ياسمينيات

“خلها تمشي”

| ياسمين خلف

أختان‭ ‬مطلقتان،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬عادتا‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬والدهما‭ ‬مجدداً،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬مع‭ ‬أطفال‭ ‬ولقب‭ ‬جديد‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الشرقية‭ ‬يُغمز‭ ‬له‭ ‬همزاً‭ ‬ولمزاً،‭ ‬فعلى‭ ‬المرأة‭ ‬المطلقة‭ ‬تحمل‭ ‬ظُلم‭ ‬المجتمع‭ ‬لها،‭ ‬كونها‭ ‬وبنظره‭ ‬سبباً‭ ‬للطلاق،‭ ‬وأن‭ ‬العيب‭ ‬كل‭ ‬العيب‭ ‬منها،‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬بيتها‭!‬

أبغض‭ ‬الحلال‭ ‬يحدث‭ ‬لأسباب‭ ‬متعددة،‭ ‬لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬أهل‭ ‬الفتاة‭ ‬هم‭ ‬السبب‭ ‬الرئيس‭ ‬لهذا‭ ‬الطلاق‭! ‬“خلها‭ ‬تمشي”‭ ‬رد‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يستغرب‭ ‬من‭ ‬تزويج‭ ‬بناته‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكرة،‭ ‬أو‭ ‬تزويجها‭ ‬بسرعة‭ ‬دون‭ ‬التريث‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬سيرة‭ ‬المتقدم‭ ‬للزواج‭ ‬ومدى‭ ‬أهليته‭ ‬لتحمل‭ ‬مسؤولياته‭ ‬أو‭ ‬إمهال‭ ‬الفتاة‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬سيكون‭ ‬شريكاً‭ ‬لحياتها‭. ‬تسببت‭ ‬“خلها‭ ‬تمشي”‭ ‬في‭ ‬هدم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البيوت،‭ ‬وفي‭ ‬حمل‭ ‬الكثيرات‭ ‬ممن‭ ‬هن‭ ‬صغيرات‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬لقب‭ ‬مطلقة،‭ ‬وكانت‭ ‬سبباً‭ ‬لتحملهن‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مسؤوليات‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬احتمالهن‭ ‬وقدرتهن‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬وضعن‭ ‬فيه‭. ‬وبعد‭ ‬ظُلمها‭ ‬وتزويجها‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬أوانها،‭ ‬يظلم‭ ‬أبناؤها‭ ‬معها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يفيقوا‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬غير‭ ‬سوية،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬آبائهم‭ ‬وصراعات‭ ‬على‭ ‬النفقة‭ ‬وخلافات‭ ‬على‭ ‬الحضانة،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬وإفرازات‭ ‬الطلاق‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬الأبناء‭ ‬فيه‭ ‬الثمن‭.‬

لا‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬حقبة‭ ‬ولت‭! ‬فللأسف‭ ‬مازالت‭ ‬نماذج‭ ‬هؤلاء‭ ‬الآباء‭ ‬بيننا،‭ ‬ومؤلم‭ ‬أن‭ ‬تسمع‭ ‬أباً‭ ‬يقولها‭ ‬وكأنه‭ ‬ينتظر‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬يُطرق‭ ‬فيها‭ ‬بابه‭ ‬ليسلم‭ ‬فلذة‭ ‬كبده‭ ‬لأول‭ ‬طارق،‭ ‬وكأنها‭ ‬حمل‭ ‬ويريد‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭ ‬بأية‭ ‬طريقة‭! ‬“خلها‭ ‬تمشي”‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬بالعامية‭ ‬وتتزوج،‭ ‬سيحدث،‭ ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت‭... ‬سنة،‭ ‬سنتان‭ ‬أو‭ ‬سنوات‭ ‬بعدد‭ ‬أصابع‭ ‬اليد،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬سترجع‭ ‬لك،‭ ‬وبحمل‭ ‬أكبر،‭ ‬وستندم‭ ‬على‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬فكرت‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬تسترخص‭ ‬فيه‭ ‬ابنتك‭ ‬وتزوجها‭ ‬في‭ ‬أوان‭ ‬غير‭ ‬أوانها،‭ ‬ولشخص‭ ‬لم‭ ‬تعرفه‭ ‬لا‭ ‬أنت‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬بالشكل‭ ‬المناسب،‭ ‬فتتمنى‭ ‬بعدها‭ ‬لو‭ ‬بقيت‭ ‬في‭ ‬كنفك‭ ‬دهراً،‭ ‬وللأبد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتزوج‭ ‬رجلاً‭ ‬يهينها،‭ ‬يضربها،‭ ‬لا‭ ‬ينفق‭ ‬عليها،‭ ‬ولا‭ ‬يرى‭ ‬منها‭ ‬غير‭ ‬آلة‭ ‬تفريخ‭ ‬أو‭ ‬كنبة‭ ‬في‭ ‬منزله،‭ ‬ويجعلها‭ ‬تلهث‭ ‬وراء‭ ‬طلاقها‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬المحاكم‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬

لا‭ ‬تظلموهن‭ ‬وتزوجوهن‭ ‬قبل‭ ‬أوانهن‭.‬