عفاريت البرق

| د.حورية الديري

عندما‭ ‬قررت‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬نوع‭ ‬جديد‭ ‬للمحفزات‭ ‬التي‭ ‬تشعل‭ ‬المحفزات‭ ‬الذاتية،‭ ‬ظهرت‭ ‬أمامي‭ ‬صورة‭ ‬العفريت‭ ‬أو‭ ‬المارد‭ ‬الجبار‭ ‬الذي‭ ‬عرفناه‭ ‬صغارًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القصص‭ ‬الكرتونية،‭ ‬وتخيلت‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إحدى‭ ‬البرمجيات‭ ‬أو‭ ‬التطبيقات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تسعدنا‭ ‬بكل‭ ‬جديد‭ ‬متطور‭ ‬وترعبنا‭ ‬أحيانًا‭ ‬بعواقب‭ ‬إساءة‭ ‬الاستخدام‭ ‬لها،‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬جعلني‭ ‬أقف‭ ‬عند‭ ‬جدلية‭ ‬ظاهرة‭ ‬عفاريت‭ ‬البرق،‭ ‬تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اكتشافها‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬لوصف‭ ‬ظاهرة‭ ‬الوميض‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬فوق‭ ‬العواصف‭ ‬الرعدية‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬عنها‭ ‬عدة‭ ‬أشكال‭ ‬بصرية‭ ‬تتميز‭ ‬بلونها‭ ‬الأحمر‭.‬

الغريب‭ ‬في‭ ‬تسمية‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬شككت‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬حتى‭ ‬اعتبروها‭ ‬هلاوس‭ ‬بصرية‭ ‬أسبابها‭ ‬الضغط‭ ‬والتوتر‭ ‬والإرهاق‭ ‬الذي‭ ‬يصيب‭ ‬البشر‭.. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬فئة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬الذين‭ ‬يربطون‭ ‬تسمية‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬بالعفاريت‭ ‬بما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬وليام‭ ‬شكسبير‭ ‬“حلم‭ ‬ليلة‭ ‬الصيف”‭ ‬عندما‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬الروح‭ ‬الشريرة‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬نحن‭ ‬المفكرون‭ ‬بما‭ ‬نمتلك‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬عقلية‭ ‬تضاهي‭ ‬تفسير‭ ‬تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬وتبدع‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬التسميات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬وحدث،‭ ‬وطالما‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬البرمجيات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وفي‭ ‬طريقنا‭ ‬نحو‭ ‬التحولات‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭.‬

فماذا‭ ‬لو‭ ‬اخترعنا‭ ‬سلسلة‭ ‬خطوات‭ ‬تسبق‭ ‬عملية‭ ‬التحفيز‭ ‬الذاتي؟‭ ‬بقصد‭ ‬البحث‭ ‬عما‭ ‬تعتريه‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬للوصول‭ ‬لعملية‭ ‬التحفيز،‭ ‬ربما‭ ‬ظاهرة‭ ‬معينة‭ ‬تساعدنا‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬ما‭ ‬نمتلك‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬تقوم‭ ‬بدور‭ ‬المنشط‭ ‬ذي‭ ‬الوميض‭ ‬المستمر،‭ ‬لاستنهاض‭ ‬المحفزات‭ ‬الذاتية،‭ ‬خصوصا‭ ‬أننا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬المتغير‭ ‬نقوم‭ ‬بإنجاز‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بشكل‭ ‬سريع،‭ ‬وقد‭ ‬يقف‭ ‬البعض‭ ‬أمام‭ ‬استنفاد‭ ‬معظم‭ ‬أسرار‭ ‬التحفيز‭ ‬الذاتي‭ ‬المتاحة‭ ‬لهم‭ ‬سواءً‭ ‬بعدم‭ ‬الصيانة‭ ‬المستمرة‭ ‬والشحن‭ ‬أو‭ ‬بكثرة‭ ‬الاستخدام‭ ‬وانتهاء‭ ‬عدد‭ ‬المرات‭ ‬المتاحة،‭ ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬نسيانها‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن‭ ‬يجعلها‭ ‬خاملة‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬الصورة‭ ‬بالإطار،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يأتي‭ ‬السؤال‭.. ‬كيف‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬المحفزات‭ ‬الذاتية؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬المحفز‭ ‬الذي‭ ‬يساعدنا‭ ‬على‭ ‬تنشيط‭ ‬المحفزات‭ ‬الذاتية‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي؟

يبدو‭ ‬الأمر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نظرية‭ ‬جديدة‭ ‬تتواءم‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬لتسمية‭ ‬البرمجيات‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬الرهيبة‭ ‬وربطها‭ ‬المستمر‭ ‬بالحاجة‭ ‬وإشباعها،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬التجديد‭ ‬والتطوير،‭ ‬لن‭ ‬نروح‭ ‬بعيدًا‭ ‬وننهي‭ ‬المقال‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬للمارد‭ ‬الجبار‭ ‬أن‭ ‬ينزل‭ ‬علينا‭ ‬قوة‭ ‬عفريت‭ ‬البرق‭ ‬بألوانه‭ ‬الجميلة‭ ‬كي‭ ‬تلهم‭ ‬ذات‭ ‬البشر‭ ‬وتعيد‭ ‬إليهم‭ ‬طاقة‭ ‬شحن‭ ‬تحفيزية‭ ‬مستمرة‭.‬