في حضرة تعليم عالٍ أرقى

| د. عبدالله الحواج

نحن‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬المعترك،‭ ‬موجة‭ ‬ثانية‭ ‬أو‭ ‬ثالثة‭ ‬من‭ ‬كورونا،‭ ‬وسط‭ ‬احتراز‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬مثيل،‭ ‬وسباق‭ ‬أممي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬جائحة‭ ‬ما‭ ‬أنزل‭ ‬الله‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬سلطان،‭ ‬العالم‭ ‬يعيش‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التأهب‭ ‬المصحوب‭ ‬بأسى،‭ ‬فالمصاب‭ ‬أليم،‭ ‬والضحايا‭ ‬بالملايين،‭ ‬والخسائر‭ ‬بالتريليونات،‭ ‬والمديونية‭ ‬العالمية‭ ‬تخطت‭ ‬جميع‭ ‬الأسقف‭ ‬والحواجز‭ ‬والحدود‭ ‬وقفزت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬الـ‭ ‬‮٢٨٠‬‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭. ‬

هذا‭ ‬الوضع‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬استنفار‭ ‬المعمورة‭ ‬عن‭ ‬بكرة‭ ‬أبيها،‭ ‬إلى‭ ‬تحفيز‭ ‬الجامعات‭ ‬وأجهزة‭ ‬الرصد‭ ‬ومراكز‭ ‬البحوث‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬طوارئ‭ ‬أمن‭ ‬للبشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬من‭ ‬نفق‭ ‬كورونا‭ ‬المظلم،‭ ‬ولقد‭ ‬كان‭ ‬للجامعات‭ ‬دور‭ ‬بارز‭ ‬ومحوري‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬دفة‭ ‬الاختراعات‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬لقاح‭ ‬ناجح،‭ ‬ناجح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطويق‭ ‬الجائحة‭ ‬ودفع‭ ‬الابتلاء‭ ‬رويدًا‭ ‬رويدًا‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬المطاف،‭ ‬ووضع‭ ‬نهاية‭ ‬آمنة‭ ‬للبشرية‭ ‬المهدومة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬

ونحمد‭ ‬الله‭ ‬ونشكر‭ ‬فضله‭ ‬أن‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬برئاسة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭ ‬لتحجيم‭ ‬المخاطر‭ ‬ورأب‭ ‬الأصداع‭ ‬وتصويب‭ ‬مسارات‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تصدعت‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬تأثرت‭ ‬والأخرى‭ ‬التي‭ ‬منيت‭ ‬بخسائر‭ ‬فادحة‭.‬

وها‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬وسط‭ ‬الهول‭ ‬نواجه‭ ‬يدا‭ ‬بيد،‭ ‬وعلى‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬بفعل‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬الكونية‭ ‬الرهيبة‭. ‬

هنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬الجامعات،‭ ‬وهنا‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬الصورة‭ ‬ذلك‭ ‬الكم‭ ‬الفاعل‭ ‬من‭ ‬جامعات‭ ‬خاصة‭ ‬وحكومية،‭ ‬ومنظومات‭ ‬علمية‭ ‬دولية،‭ ‬ومؤسسات‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الآثار‭ ‬الجامحة‭ ‬للجائحة‭ ‬وتحوراتها،‭ ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬الحديث‭ ‬مجددا‭ ‬مياهه‭ ‬ودماءه‭ ‬ودنياه‭ ‬ليذكرنا‭ ‬بأن‭ ‬القرار‭ ‬الاستباقي‭ ‬لحكومتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬بفصل‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬بمثابة‭ ‬الخطوة‭ ‬الفاعلة‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تتبعها‭ ‬خطوات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬بالاستقلالية‭ ‬المناسبة‭ ‬وبالعدالة‭ ‬المرعية‭ ‬في‭ ‬الضوابط‭ ‬والحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬وبالعدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الأعباء‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬والفوائد‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬لا‭ ‬تفرقة‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك،‭ ‬فالجميع‭ ‬ينذرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬ليكونوا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬والجميع‭ ‬ينذرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التقدم‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬أن‭ ‬تنهض‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد‭ ‬من‭ ‬كابوس‭ ‬الجائحة‭ ‬ومن‭ ‬تراجع‭ ‬أداء‭ ‬القطاعات‭ ‬المكلومة‭ ‬بفعل‭ ‬كورونا‭ ‬اللعين،‭ ‬هنا‭ ‬يمكننا‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬استقلالية‭ ‬بحجم‭ ‬المسؤولية‭ ‬وعن‭ ‬رقابة‭ ‬حكومية‭ ‬بحجم‭ ‬الضبط‭ ‬والربط‭ ‬والانضباطية‭ ‬المحفوفة‭ ‬بالجودة‭ ‬في‭ ‬البرامج‭ ‬والمواد‭ ‬التعليمية،‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬خاص‭ ‬إلا‭ ‬بالجودة‭ ‬وحسن‭ ‬الإدارة،‭ ‬وسلامة‭ ‬المرتجى،‭ ‬ولا‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬خاص‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬يعملون‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬مباركة‭ ‬تراعي‭ ‬تربية‭ ‬الأجيال‭ ‬وتعليمهم،‭ ‬حتى‭ ‬يرتقي‭ ‬المجتمع‭ ‬بأسره‭ ‬ويكون‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬سبر‭ ‬أغوار‭ ‬التحدي،‭ ‬وضبط‭ ‬منعطفات‭ ‬اللحظة‭ ‬وصياغة‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬بمستوى‭ ‬الآمال‭ ‬والأيام‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬نعشها‭ ‬بعد‭.‬