المحرق والإدارة العامة والتنظيمية منذ 152 عاما (1)

| د. حسين المهدي

في‭ ‬كتاب‭ ‬الدكتورة‭ ‬منى‭ ‬فضل‭ ‬“لامركزية‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬البحرين”‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ (‬2016م‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬518‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬الحجم‭ ‬المتوسط،‭ ‬مقسم‭ ‬إلى‭ ‬أربعة‭ ‬فصول،‭ ‬متناولة‭ ‬مفهوم‭ ‬الإدارة‭ ‬ومسار‭ ‬تطورها‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الأول،‭ ‬ثم‭ ‬مفهوم‭ ‬اللامركزية‭ ‬والأنماط‭ ‬المدرسية‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الثاني،‭ ‬وأهم‭ ‬ممارسات‭ ‬مدير‭ ‬المدرسة‭ ‬الإدارية‭ ‬ونمطها‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الثالث،‭ ‬مركزة‭ ‬على‭ ‬تفسير‭ ‬نتائج‭ ‬الدراسة‭ ‬الميدانية‭ ‬ومناقشتها‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الرابع‭ ‬والأخير،‭ ‬وبدورنا‭ ‬سنغطي‭ ‬انطلاق‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬والتنظيم‭ ‬الإداري‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق‭ ‬“أم‭ ‬المدن”،‭ ‬مع‭ ‬بدء‭ ‬عهد‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حاكم‭ ‬البحرين‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ (‬1869‭ - ‬1932م‭).‬

ذكرت‭ ‬الدكتورة‭ ‬فضل،‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬تقديمها‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬عرفت‭ ‬“الإدارة‭ ‬المحلية‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬بعيد‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬حداثة‭ ‬التنظيم‭ ‬الإداري‭ ‬فيها،‭ ‬وتأثر‭ ‬ظهورها‭ ‬–أي‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬–‭ ‬“بتفاعل‭ ‬عوامل‭ ‬اجتماعية‭ ‬وحضارية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وسياسية‭ ‬في‭ ‬المجتمع”‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬المؤثرة‭ ‬التدخل‭ ‬البريطاني‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬المنطقة‭ ‬عموماً‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬البحرين‭ ‬واكتشاف‭ ‬النفط‭ ‬وتنظيم‭ ‬مؤسسات‭ ‬الحكم‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الاستقلال‭ ‬وما‭ ‬بعده‭ ‬حتى‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر‭. ‬وعليه‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬مفاجئا‭ ‬بل‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬لعبت‭ ‬فيه‭ ‬قوى‭ ‬خارجية‭ ‬كبريطانيا‭ ‬ومحلية‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياسية‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً،‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬اتخاذ‭ ‬البلاد‭ ‬مركزاً‭ ‬للعمليات‭ ‬التجارية‭ ‬كتجارة‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬والتبادل‭ ‬السلعي‭ ‬والخدمي‭ ‬لعموم‭ ‬إمارات‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬آنذاك‭ ‬واعتبار‭ ‬ميناء‭ ‬المحرق‭ ‬من‭ ‬الموانئ‭ ‬الخليجية‭ ‬المهمة،‭ ‬هنا‭ ‬برزت‭ ‬أهمية‭ ‬القيام‭ ‬بإصلاحات‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬المحلية‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بتطوير‭ ‬حركة‭ ‬المرافئ‭ ‬والصادرات‭ ‬والواردات‭ ‬جابهتها‭ ‬تحديات‭ ‬تنموية‭ ‬وإصلاحية‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬سياسية،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬الإصلاحات،‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬لتعليم‭ ‬حديث‭ ‬نظامي‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬مستقرة‭ ‬تحكمها‭ ‬علاقات‭ ‬قانونية‭ ‬بين‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬والقوى‭ ‬العاملة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬خدمات‭ ‬صحية‭ ‬وطبية‭ ‬وقانونية‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬المنظمة‭ ‬لهذه‭ ‬الأمور‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يشير‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالله‭ ‬والدكتور‭ ‬بشير‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬كتابهما‭ ‬“تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬الحديث‭ (‬1500‭ - ‬2002م‭)‬”‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ (‬2009‭) ‬إلى‭ ‬لأنه‭ ‬مع‭ ‬استلام‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ (‬1869م‭)‬،‭ ‬وضع‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الأسس‭ ‬الراسخة‭ ‬للدولة‭ ‬والذي‭ ‬اتخذ‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق‭ ‬مركزاً‭ ‬لحكمه‭ ‬كونها‭ ‬العاصمة‭ ‬السياسية‭ ‬للبحرين،‭ ‬“فاهتم‭ ‬بالتطوير‭ ‬والإصلاح‭ ‬والتنظيم‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الإدارة‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬التنظيمات‭ ‬الجديدة‭ ‬فازدهرت‭ ‬التجارة‭ ‬وعد‭ ‬عهده‭ ‬العصر‭ ‬الذهبي‭ ‬للغوص،‭ ‬وأهم‭ ‬ما‭ ‬أنجز‭ ‬في‭ ‬عهده‭ ‬تنظيم‭ ‬ولاية‭ ‬العهد،‭ ‬وتأسيس‭ ‬البلديات،‭ ‬وتأسيس‭ ‬دائرة‭ ‬الشركة،‭ ‬والمكتب‭ ‬الجمركي،‭ ‬وإصلاح‭ ‬المحاكم،‭ ‬وكذلك‭ ‬إدارة‭ ‬التعليم‭ ‬الأهلي‭ ‬والنظامي‭ ‬للبنين‭ ‬والبنات‭ ‬وإنشاء‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الترتيبات‭ ‬الإدارية‭ ‬والإصلاحات‭ ‬التي‭ ‬نقلت‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬العصر‭ ‬الحديث”‭. ‬وللمقال‭ ‬تتمة‭.‬