سوالف

قساوة عدم الانضباط في بعض المؤسسات الثقافية

| أسامة الماجد

لقد‭ ‬أنجزت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬ذات‭ ‬الشأن‭ ‬الثقافي‭ ‬خلال‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬خطوات‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الثقافة‭ ‬ولم‭ ‬تنقطع‭ ‬عن‭ ‬تنظيم‭ ‬الفعاليات‭ ‬والأنشطة،‭ ‬بل‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الجمهور‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الندوات‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬وشجعت‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭ ‬والخلق‭ ‬ومواصلة‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭ ‬ولم‭ ‬تعرف‭ ‬معنى‭ ‬الاغتراب،‭ ‬وكانت‭ ‬حاضرة‭ ‬بهويتها‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬النتاج‭ ‬الثقافي‭ ‬وتطويره‭ ‬بأية‭ ‬صورة‭ ‬كانت،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬خرجت‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬عن‭ ‬إيقاع‭ ‬موسيقى‭ ‬الأنشطة‭ ‬والحيوية‭ ‬وغابت‭ ‬تماما‭ ‬منذ‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬الاهتمام‭ ‬ويلفت‭ ‬الانتباه،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأهلية‭ ‬من‭ ‬تملك‭ ‬المادة‭ ‬والكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬ولا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سند‭ ‬آخر،‭ ‬بل‭ ‬ومقارها‭ ‬مزودة‭ ‬بالتقنيات‭ ‬اللازمة‭ ‬والمعدات،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬غاصت‭ ‬في‭ ‬متاهات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬وابتعدت‭ ‬عن‭ ‬تأدية‭ ‬رسالتها‭ ‬ولم‭ ‬تقدم‭ ‬لنا‭ ‬منذ‭ ‬فبراير‭ ‬2020‭ ‬بداية‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬ولغاية‭ ‬فبراير‭ ‬الجاري‭ ‬2021‭ ‬سوى‭ ‬نشوة‭ ‬متقطعة‭ ‬وقساوة‭ ‬عدم‭ ‬الانضباط‭ ‬في‭ ‬تأدية‭ ‬الرسالة‭.‬

لعل‭ ‬أسرة‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬كانت‭ ‬الأنشط‭ ‬وأثبتت‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الرؤية‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الأزمات‭ ‬الطارئة،‭ ‬فقد‭ ‬استمرت‭ ‬وتواصلت‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أنشطتها‭ ‬الأسبوعية‭ ‬عبر‭ ‬منصة‭ ‬“زووم”‭ ‬و”الأنستغرام”‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬2020‭ ‬وسارت‭ ‬بحق‭ ‬خلف‭ ‬شعارها‭ ‬الجميل‭ ‬“الكلمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإنسان”‭ ‬بمعدل‭ ‬فعالية‭ ‬أو‭ ‬اثنتين‭ ‬في‭ ‬الأسبوع،‭ ‬وكذلك‭ ‬نشطت‭ ‬بعض‭ ‬المسارح‭ ‬والمراكز‭ ‬الشبابية‭ ‬وشمرت‭ ‬عن‭ ‬ساعد‭ ‬الجد‭ ‬ولم‭ ‬تترك‭ ‬لظروف‭ ‬كورونا‭ ‬أن‭ ‬تبعدها‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬دورها‭ ‬الطليعي‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وخدمة‭ ‬قضايا‭ ‬المواطن‭.‬

 

لقد‭ ‬رفضت‭ ‬بعض‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬ذات‭ ‬الشأن‭ ‬الثقافي‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬ركب‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬سهلت‭ ‬علينا‭ ‬كثيرا‭ ‬إمكانيات‭ ‬التواصل‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وإقامة‭ ‬الندوات‭ ‬والورش‭ ‬واللقاءات‭ ‬وحتى‭ ‬المسابقات،‭ ‬وبقيت‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬ضائعة‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬ويساورها‭ ‬القلق‭ ‬تجاه‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتقدس‭ ‬الرتابة‭ ‬والخمول‭ ‬تقديسا‭ ‬أعمى‭ ‬بحجة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬والغريب‭ ‬أنها‭ ‬مازالت‭ ‬تروي‭ ‬قصة‭ ‬خمولها‭ ‬وكسلها‭ ‬وهي‭ ‬مغمضة‭ ‬العينين‭ ‬وبهدوء‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬تنتظر‭ ‬ضوء‭ ‬الشمس‭ ‬المتسلسل‭ ‬بين‭ ‬نوافذها‭.‬