العرب وإيران... والتحديات الجديّة

| صالح القلاب

وكأنّ‭ ‬أيّ‭ ‬شيءٍ‭ ‬لمْ‭ ‬يكن؛‭ ‬فحزبُ‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬قتل‭ ‬الناشط‭ ‬السياسي‭ ‬الجنوبي‭ ‬لقمان‭ ‬سليم‭ ‬ولم‭ ‬يكلّفْ‭ ‬من‭ ‬يمشي‭ ‬في‭ ‬جنازته،‭ ‬وهذه‭ ‬مجردّ‭ ‬حلقةٍ‭ ‬في‭ ‬سلسلةٍ‭ ‬طويلةٍ‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بمن‭ ‬سبق‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬اللبناني‭ ‬رفيق‭ ‬الحريري‭ ‬ومن‭ ‬تبعه،‭ ‬وحيث‭ ‬إنّ‭ ‬القتلة‭ ‬بقوا‭ ‬يسرحون‭ ‬ويمرحون‭ ‬والمجرم‭ ‬سليم‭ ‬عياش‭ ‬الذي‭ ‬ثبت‭ ‬عليه‭ ‬ارتكاب‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬وأربع‭ ‬جرائم‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يسرحُ‭ ‬ويمرحُ،‭ ‬وربما‭ ‬انّه‭ ‬أحدُ‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬“قتل”‭ ‬هذا‭ ‬الناشط‭ ‬السياسي‭ ‬المسالم‭ ‬الرافض‭ ‬للأحزاب‭ ‬المذهبية‭ ‬والطائفية،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬جزاؤه‭ ‬أربع‭ ‬رصاصات‭ ‬في‭ ‬الرأس‭ ‬وواحدة‭ ‬في‭ ‬الظهر،‭ ‬ومثله‭ ‬مثل‭ ‬كثيرين‭ ‬عارضوا‭ ‬دويلة‭ ‬ضاحية‭ ‬بيروت‭ ‬الجنوبية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تحكمُ‭ ‬حكماً‭ ‬“بوليسيا”‭ ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬يفعله‭ ‬أتباع‭ ‬الوليِّ‭ ‬الفقيه‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وفي‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭!‬

وعليه‭ ‬فإنّ‭ ‬ما‭ ‬يجبُ‭ ‬أنْ‭ ‬يتوقّف‭ ‬عنده‭ ‬العربُ‭ ‬كلهم‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬عند‭ ‬الإرهابيين‭ ‬“الحوثيّين”‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سعيداً‭ ‬ذات‭ ‬يومٍ‭ ‬بات‭ ‬بعيداً‭ ‬هو‭ ‬أنّ‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬هذا‭ ‬الوليِّ‭ ‬الفقيه‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬باتت‭ ‬تحتلُّ‭ ‬احتلالاً‭ ‬إلحاقياً‭ ‬أربع‭ ‬دولٍ‭ ‬عربية‭ ‬أساسية‭ ‬ورئيسية‭... ‬لحساب‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تسعى‭ ‬لتسديد‭ ‬ثارات‭ ‬قديمة‭ ‬وجديدة‭ ‬مع‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭.‬

إنّه‭ ‬لا‭ ‬شكَّ‭ ‬في‭ ‬أنّ‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬برهم‭ ‬صالح‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭ ‬ورئيس‭ ‬البرلمان‭ (‬مجلس‭ ‬النواب‭) ‬محمد‭ ‬الحلبوسي‭ ‬بقوا‭ ‬يسعون‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬العربي‭ ‬لكن‭ ‬“العينَ‭ ‬بصيرة‭ ‬واليد‭ ‬قصيرة”‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬العربي‭... ‬و”الأشقاء”‭ ‬الأكراد‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الأخ‭ ‬الكبير‭ ‬مسعود‭ ‬البارزاني‭ ‬يعرفون‭ ‬أنّ‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أتباعها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬“أربيل”‭ ‬وأنها‭ ‬ستبقى‭ ‬تستهدف‭ ‬كردستان‭ ‬العراقية‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬حافزاً‭ ‬للأكراد‭ ‬الإيرانيّين‭ ‬ليكون‭ ‬لهم‭ ‬ولو‭ ‬حكم‭ ‬“شكلي”‭ ‬في‭ ‬كردستان‭ ‬الإيرانية‭.‬

إنّ‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬شكَّ‭ ‬فيه‭ ‬أنها‭ ‬خطوة‭ ‬ضرورية‭ ‬ومهمة‭ ‬أنْ‭ ‬يُقتلع‭ ‬“الحوثيّون”‭ ‬منْ‭ ‬جذورهم‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬أنْ‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬خطوةً‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التمدّد‭ ‬الإيراني‭ ‬الفارسي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬ويقيناً‭ ‬إنّ‭ ‬خطوةً‭ ‬كهذه‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الصعوبة‭ ‬فهناك‭ ‬إحتلال‭ ‬إيراني‭ ‬حقيقي‭ ‬وفعلي،‭ ‬وحقيقةً‭ ‬انّ‭ ‬إزالة‭ ‬هذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬تحتاج‭ ‬أولّ‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬لملمة‭ ‬الوضع‭ ‬العربي‭ ‬وأنْ‭ ‬لا‭ ‬تبقى‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬الآن‭ ‬وأنْ‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬التفاف‭ ‬قومي‭ ‬حول‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تتصدّى‭ ‬لكلِّ‭ ‬هذا‭ ‬التمدّد‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الإيرانيون‭ ‬“الفرس”‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭. ‬“إيلاف”‭.‬