عندما تهادن واشنطن الحوثي

| بدور عدنان

تمر‭ ‬الأزمة‭ ‬اليمنية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬التطورات،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬عنوانها‭ ‬الأبرز‭ ‬التراخي‭ ‬الأميركي‭ ‬تجاه‭ ‬مليشيا‭ ‬الحوثي‭ ‬الإرهابية،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفسر‭ ‬التصعيد‭ ‬والتمادي‭ ‬السافر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جماعة‭ ‬أنصار‭ ‬الله‭ ‬الحوثية‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نبرة‭ ‬التساهل‭ ‬والمهادنة‭ ‬التي‭ ‬اتبعتها‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬تجاهها‭ ‬والتي‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬أفسحت‭ ‬المجال‭ ‬للحوثي‭ ‬للعودة‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬لأعماله‭ ‬الإرهابية،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬متابع‭ ‬للأوضاع‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬أن‭ ‬يتجاهل‭ ‬سياسة‭ ‬التصعيد‭ ‬الخطير‭ ‬التي‭ ‬اتبعتها‭ ‬جماعة‭ ‬أنصار‭ ‬الله‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬ويربط‭ ‬أسبابها‭ ‬بالسياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬المتبعة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭.‬

خلال‭ ‬أعمال‭ ‬مؤتمر‭ ‬المانحين‭ ‬لليمن‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬بداية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الحالي‭ ‬تحدث‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬لليمن‭ ‬مارتن‭ ‬غريفيث‭ ‬عن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬يعيشها‭ ‬اليمنيون،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬اعتداء‭ ‬الحوثي‭ ‬على‭ ‬مأرب‭ ‬التي‭ ‬تحتضن‭ ‬أكبر‭ ‬مخيمات‭ ‬النازحين،‭ ‬حيث‭ ‬صرح‭ ‬غريفيث‭ ‬أن‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬ثلاثة‭ ‬يمنيين‭ ‬باتوا‭ ‬اليوم‭ ‬بحاجة‭ ‬للمساعدة،‭ ‬نعم‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬صعباً،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬الأمور‭ ‬اليوم‭ ‬يرجع‭ ‬بالتأكيد‭ ‬للنبرة‭ ‬الناعمة‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬واشنطن‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬حديثها‭ ‬مع‭ ‬الحوثي‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬العنان‭ ‬لأعماله‭ ‬الإرهابية‭ ‬واستباح‭ ‬دماء‭ ‬اليمنيين‭ ‬في‭ ‬مأرب‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬داعمة‭ ‬للحوثي‭ ‬بكل‭ ‬وضوح‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تناقضا‭ ‬واضحا‭ ‬فيما‭ ‬تدعو‭ ‬إليه،‭ ‬فخلال‭ ‬نفس‭ ‬المؤتمر‭ ‬دعا‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬جماعة‭ ‬الحوثي‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬مأرب‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬نحو‭ ‬السلام،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬إشارة‭ ‬ودلالة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬تحميل‭ ‬واشنطن‭ ‬الحوثي‭ ‬وزر‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬

 

لا‭ ‬يصنع‭ ‬السلام‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬حلاً‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الخطابات‭ ‬الافتراضية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬القرارات‭ ‬الملزمة‭ ‬والضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬للوصول‭ ‬للحلول‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬الحل‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬واشنطن‭ ‬اليوم‭ ‬اتخذت‭ ‬قراراً‭ ‬تسعى‭ ‬إليه‭ ‬الرياض‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سياسة‭ ‬واشنطن‭ ‬وتعاملها‭ ‬مع‭ ‬الحوثي‭.‬