭ ‬ضده‭ ‬بشتى‭ ‬الوسائل‭ ‬الممكنة،‭ ‬وأولها‭ ‬صد‭ ‬دخوله‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضبط‭ ‬رحلات‭ ‬المغادرين‭ ‬والقادمين،‭ ‬حينها‭ ‬كان‭ ‬الشغل‭ ‬الشاغل‭ ‬لمعظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المنكوبة‭ ‬به‭ - ‬بدرجة‭ ‬أو‭ ‬أخرى‭ - ‬ضبط‭ ‬تنقل‭ ‬الأفراد‭ ‬منها‭ ‬وإليها،‭ ‬وفرض‭ ‬إجراءات‭ ‬العزل‭ ‬الاجتماعي؛‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬إجراءات‭ ‬الوقاية‭ ‬الأخرى‭.‬

أما‭ ‬وقد‭ ‬توصل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬لتصنيع‭ ‬لقاحات‭ ‬ضد‭ ‬“كورونا”‭ ‬فقد‭ ‬بات‭ ‬التطعيم‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬وسائل‭ ‬مكافحة‭ ‬كوفيد‭ - ‬19،‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬التدابير‭ ‬الاحترازية‭ ‬وإجراءات‭ ‬العزل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬ولاريب‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬تعميم‭ ‬التلقيح‭ ‬على‭ ‬شعبها‭ ‬والمقيمين‭ ‬فيها‭ ‬مجاناً‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬نجاحاً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬ومنها‭ ‬بلادنا‭ ‬البحرين‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬نهيب‭ ‬بكل‭ ‬مثقفينا‭ ‬وكتّابنا‭ ‬بذل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعهم‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬وطني‭ ‬وتوعوي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬ضد‭ ‬عدو‭ ‬البشرية‭ ‬كورونا،‭ ‬وأن‭ ‬يبادروا‭ ‬وأطباؤنا‭ ‬بالتطعيم‭ ‬ممن‭ ‬لم‭ ‬تسنح‭ ‬لهم‭ ‬الظروف‭ ‬بعد؛‭ ‬وذلك‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى‭.‬