ستة على ستة

بايدن وعودة الدبلوماسية مع إيران

| عطا السيد الشعراوي

يبدو‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإيران‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬لا‭ ‬يتفق‭ ‬ومصالح‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ولا‭ ‬المنطقة،‭ ‬ففي‭ ‬بيان‭ ‬مشترك‭ ‬أصدرته‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وأميركا‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬فبراير‭ ‬الجاري،‭ ‬رحبت‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬باعتزام‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬عودة‭ ‬إيران‭ ‬للامتثال‭ ‬التام‭ ‬للاتفاق‭ ‬المعروف‭ ‬باسم‭ ‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة،‭ ‬حتى‭ ‬تقوم‭ ‬أميركا‭ ‬بالمثل‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬مناقشات‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.‬

رغم‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المستبعد‭ ‬حاليًا‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬إيران‭ ‬وتتخذ‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬لتتبعها‭ ‬أميركا‭ ‬بخطوة‭ ‬مماثلة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬في‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬البيان‭ ‬قائلا‭ ‬“بدلا‭ ‬من‭ ‬السفسطة‭ ‬وإلقاء‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تفي‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬الثلاث‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بالتزاماتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬وأن‭ ‬يطالبوا‭ ‬بإنهاء‭ ‬إرث‭ ‬ترامب‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الإرهاب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ضد‭ ‬إيران”‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬احتمالات‭ ‬تراجع‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التعنت‭ ‬تظل‭ ‬قائمة‭ ‬بفعل‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأوروبي‭ ‬الزائد‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬والحوار‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لتقديم‭ ‬حوافز‭ ‬لطهران‭  ‬لتشجعها‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬لوضع‭ ‬نهاية‭ ‬لهذا‭ ‬الملف،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قامت‭ ‬أميركا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬يوم‭ ‬صدور‭ ‬البيان‭ ‬المشترك‭ ‬بإلغاء‭ ‬تفعيل‭ ‬آلية‭ ‬“سناب‭ ‬باك”،‭ ‬التي‭ ‬أعادت‭ ‬واشنطن‭ ‬بموجبها‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬خلال‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬ترامب‭.‬

إن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬رسالة‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬المتحمسة‭ ‬للتفاوض‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬فلن‭ ‬أجد‭ ‬أبلغ‭ ‬مما‭ ‬ذكرته‭ ‬مجلة‭ ‬“فورين‭ ‬بوليسي”‭ ‬الأميركية‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بأن‭ ‬وكلاء‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬باتوا‭ ‬يتخذون‭ ‬سياسة‭ ‬تستهدف‭ ‬معارضيهم‭ ‬من‭ ‬الشيعة،‭ ‬وأن‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬باستهداف‭ ‬الخبير‭ ‬الأمني‭ ‬الشيعي‭ ‬هشام‭ ‬الهاشمي‭ ‬بالعراق،‭ ‬والناشط‭ ‬الشيعي‭ ‬لقمان‭ ‬سليم‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬هو‭ ‬معارضتهما‭ ‬لفصائل‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي،‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭.‬

فعلى‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬خطورة‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي،‭ ‬وأن‭ ‬المعالجة‭ ‬الشاملة‭ ‬لسياسات‭ ‬إيران‭ ‬وتصحيح‭ ‬مسار‭ ‬نظامها‭ ‬هو‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬الذي‭ ‬يحقق‭ ‬مصالحها‭ ‬هي‭ ‬أولا‭ ‬قبل‭ ‬مصالح‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬لن‭ ‬يصل‭ ‬لنهايته‭ ‬المرجوة‭ ‬بدون‭ ‬مشاركة‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭.‬