ومضة قلم

وصايا محمد بن راشد

| محمد المحفوظ

لماذا‭ ‬تقدموا‭ ‬وتأخرنا؟‭ ‬أو‭ ‬لماذا‭ ‬تخلف‭ ‬المسلمون‭ ‬وتقدم‭ ‬غيرهم؟‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنفك‭ ‬تقرع‭ ‬ذاكرة‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬عربيّ‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬آناء‭ ‬الليل‭ ‬وأطراف‭ ‬النهار‭. ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬كانت‭ ‬مدار‭ ‬بحث‭ ‬طويل‭ ‬لرواد‭ ‬النهضة‭ ‬العربية‭ ‬قبل‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬أو‭ ‬يزيد،‭ ‬لكن‭ ‬المحزن‭ ‬أنها‭ ‬بقيت‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬دون‭ ‬إجابة‭ ‬شافية‭.‬

الإضاءة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬بعثت‭ ‬الفرح‭ ‬في‭ ‬نفوسنا‭ ‬كأمة‭ ‬الإنجاز‭ ‬التاريخيّ‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬بوصول‭ ‬مسبار‭ ‬الفضاء‭ ‬إلى‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ‭ ‬قبل‭ ‬أسابيع،‭ ‬والواقع‭ ‬أنها‭ ‬مثلت‭ ‬نقلة‭ ‬حضارية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬العربيّ،‭ ‬إنه‭ ‬أكبر‭ ‬مشروع‭ ‬عربي‭ ‬وإسلامي‭ ‬من‭ ‬نوعه‭.‬

لعل‭ ‬سر‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬العلمي‭ ‬الكبير‭ ‬اختصره‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬الوصايا‭ ‬العشر‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬القيم‭ ‬“قصتي”،‭ ‬حيث‭ ‬شخّص‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬الوصايا‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬وإخفاقاته،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يراد‭ ‬له‭ ‬النهوض‭ ‬منها،‭ ‬نعم‭ ‬أعلنها‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬صريحة‭ ‬بأنّ‭ ‬أزمتنا‭ ‬أزمة‭ ‬إدارة‭ ‬وليست‭ ‬أزمة‭ ‬سياسة،‭ ‬أي‭ ‬أنّ‭ ‬العرب‭ ‬بحاجة‭ ‬لإداريين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬يستطيعون‭ ‬إصلاح‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الخلل‭ ‬التنموي،‭ ‬ويؤكد‭ ‬سموه‭ ‬أنّ‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الحكومية‭ ‬خدمة‭ ‬الناس‭ ‬والغاية‭ ‬من‭ ‬الوظيفة‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع،‭ ‬فلا‭ ‬تمجد‭ ‬الإجراءات‭ ‬ولا‭ ‬تقدس‭ ‬القوانين،‭ ‬والأنظمة‭ ‬ليست‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬يلتبس‭ ‬على‭ ‬البعض‭ ‬ما‭ ‬يرمي‭ ‬إليه‭ ‬فإنه‭ ‬يوضح‭ ‬المراد‭ ‬بقوله‭ ‬إن‭ ‬القوانين‭ ‬قابلة‭ ‬للتتغيير‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الناس‭.‬

كثيرا‭ ‬ما‭ ‬يتجاهل‭ ‬البعض‭ ‬أهمية‭ ‬الخطط،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬فإنّك‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬تخطط‭ ‬فأنت‭ ‬تخطط‭ ‬لفشلك،‭ ‬أما‭ ‬الوصية‭ ‬الرابعة‭ ‬فإنها‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬الأداء‭ ‬لضمان‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬صناعة‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬“لا‭ ‬تحلق‭ ‬وحيدا‭ ‬ولا‭ ‬تغرد‭ ‬وحيداً”‭ ‬ويليها‭ ‬الابتكار‭ ‬فالحكومات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تبتكر‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬السباق،‭ ‬ثم‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬الإعلامي‭ ‬بوصفه‭ ‬إدارة‭ ‬رئيسية‭ ‬للإنجاز،‭ ‬ويركز‭ ‬في‭ ‬الوصية‭ ‬الثامنة‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬التنافسية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أفضل‭ ‬المراكز،‭ ‬بعدها‭ ‬تأتي‭ ‬صناعة‭ ‬القادة‭ ‬ولا‭ ‬مستقبل‭ ‬بلا‭ ‬قادة،‭ ‬وأخيرا‭ ‬الانطلاق‭ ‬لبناء‭ ‬الحياة‭ ‬لتغيير‭ ‬حياة‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭.‬