نعيش في ذل أم نموت بشرف؟

| عبدالرحمن مهابادي

ربما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬يراوغ،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬بدأ‭ ‬يراقب‭ ‬أخبار‭ ‬انتفاضة‭ ‬أبناء‭ ‬البلوش،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأوراق‭ ‬انقلبت‭ ‬الآن‭ ‬ونظام‭ ‬حكم‭ ‬الملالي‭ ‬يشعر‭ ‬بهذا‭ ‬التطور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬وتعترف‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الحكومية‭ ‬الآن‭ ‬بـ‭ ‬“أننا‭ ‬جعلنا‭ ‬الفقر‭ ‬قضية‭ ‬أمنية‭ ‬بأيدينا”،‭ ‬ويعترفون‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يتركوا‭ ‬شيئًا‭ ‬لأبناء‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الفقيرة‭ ‬مثل‭ ‬سيستان‭ ‬وبلوشستان‭ ‬سوى‭ ‬بيع‭ ‬الوقود‭.‬

وعندما‭ ‬ننتزع‭ ‬منهم‭ ‬مصدر‭ ‬رزقهم‭ ‬الوحيد‭ ‬هذا،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬سلبنا‭ ‬منهم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬على‭ ‬الكفاف‭ ‬للبقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬وبناءً‭ ‬عليه،‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬أمامهم‭ ‬خيار‭ ‬سوى‭ ‬الانتفاض‭ ‬واسترداد‭ ‬حقوقهم‭ ‬بالقوة‭ ‬مؤمنين‭ ‬بأنه‭ ‬ما‭ ‬أُخذ‭ ‬بالقوة‭ ‬لا‭ ‬يُسترد‭ ‬إلا‭ ‬بالقوة‭. ‬ويسعى‭ ‬الملالي‭ ‬وقوات‭ ‬الحرس‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬ترويع‭ ‬المواطنين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقامة‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬القمع‭ ‬والتعذيب‭ ‬والحكم‭ ‬بأشد‭ ‬العقوبات‭ ‬وجلد‭ ‬المواطنين‭ ‬معلقين‭ ‬في‭ ‬الساحات‭ ‬ومفترق‭ ‬طرق‭ ‬المدن،‭ ‬وبهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬يكسب‭ ‬الوقت‭ ‬والفرصة،‭ ‬فقد‭ ‬أنفق‭ ‬الملالي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬على‭ ‬الدعاية‭ ‬المزيفة‭ ‬حول‭ ‬قدرة‭ ‬يفتقرون‭ ‬إليها‭ ‬للترويج‭ ‬إلى‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬حكمهم‭ ‬أمر‭ ‬مستحيل،‭ ‬إن‭ ‬انتفاضة‭ ‬المضطهدين‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬حدودية‭ ‬فقيرة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬يرسل‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬للجميع‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬وقتما‭ ‬شاء‭ ‬الشعب‭ ‬فإن‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنظام‭ ‬الحكم‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬ليس‭ ‬صعب‭ ‬المنال‭.‬

نعم،‭ ‬لقد‭ ‬أثبتت‭ ‬انتفاضة‭ ‬الشعب‭ ‬البلوشي‭ ‬المضطهد‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬امتدادًا‭ ‬لانتفاضة‭ ‬نوفمبر‭ ‬2015،‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬الرئيسية‭ ‬ملك‭ ‬للشعب‭ ‬الذي‭ ‬يأبى‭ ‬الخضوع‭ ‬للظلم،‭ ‬وعندئذ‭ ‬يكتشف‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬قوة‭ ‬تعادل‭ ‬الانفجار‭ ‬النووي،‭ ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬أن‭ ‬تتغلب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬التدابير‭ ‬الرجعية‭ ‬اللاإنسانية،‭ ‬وهذه‭ ‬القوة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الرجعية،‭ ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬أجبرت‭ ‬القوات‭ ‬المدججة‭ ‬بالسلاح‭ ‬على‭ ‬الفرار‭ ‬بسواعدها‭ ‬الفتية‭ ‬بدون‭ ‬سلاح،‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬زُرعت‭ ‬كقنبلة‭ ‬موقوتة‭ ‬في‭ ‬تربة‭ ‬المجتمع،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أُرهقت‭ ‬بممارسات‭ ‬الملالي‭ ‬وتضييقهم‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬متى‭ ‬ستنفجر،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬فإنها‭ ‬قنبلة‭ ‬خطيرة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭.‬

لقد‭ ‬دقت‭ ‬هذه‭ ‬الانتفاضة‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬لنظام‭ ‬الحكم،‭ ‬والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الملالي‭ ‬لم‭ ‬يتركوا‭ ‬شيئًا‭ ‬لأبناء‭ ‬الوطن،‭ ‬وبدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تسببوا‭ ‬في‭ ‬الغضب‭ ‬والاستياء‭ ‬قدر‭ ‬استطاعتهم‭.. ‬غضبٌ‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يشتعل‭ ‬بأصغر‭ ‬شرارة‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬مستودع‭ ‬للبارود،‭ ‬وقد‭ ‬يفلت‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬الملالي‭ ‬من‭ ‬غضب‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬الحارق‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القمع‭ ‬والعبثية،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬بالتراجع‭ ‬وتقديم‭ ‬التنازلات‭ ‬تباعًا،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الغضب‭ ‬سيعود‭ ‬كالموج‭ ‬وأكثر‭ ‬قوة‭ ‬وشراسة‭. ‬“مجاهدين”‭.‬