الإسلام وتهمة العنف والإرهاب

| عبدالنبي الشعلة

قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬أعلن‭ ‬المذيع‭ ‬الكويتي‭ ‬المعروف‭ ‬محمد‭ ‬المؤمن‭ ‬تحوله‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬واعتناقه‭ ‬الدين‭ ‬المسيحي،‭ ‬وخلال‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬أعلنت‭ ‬الفنانة‭ ‬بسمة‭ ‬حميد‭ ‬المعروفة‭ ‬فنيًا‭ ‬باسم‭ ‬“بسمة‭ ‬الكويتية”‭ ‬تركها‭ ‬الإسلام‭ ‬واعتناقها‭ ‬الديانة‭ ‬اليهودية،‭ ‬وتشهد‭ ‬كردستان‭ ‬بالعراق‭ ‬الآن‭ ‬تزايدا‭ ‬ملحوظا‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬المسلمين‭ ‬الأكراد‭  ‬الذين‭ ‬يتحولون‭ ‬إلى‭ ‬الديانة‭ ‬الزرادشتية،‭ ‬وهي‭ ‬ديانة‭ ‬الفرس‭ ‬القدماء،‭ ‬وهذه‭ ‬مجرد‭ ‬أمثلة‭ ‬محددة‭ ‬برزت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وبدون‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬للتضخيم‭ ‬والمبالغة‭ ‬هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬توجهت‭ ‬وتتوجه‭ ‬للإلحاد،‭ ‬ونحن‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نستنكر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬والتوجهات،‭ ‬ولا‭ ‬نطالب‭ ‬بالتصدي‭ ‬لها،‭ ‬بل‭ ‬اننا‭ ‬نقف‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬المؤمنين‭ ‬بأن‭ ‬حرية‭ ‬الاعتقاد‭ ‬مكفولة‭ ‬للجميع،‭ ‬وتعتبر‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬قواعد‭ ‬وركائز‭ ‬الإسلام‭ ‬لقوله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: ‬“لا‭ ‬إكراه‭ ‬في‭ ‬الدين”،‭ ‬وقوله‭: ‬“وقل‭ ‬الحق‭ ‬من‭ ‬ربكم‭ ‬فمن‭ ‬شاء‭ ‬فليؤمن‭ ‬ومن‭ ‬شاء‭ ‬فليكفر”‭.‬

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬التغافل‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬المشترك‭ ‬وأبرز‭ ‬الدوافع‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬أصبحوا‭ ‬يعتقدون‭ ‬ويتهمون‭ ‬الإسلام‭ ‬ويصفونه‭ ‬بأنه‭ ‬أكثر‭ ‬الأديان‭ ‬نزوعًا‭ ‬للعنف‭ ‬والقتل‭ ‬والإرهاب،‭ ‬وإن‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬أكثر‭ ‬الكتب‭ ‬الدينية‭ ‬حفاوة‭ ‬ودعوة‭ ‬للحروب‭ ‬والاقتتال؛‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحولت‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭ ‬إلى‭ ‬قناعة‭ ‬تجذرت‭ ‬وترسخت‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬قطاعات‭ ‬من‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬ومن‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية‭ ‬وغيرها‭. ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬ناتج‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يقترفه،‭ ‬باسم‭ ‬الإسلام،‭ ‬نفر‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬المضلَلين‭ ‬والمغرر‭ ‬بهم،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬المتأسلمين،‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬وإرهاب‭ ‬في‭ ‬أوطانهم‭ ‬أساسًا،‭ ‬وفي‭ ‬مختلف‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض‭ ‬أحيانًا‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الوقفة‭ ‬القصيرة‭ ‬لن‭ ‬نستطيع‭ ‬ولن‭ ‬نجادل‭ ‬أو‭ ‬نحاول‭ ‬لجم‭ ‬هذه‭ ‬التهمة‭ ‬وإثبات‭ ‬خطأ‭ ‬هذا‭ ‬الاستنتاج،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الإسلام،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬القرآن‭ ‬لم‭ ‬يدعُ‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬ضيقة‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬وأنه‭ ‬رفض‭ ‬الاعتداء،‭ ‬وجعل‭ ‬من‭  ‬السلم‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬والأساس‭ ‬الأصلب‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والمجتمعات،‭ ‬وقد‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: ‬“وقاتلوا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬الذين‭ ‬يقاتلونكم‭ ‬ولا‭ ‬تعتدوا‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬يحب‭ ‬المعتدين”،‭ ‬وقال‭ ‬أيضًا‭: ‬“وإن‭ ‬جنحوا‭ ‬للسلم‭ ‬فاجنح‭ ‬لها”‭.‬

إننا‭ ‬سنكتفي‭ ‬وسنسعى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوقفة‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬أن‭ ‬الإسلام،‭ ‬أقل‭ ‬وأدنى،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬أكثر‭ ‬الأديان‭ ‬نزوعًا‭ ‬للعنف‭ ‬والقتل‭ ‬والإرهاب‭ ‬وأن‭ ‬القرآن‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭ ‬الكتب‭ ‬الدينية‭ ‬حفاوة‭ ‬ودعوة‭ ‬للحروب‭ ‬والاقتتال‭.‬

وقد‭ ‬ذكر‭ ‬مؤخرًا‭ ‬المؤرخ‭ ‬والأستاذ‭ ‬الجامعي‭ ‬البريطاني‭ ‬المعروف‭ ‬فيليب‭ ‬جينكينز‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬أجرتها‭ ‬معه‭ ‬الإذاعة‭ ‬الوطنية‭ ‬العامة،‭ ‬وهي‭ ‬شبكة‭ ‬إعلامية‭ ‬أميركية‭ ‬تضم‭  ‬900‭ ‬محطة‭ ‬إذاعية‭: ‬“إن‭ ‬العنف‭ ‬الدموي‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬أقل‭ ‬بكثيرٍ‭ ‬من‭ ‬دموية‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس،‭ ‬وإن‭ ‬القرآن‭ ‬أقل‭ ‬عنفًا‭ ‬منه؛‭ ‬إذ‭ ‬تدعو‭ ‬التعليمات‭ ‬الصريحة‭ ‬الواضحة‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬القديم‭ ‬إلى‭ ‬الحرب،‭ ‬باعتبارها‭ ‬حربَ‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬لا‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الحرب،‭ ‬وإذا‭ ‬اضطرَّته‭ ‬الظروف‭ ‬إليها،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬حربًا‭ ‬دفاعية”‭.‬

إن‭ ‬كل‭ ‬الأديان،‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬تحرص‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬تجنيد‭ ‬واستنفار‭ ‬الطاقات‭ ‬والهمم‭ ‬والعزائم‭ ‬وزجها‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬الصراع‭ ‬الأزلي‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر،‭ ‬وتحض‭ ‬أتباعها‭ ‬ومريديها‭ ‬والمؤمنين‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬الوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الخير‭ ‬والحق‭ ‬ومقاومة‭ ‬الشر‭ ‬والباطل،‭ ‬ونصرة‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف‭ ‬ومحاربة‭ ‬الظلم‭ ‬والطغيان،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬وصد‭ ‬المعتدين‭. ‬وبذلك‭ ‬أصبح‭ ‬الصراع‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تكوين‭ ‬وبنية‭ ‬كل‭ ‬الأديان‭.‬

ولنعد‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬اليهودية‭ ‬والمسيحية‭ ‬

لنرى‭ ‬أن‭ ‬الديانات‭ ‬القديمة‭ ‬مثل‭ ‬ديانات‭ ‬قدماء‭ ‬المصريين‭ ‬والاغريق‭ ‬وغيرها‭ ‬لم‭ ‬تشذ‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬القاعدة‭. ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الديانات‭ ‬لم‭ ‬تترك‭ ‬لنا‭  ‬كتبًا‭ ‬مقدسة‭ ‬نرجع‭ ‬إليها،‭ ‬بل‭ ‬تركت‭ ‬لنا‭ ‬مدونات‭ ‬محررة‭ ‬وسرديات،‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬“أساطير‭ ‬الأولين”؛‭ ‬والأساطير‭ ‬هي‭ ‬روايات‭ ‬لأحداث‭ ‬تاريخية‭ ‬كما‭ ‬تتخيلها‭ ‬الذاكرة‭ ‬الشعبية،‭ ‬منها‭ ‬أسطورة‭ ‬حروب‭ ‬ملك‭ ‬آلهة‭ ‬الاغريق‭ ‬الإله‭ ‬“زيوس”‭ ‬ضد‭ ‬أبيه‭ ‬الإله‭ ‬“كرونوس”‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يأكل‭ ‬أطفاله‭ ‬خشية‭ ‬قيامهم‭ ‬بقتله‭ ‬والانقلاب‭ ‬عليه‭.‬

ومنها‭ ‬مدونات‭ ‬قدماء‭ ‬المصريين‭ ‬عن‭ ‬عصر‭ ‬أو‭ ‬حضارة‭ ‬الفراعنة‭ ‬وهي‭ ‬أول‭ ‬حضارة‭ ‬ارتكزت‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬دينية،‭ ‬وخاضت‭ ‬الآلهة‭ ‬المصرية‭ ‬فيها‭ ‬حروبًا‭ ‬طاحنة‭ ‬طويلة‭ ‬امتدت‭ ‬لآلاف‭ ‬السنين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬الأرض‭ ‬وتوحيدها،‭ ‬برزت‭ ‬فيها‭ ‬شخصية‭ ‬سيدة‭ ‬الحرب‭ ‬الإلهة‭ ‬“سخمت”‭ ‬التي‭ ‬عُرفت‭ ‬بشراستها‭ ‬وحبها‭ ‬للتدمير‭ ‬والانتقام،‭ ‬لتؤسس‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬لدور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬والحياة‭ ‬العامة‭.‬

ومنها‭ ‬معارك‭ ‬الإله‭ ‬“أهورا‭ ‬مزدا”‭ ‬في‭ ‬الديانة‭ ‬الزرادشتية،‭ ‬عندما‭ ‬قاتل‭ ‬باقي‭ ‬الآلهة‭ ‬وانتصر‭ ‬عليهم‭ ‬أو‭ ‬همشهم،‭ ‬وأصبح‭ ‬إله‭ ‬الخير‭ ‬الوحيد‭ ‬مؤسسًا‭ ‬بذلك‭ ‬عقيدة‭ ‬التوحيد‭.‬

وكتب‭ ‬الهندوس‭ ‬المقدسة‭ ‬مليئة‭ ‬بمشاهد‭ ‬الحروب،‭ ‬وأهمها‭ ‬وأكثرها‭ ‬قدسية‭ ‬كتاب‭ ‬“البغوات‭ ‬غيتا”‭ ‬أو‭ ‬ترانيم‭ ‬الإله،‭ ‬الذي‭ ‬يحث‭ ‬فيه‭ ‬الإله‭ ‬“كرشنا”‭ ‬الأمير‭ ‬“أرجون”‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬التردد‭ ‬عن‭ ‬خوض‭ ‬الحرب‭.‬

