سوالف

أمة تنحدر فوق السطح

| أسامة الماجد

الجميع‭ ‬يعرف‭ ‬ماتستند‭ ‬عليه‭ ‬أميركا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأميركية‭ ‬وإن‭ ‬اختلفت‭ ‬مسمياتها‭ ‬رمزا‭ ‬للاضطهاد‭ ‬واللامبالاة‭ ‬بحياة‭ ‬الإنسان‭ ‬وحريته‭ ‬ومعتقده‭ ‬الديني،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬ربما‭ ‬يسمعه‭ ‬البعض‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬وهو‭ ‬ظاهرة‭ ‬الكتاب‭ ‬الغاضبين‭ ‬الذين‭ ‬كشفوا‭ ‬واقع‭ ‬المجتمع‭ ‬الأميركي‭ ‬وعدم‭ ‬إنسانيته‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بعيدة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬رفضوه‭ ‬بشتى‭ ‬الأشكال‭ ‬والأساليب‭ ‬ولعل‭ ‬الروائي‭ ‬صنع‭ ‬الله‭ ‬إبراهيم‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيره‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬الأديب‭ ‬جيمس‭ ‬دروات‭ ‬“العدو”‭ ‬والمجموعة‭ ‬القصصية‭ ‬“وداعا‭ ‬يا‭ ‬كوكب”‭ ‬للأديب‭ ‬فليب‭ ‬روث،‭ ‬ورواية‭ ‬“الخريجون”‭ ‬لتشارلس‭ ‬ويب‭ ‬ورواية‭ ‬“بيج‭ ‬سور”‭ ‬للأديب‭ ‬برواك،‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬أدباء‭ ‬الغضب‭ ‬والتمرد‭ ‬الأميركي‭ ‬الذين‭ ‬ثاروا‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬والسلطة‭ ‬وطريقة‭ ‬التعالي‭ ‬الأميركي‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وانهيار‭ ‬القيم‭ ‬والعلاقات‭ ‬الإنسانية‭.‬

لقد‭ ‬تكلم‭ ‬أولئك‭ ‬الأدباء‭ ‬وغيرهم‭ ‬في‭ ‬رواياتهم‭ ‬وعلى‭ ‬لسان‭ ‬أبطالها‭ ‬عن‭ ‬تحول‭ ‬المجتمع‭ ‬الأميركي‭ ‬إلى‭ ‬آلة‭ ‬لسجن‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬وهي‭ ‬تغذي‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ضد‭ ‬الخير،‭ ‬“فما‭ ‬هو‭ ‬قائم‭ ‬يجب‭ ‬هدمه‭ ‬وإحلال‭ ‬غيره‭ ‬محله”‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬اختارها‭ ‬الكاتب‭ ‬جيمس‭ ‬دروات‭ ‬لبطل‭ ‬روايته‭ ‬“روبي‭ ‬روي‭ ‬اورللي‭ ‬“بعد‭ ‬أن‭ ‬اتخذ‭ ‬البناء‭ ‬مهنة‭ ‬له”،‭ ‬ويقول‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الرواية‭ ‬“ما‭ ‬كان‭ ‬بوسع‭ ‬إنسان‭ ‬بمفرده‭ ‬لسوء‭ ‬الحظ‭ ‬أن‭ ‬يوقف‭ ‬ذلك،‭ ‬فعندما‭ ‬تنحدر‭ ‬أمة‭ ‬فوق‭ ‬السطح‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬مواطن‭ ‬واحد‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬السيل‭ ‬ويوجهها‭ ‬من‭ ‬جديد”‭.‬

وكتب‭ ‬جوزيف‭ ‬هلير‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬بطل‭ ‬روايته‭ ‬“المسك”،‭ ‬“لا‭ ‬تحدثني‭ ‬عن‭ ‬الكفاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنقاذ‭ ‬بلادي،‭ ‬لقد‭ ‬كافحت‭ ‬طويلا‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬والآن‭ ‬سأكافح‭ ‬قليلا‭ ‬لإنقاذ‭ ‬نفسي‭.. ‬بلادي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬في‭ ‬خطر،‭ ‬لكنني‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬خطر،‭ ‬وينتهي‭ ‬به‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬السويد”‭. ‬كما‭ ‬تساءل‭ ‬الكاتب‭ ‬سول‭ ‬بيلو‭ ‬في‭ ‬روايته‭ ‬“الرجل‭ ‬المدلي”‭ ‬التي‭ ‬أحدثت‭ ‬ضجة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1947‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬البطل‭ ‬موسى‭ ‬هيرزوج‭ ‬“هل‭ ‬جاءت‭ ‬اللحظة‭ ‬المدنسة‭ ‬التي‭ ‬يموت‭ ‬فيها‭ ‬الشعور‭ ‬الأخلاقي‭ ‬ويتحلل‭ ‬الضمير،‭ ‬ويتردى‭ ‬احترام‭ ‬الحرية‭ ‬والقانون‭ ‬والوداعة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬الجبن‭ ‬والتحلل‭ ‬والدمار”‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الأدب،‭ ‬شاهد‭ ‬في‭ ‬يده‭ ‬ملفات‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬كان‭!.‬