كيف تفكر مثل بروست؟

| أميرة صليبيخ

بهيئته‭ ‬الضئيلة‭ ‬وجسده‭ ‬المتهالك،‭ ‬كان‭ ‬الروائي‭ ‬الفرنسي‭ ‬مارسيل‭ ‬بروست‭ ‬يقضي‭ ‬أغلب‭ ‬أيام‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬الفراش،‭ ‬لاعباً‭ ‬دور‭ ‬الوسادة،‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬ما‭ ‬سيصبح‭ ‬لاحقا‭ ‬أعظم‭ ‬رواية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأدب‭.‬

عانى‭ ‬بروست‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬مثل‭ ‬الربو،‭ ‬الذبحة‭ ‬الصدرية،‭ ‬آلام‭ ‬المفاصل،‭ ‬الدوار،‭ ‬سوء‭ ‬الهضم‭ ‬والإمساك‭ ‬الدائمين،‭ ‬الحمى‭ ‬والزكام،‭ ‬ضعف‭ ‬النظر‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬البلع،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ألزمه‭ ‬الفراش‭ ‬طوال‭ ‬حياته،‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬أخبر‭ ‬صديقا‭ ‬له‭ ‬بأنه‭ ‬يخاف‭ ‬الموت‭ ‬من‭ ‬الزكام،‭ ‬وبالفعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭!‬

المثير‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬بروست‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬متلازمة‭ ‬الخوف‭ ‬والكسل‭ ‬اللتين‭ ‬عاش‭ ‬بهما،‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬عادة‭ ‬التأمل‭ ‬في‭ ‬بطاقة‭ ‬جدول‭ ‬مواعيد‭ ‬رحلات‭ ‬القطار‭! ‬لقد‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬الغوص‭ ‬يوميا‭ ‬في‭ ‬دقائق‭ ‬التأمل‭ ‬هذه‭ ‬كفيل‭ ‬بأن‭ ‬يمدّه‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬الإلهام‭ ‬لصنع‭ ‬روايته‭ ‬وابتكار‭ ‬الشخوص‭ ‬التي‭ ‬تدّب‭ ‬فيها‭ ‬الحياة‭ ‬لحظة‭ ‬خروجها‭ ‬من‭ ‬المحطة‭. ‬كتب‭ ‬بروست‭ ‬روايته‭ ‬“البحث‭ ‬عن‭ ‬الزمن‭ ‬المفقود”‭ ‬مستخدما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬ونصف‭ ‬مليون‭ ‬كلمة‭! ‬وصُنّفت‭ ‬كأطول‭ ‬وأعظم‭ ‬رواية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأدب‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

إن‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬عقلك‭ ‬الباطن‭ - ‬أو‭ ‬كما‭ ‬تسميه‭ ‬الشاعرة‭ ‬الأميركية‭ ‬مايا‭ ‬أنجلو‭ ‬“العقل‭ ‬الكبير”‭ - ‬يلعب‭ ‬دور‭ ‬الساحر‭ ‬الذي‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬إخراج‭ ‬الأرنب‭ ‬من‭ ‬القبعة‭ ‬بمنتهى‭ ‬الأناقة‭ ‬والروعة،‭ ‬ليبهر‭ ‬آلاف‭ ‬المعجبين‭ ‬الذين‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬لن‭ ‬يتوقفوا‭ ‬عن‭ ‬التصفيق‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬البراعة‭ ‬الأدبية،‭ ‬فالدقائق‭ ‬القليلة‭ ‬السابقة‭ ‬للنوم‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تتخزن‭ ‬في‭ ‬عقلك‭ ‬الباطن‭ ‬وتشكل‭ ‬فكرك‭ ‬وعاداتك‭ ‬اليومية،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬اللحظات‭ ‬يأتي‭ ‬الإلهام،‭ ‬فالأفكار‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬عقلك‭ ‬الباطن‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬على‭ ‬حياتك‭ ‬سواء‭ ‬بالإيجاب‭ ‬أو‭ ‬السلب‭.‬

لذا‭ ‬راجع‭ ‬أفكارك‭ ‬قبل‭ ‬النوم‭ ‬واخترها‭ ‬بعناية‭.. ‬لتبدأ‭ ‬المعجزات‭ ‬بالظهور‭ ‬في‭ ‬حياتك‭.‬