مدينة المحرق “أم المدن” والعمارة التقليدية منذ 1794م (2)

| د. حسين المهدي

استعرضنا‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬كتاب‭ ‬“حفظ‭ ‬المباني‭ ‬التاريخية‭ ‬–‭ ‬مبان‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق”‭ ‬للدكتور‭ ‬سلمان‭ ‬المحاري،‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ (‬2017م‭). ‬ويقع‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬أبواب‭ ‬بواقع‭ ‬فصلين‭ ‬لكل‭ ‬باب،‭ ‬وغطى‭ ‬الباب‭ ‬الأول‭ ‬مقدمة‭ ‬تاريخية‭ ‬عن‭ ‬المحرق‭ ‬ووصفا‭ ‬للمدينة‭ ‬وعمارتها،‭ ‬وعالج‭ ‬الثاني‭ ‬مواد‭ ‬البناء‭ ‬وتقنياتها،‭ ‬وعرض‭ ‬الباب‭ ‬الثالث‭ ‬عوامل‭ ‬ومظاهر‭ ‬تلف‭ ‬المباني‭ ‬التراثية،‭ ‬والرابع‭ ‬صيانة‭ ‬المباني‭ ‬التراثية‭ ‬ومبادئ‭ ‬الصيانة‭ ‬العلمية‭ ‬لها،‭ ‬وعرض‭ ‬الباب‭ ‬الخامس‭ ‬الفحوص‭ ‬والتحاليل‭ ‬لمواد‭ ‬البناء،‭ ‬وختم‭ ‬الباب‭ ‬السادس‭ ‬بموضوع‭ ‬الكتاب‭ ‬وجانبه‭ ‬التطبيقي‭. ‬مقالنا‭ ‬الفائت‭ ‬أشار‭ ‬لوصف‭ ‬جزيرة‭ ‬المحرق‭ ‬ونكمل‭ ‬اليوم‭ ‬تاريخ‭ ‬المحرق‭ ‬وتطور‭ ‬عمارتها‭ ‬التقليدية‭ ‬والعناصر‭ ‬الزخرفية،‭ ‬ونماذجها‭ ‬المعمارية‭ ‬الخمسة‭. ‬عرفت‭ ‬المحرق‭ ‬بـ‭ ‬“أرادوس”‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬اليونانية‭ ‬الرومانية،‭ ‬المتحورة‭ ‬إلى‭ ‬“عراد”،‭ ‬وأصل‭ ‬تسميتها‭ ‬يعود‭ ‬لاتخاذها‭ ‬مكانا‭ ‬لحرق‭ ‬موتى‭ ‬المجوس،‭ ‬وفقاً‭ (‬للنبهاني‭ - ‬1986م‭)‬،‭ ‬أما‭ (‬التاجر‭ - ‬1994م‭) ‬فلا‭ ‬يتفق‭ ‬معه،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يرى‭ (‬والي‭ - ‬1990م‭) ‬“أنها‭ ‬تنسب‭ ‬إلى‭ ‬صنم‭ ‬يدعى‭ ‬“محرق”‭ ‬متزامناً‭ ‬مع‭ ‬تسمية‭ ‬جزيرة‭ ‬البحرين‭ ‬بـ‭ ‬“أوال”،‭ ‬أما‭ ‬بداية‭ ‬ظهور‭ ‬المحرق‭ ‬كمدينة‭ ‬ومركز‭ ‬سياسي‭ ‬فتعود‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ (‬1796‭) ‬وفقاً‭ ‬للـ‭ ‬“المحاري”‭. ‬وهناك‭ ‬أربعة‭ ‬عناصر‭ ‬زخرفية‭ ‬لعمارة‭ ‬المحرق‭ ‬التقليدية،‭ ‬هي‭: ‬الزخارف‭ ‬الجصية‭ ‬والمكونة‭ ‬من‭ ‬الحمائم‭ ‬والمسننات،‭ ‬والأشرطة‭ ‬الزخرفية‭ ‬أو‭ ‬الافاريز،‭ ‬والكمرات‭ ‬ومفردها‭ ‬“كمر”،‭ ‬واللوحات‭ ‬الزخرفية،‭ ‬والوحدات‭ ‬الزخرفية‭ ‬غير‭ ‬المتكررة‭.. ‬ثم‭ ‬الزخارف‭ ‬الخشبية،‭ ‬وهي‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬مثيلتها‭ ‬الجصية،‭ ‬وتستخدم‭ ‬الزخارف‭ ‬الخشبية‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭ ‬الخشبية،‭ ‬والنوافذ‭ ‬والأسقف‭ ‬التي‭ ‬تتزين‭ ‬بجذوع‭ ‬الدنجل‭ ‬والبامبو‭ ‬–‭ ‬الباستشيل‭ ‬كما‭ ‬سمعتها‭ ‬من‭ ‬أهلي‭ ‬البنائين‭ ‬–‭ ‬والمانجرور،‭ ‬تليها‭ ‬الزخارف‭ ‬والمشغولات‭ ‬المعدنية،‭ ‬وأخيراً‭ ‬الزخارف‭ ‬الزجاجية‭.‬المحاري،‭ ‬أورد،‭ ‬خمسة‭ ‬نماذج‭ ‬لمعمارية‭ ‬المحرق،‭ ‬أولها‭ ‬بيت‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الذي‭ ‬شغله‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬حكمه‭ (‬1869‭ - ‬1932‭) ‬والذي‭ ‬شيده‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬حسن‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬عام‭ (‬1840‭)‬،‭ ‬ويتميز‭ ‬بضخامته‭ ‬وجدرانه‭ ‬السميكة‭ ‬العالية‭ ‬وأجنحته‭ ‬الأربعة،‭ ‬وهي‭: ‬جناح‭ ‬الشيخ،‭ ‬وجناح‭ ‬النساء‭ (‬العائلة‭)‬،‭ ‬وجناح‭ ‬الخدم،‭ ‬وجناح‭ ‬الضيوف‭. ‬وثانيهما،‭ ‬بيت‭ ‬سيادي‭ ‬و‭(‬مجلس‭ ‬سيادي‭) ‬وبناه‭ ‬جاسم‭ ‬بن‭ ‬يوسف‭ ‬سيادي،‭ ‬عام‭ (‬1850‭). ‬وشيد‭ ‬المجلس‭ ‬والغرف‭ ‬العلوية‭ ‬في‭ (‬1920م‭)‬،‭ ‬ويتكون‭ ‬بدوره‭ ‬الأرضي‭ ‬ومستوياته‭ ‬الأربعة،‭ ‬ومسجد‭ ‬سيادي‭ ‬الذي‭ ‬أنشأه‭ ‬جاسم‭ ‬سيادي‭ ‬في‭ (‬1850‭)‬،‭ ‬وبه‭ ‬رواق‭ ‬القبلة‭ ‬والليوان‭ ‬والفناء‭.. ‬ودكاكين‭ ‬سيادي،‭ ‬والتي‭ ‬تقع‭ ‬بجنوب‭ ‬سوق‭ ‬القيصرية‭ ‬وبناها‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬سيادي‭ (‬1950م‭). ‬بيت‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حاكم‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬‭(‬1942‭ ‬إلى‭ ‬1961‭) ‬وهو‭ ‬النموذج‭ ‬الخامس‭ ‬ويقع‭ ‬في‭ ‬فريج‭ ‬الشيخ‭ ‬حمد‭ ‬القريب‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬الصحي،‭ ‬وبناه‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬الفاتح‭ ‬في‭ ‬عام‭ (‬1794م‭)‬،‭ ‬وخصص‭ ‬الباحث‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الباب‭ ‬السادس‭ ‬لمشروع‭ ‬ترميم‭ ‬وصيانة‭ ‬هذا‭ ‬البيت،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬ترميم‭ ‬وصيانة‭ ‬دكاكين‭ ‬سيادي‭ ‬بسوق‭ ‬القيصيرية‭.‬