وإذا‭ ‬كنا‭ ‬نحن‭ ‬معشر‭ ‬المسلمين‭ ‬نؤمن‭ ‬و‭ ‬نشارك‭ ‬اخوتنا‭ ‬المسيحيين‭ ‬الاعتزاز‭ ‬بما‭ ‬أمر‭ ‬به‭ ‬النبي‭ ‬عيسى‭ ‬المسيح‭ (‬عليه‭ ‬السلام‭) ‬عندما‭ ‬قال‭: ‬“من‭ ‬ضربك‭ ‬على‭ ‬خدك‭ ‬فاعرض‭ ‬له‭ ‬الآخر‭ ‬أيضًا،‭ ‬ومن‭ ‬أخذ‭ ‬رداءك‭ ‬فلا‭ ‬تمنعه‭ ‬ثوبك‭ ‬أيضًا”،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬“إنجيل‭ ‬متى”‭ ‬في‭ ‬الإصحاح‭ ‬العاشر‭ ‬يروي‭ ‬بأن‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬قال‭: ‬“لا‭ ‬تظنوا‭ ‬أني‭ ‬جئت‭ ‬لألقي‭ ‬سلامًا‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬بل‭ ‬سيفًا”‭.‬

وعلى‭ ‬ذكر‭ ‬“السيف”،‭ ‬وهو‭ ‬رمز‭ ‬للقتل‭ ‬والحرب،‭ ‬فإن‭ ‬البعض‭ ‬يصف‭ ‬الإسلام‭ ‬بأنه‭ ‬“دين‭ ‬السَيف”،‭ ‬وللسيف‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬اسم،‭ ‬ولم‭ ‬ترد‭ ‬كلمة‭ ‬السيف‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬مترادفاتها‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬ولا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬بينما‭ ‬ورد‭ ‬ذكر‭ ‬السيف‭ ‬في‭ ‬الإنجيل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬مرة‭.‬

ويؤمن‭ ‬اليهود‭ ‬والمسيحيون‭ ‬بكتاب‭ ‬“التوراة”‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬أساس‭ ‬الإيمان‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم،‭ ‬ويعتبرونه‭ ‬أهم‭ ‬كتبهم‭ ‬المقدسة،‭ ‬وهذا‭ ‬الكتاب‭ ‬زاخر‭ ‬بصور‭ ‬العنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬وقصص‭ ‬القتل‭ ‬والتمييز‭ ‬والسبي‭ ‬والسلب‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والانتحار‭ ‬والخيانة‭ ‬والتآمر‭ ‬وقتل‭ ‬الأسرى‭ ‬والنساء‭ ‬والأطفال‭ ‬وحرق‭ ‬المدن‭ ‬وتدميرها،‭ ‬وليس‭ ‬ثمة‭ ‬مجال‭ ‬لدينا‭ ‬لاستعراضها‭ ‬جميعًا،‭ ‬لكننا‭ ‬سنكتفي‭ ‬بالتوقف‭ ‬عند‭ ‬جزء‭ ‬بسيط‭ ‬من‭ ‬مشاهدها‭.‬

فقد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬سفر‭ ‬العدد‭ ‬الإصحاح‭ ‬31‭ ‬الآية‭ (‬9‭): ‬“وسبى‭ ‬بنو‭ ‬إسرائيل‭ ‬نساء‭ ‬مديان‭ ‬وأطفالهم،‭ ‬ونهبوا‭ ‬جميع‭ ‬بهائمهم،‭ ‬وجميع‭ ‬مواشيهم‭ ‬وكل‭ ‬أملاكهم،‭ ‬وأحرقوا‭ ‬جميع‭ ‬مدنهم‭ ‬بمساكنهم،‭ ‬وجميع‭ ‬حصونهم‭ ‬بالنار”‭. ‬وفي‭ ‬السفر‭ ‬والإصحاح‭ ‬ذاته‭ (‬17/18‭) ‬هناك‭ ‬أمر‭ ‬واضح‭ ‬بقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬الأسرى‭ ‬وبعض‭ ‬النساء‭: ‬“فالآن‭ ‬اقتلوا‭ ‬كل‭ ‬ذكر‭ ‬من‭ ‬الأطفال،‭ ‬وكل‭ ‬امرأة‭ ‬عرفت‭ ‬رجلًا‭ ‬بمضاجعة‭ ‬ذكر‭ ‬اقتلوها‭. ‬لكن‭ ‬جميع‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬اللواتي‭ ‬لم‭ ‬يعرفن‭ ‬مضاجعة‭ ‬ذكر‭ ‬أبقوهن‭ ‬لكم‭ ‬حيات”‭.‬

ويظهر‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬أبشع‭ ‬صوره‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬أريحا‭ ‬حيث‭ ‬نزل‭ ‬الأمر‭ ‬بحرق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬ونساء‭ ‬وأطفال‭ ‬وشيوخ‭ ‬وحتى‭ ‬البقر‭ ‬والغنم‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬“راحاب‭ ‬الزانية”،‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬سفر‭ ‬يشوع‭ ‬الاصحاح‭ ‬السادس‭ ‬الآية‭ (‬21‭) ‬“وحرموا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬وامرأة،‭ ‬من‭ ‬طفل‭ ‬وشيخ،‭ ‬حتى‭ ‬البقر‭ ‬والغنم‭ ‬والحمير‭ ‬بحد‭ ‬السيف”،‭ (‬24‭): ‬“وأحرقوا‭ ‬المدينة‭ ‬بالنار‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بها،‭ ‬إنما‭ ‬الفضة‭ ‬والذهب‭ ‬وآنية‭ ‬النحاس‭ ‬والحديد‭ ‬جعلوها‭ ‬في‭ ‬خزانة‭ ‬بيت‭ ‬الرب”‭.‬

ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬عابر‭ ‬إلى‭ ‬سفر‭ ‬“إستير”‭ ‬الذي‭ ‬يروي‭ ‬قصة‭ ‬تعرض‭ ‬اليهود‭ ‬إلى‭ ‬مؤامرة‭ ‬لإبادتهم‭ ‬الكاملة‭ ‬عندما‭ ‬كانوا‭ ‬أسرى‭ ‬في‭ ‬بابل،‭ ‬لكن‭ ‬الله‭ ‬أنقذهم،‭ ‬وقلب‭ ‬الوضع‭ ‬لصالحهم،‭ ‬فتمكنوا‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬75‭ ‬ألفًا‭ ‬من‭ ‬أعدائهم‭ ‬والمتآمرين‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد،‭ ‬وهي‭ ‬مناسبة‭ ‬يحييها‭ ‬ويحتفل‭ ‬بها‭ ‬اليهود‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭.‬

مسكينة‭ ‬الفنانة‭ ‬بسمة‭ ‬الكويتية‭ (‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬كويتية‭ ‬الجنسية‭) ‬فلو‭ ‬كانت‭ ‬تعرف‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬لما‭ ‬قالت‭ ‬انها‭ ‬تركت‭ ‬الإسلام‭ ‬واعتنقت‭ ‬اليهودية‭ ‬لأن‭ ‬الإسلام‭ ‬دين‭ ‬إرهاب،‭ ‬ومسكينة‭ ‬أيضًا‭ ‬لأنها‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الشهرة‭ ‬لكنها‭ ‬أخطأت‭ ‬الهدف؛‭ ‬ولم‭ ‬تدرك‭ ‬بأن‭ ‬اليهود‭ ‬لن‭ ‬يرحبوا‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬يقبلوها‭ ‬في‭ ‬ديانتهم،‭ ‬لأن‭ ‬اليهودية‭ ‬ليست‭ ‬ديانة‭ ‬تبشيرية،‭ ‬ولا‭ ‬يعتبر‭ ‬يهوديا‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬يهودي،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬أمه‭ ‬يهودية،‭ ‬ولا‭ ‬يعتبر‭ ‬يهوديًا‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬صلب‭ ‬أو‭ ‬أب‭ ‬غير‭ ‬يهودي‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أمه‭ ‬يهودية،‭ ‬سامحها‭ ‬الله‭ ‬وهداها‭ ‬سواء‭ ‬السبيل‭.‬